بعد طلبه إلى الوزارات السورية إعداد مشروع موازناتها للعام المقبل، كشف المجلس الأعلى للتخطيط في مجلس وزراء حكومة بشار الأسد اليوم الاثنين، عن الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021، محدداً مبلغ 8500 مليار ليرة سورية، أي نحو 3.7 مليارات دولار (الدولار 2300 ليرة)، مقارنةً بموازنة بقيمة 4000 مليار ليرة لعام 2020 التي أقرت في عام 2019، أي نحو 6.2 مليارات دولار (الدولار كان حينها 640 ليرة).
وقال مجلس التخطيط السوري إن مشروع الموازنة يهدف إلى تأمين 70 ألف فرصة عمل في القطاعين الإداري والاقتصادي، ويركز على دعم وتحفيز القطاع الخاص الزراعي والصناعي والسياحي مع زيادة الاعتمادات الخاصة بالضمان الصحي.
من جهته، كشف وزير المالية بحكومة الأسد، كنان ياغي، عن أن النفقات العامة في موازنة عام 2021 موزعة على نفقات جارية (رواتب، أجور، تعويضات) بنحو 7 آلاف مليار ليرة سورية، و1500 مليار ليرة سورية إنفاقاً استثمارياً، مضيفاً أن مخصصات الدعم الاجتماعي بلغت 3500 مليار ليرة سورية موزعة على دعم الدقيق التمويني، ودعم المشتقات النفطية.
ويرى المحلل المالي السوري، علي الشامي، أن التراجع سمة عامة للاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة بسورية للعام المقبل، قياساً مع موازنة عام 2020 إذا ما قيست الموازنة بسعر أي عملة عالمية، عدا الليرة التي فقدت أكثر 300% من قيمتها بين نهاية عام 2019 وقت اعتماد موازنة عام 2020 وأسعار الليرة اليوم خلال مشروع موازنة العام الماضي، إذ لم يصل الدولار ورغم تراجعات عام 2019 إلى أكثر من 700 ليرة فيما يزيد سعر صرف الدولار اليوم على 2000 ليرة سورية.
ويضيف الشامي لـ"العربي الجديد": إذا ما قسنا الموازنة العامة للدولة للعام المقبل، وفق سعر الدولار، فهي أقل من موازنة عام 2011 قبل قيام الثورة، بل وأقل من موازنة العام الجاري، إن أخذنا التضخم وتراجع سعر الليرة بالحسبان، ما يعني أن ادعاء زيادة حجم الموازنة هو تضليل ولعب على الأرقام.
ويرى المحلل السوري أن المهم في تأمين مبلغ الموازنة العامة وليس بإقراره، لأن موارد سورية "عائدات نفط، فوائض مؤسسات اقتصادية وضرائب" تراجعت أكثر من 80%، بل تحول الميزان النفطي من رابح قبل الثورة، جراء تصدير 140 ألف برميل يومياً إلى خاسر ومرهق لنظام الأسد اليوم، بواقع استيراد نحو 200 ألف برميل يومياً.
ويتابع: من أين سيأتي نظام الأسد بهذه المليارات بعد إرهاق المصرف المركزي وتبديد الاحتياطي الأجنبي وإغراق الليرة بمستنقع التضخم بعد التمويل بالعجز وطبع أوراق نقدية بروسيا، من دون أي معادل ومكافئ، سواء نقد أجنبي أو معادن أو حتى إنتاج وخدمات.
ويتساءل المحلل الشامي: هل سيكشف نظام بشار الأسد قطع الحسابات لموازنة عام 2020 قبل أن يقرّ موازنة العام المقبل، وخاصة لجهة تأمين العجز الذي اعترف به معاون رئيس هيئة تخطيط الدولة منذ إقرار موازنة العام الجاري، البالغ نحو 1500 مليار ليرة من إجمالي الموازنة، أم سيدوّر العجز ويضلل النظام الشعب وتتغنى حكومته بالمليارات النظرية؟
يذكر أن هيئة التخطيط التابعة لحكومة الأسد قد أعلنت العام الماضي أن موازنة 2020 تتضمن عجزاً بنحو 35% من إجمالي الموازنة البالغة 4000 مليار ليرة، وأن المبلغ المخصص لدعم المشتقات النفطية تراجع بنسبة أكثر من 96% "من نحو 343 مليار ليرة عام 2019 إلى 11 مليار ليرة عام 2020".
ويرجح مراقبون أن نظام بشار الأسد سينسحب من دعم المشتقات النفطية بعد رفع الأسعار لخمس مرات خلال الثورة، بل ربما، بحسب هؤلاء، رُفع الدعم العام المقبل عن الخبز بعد بيعه حسب البطاقة الذكية، ولكل أسرة أقل من 2 كلغ يومياً.
كذلك سيطاول تراجع الدعم صندوق المعونة الاجتماعية وتثبيت الأسعار الذي خصصت لهما حكومة الأسد بموازنة العام الجاري نحو 500 مليار ليرة، فيما خصصت 10 مليارات ليرة لصندوق الدعم الزراعي، وكان الدعم الأكبر في موازنة عام 2020 لقطاع الكهرباء بمبلغ 711 مليار ليرة.