16 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدة للحصول على الطعام يومياً. 11 مليوناً يعانون من انعدام غذائي شديد. 5 ملايين يمني وصلوا إلى مستوى الطوارئ الغذائية، و50 ألفاً يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة، وفقاً لتقارير برنامج الغذاء العالمي.
البطون الخاوية تتزايد في البلاد، وانتشار موجة جديدة من فيروس كورونا يفاقم الأزمة الإنسانية الطاحنة، المتزامنة مع المعارك المتصاعدة في مأرب شرقي البلاد منذ منتصف الشهر الماضي.
وزادت هذه المخاوف من اضطراب الأسواق اليمنية، في حين دفعت إلى تصاعد أسعار الوقود والسلع الغذائية والاستهلاكية التي تشهد زيادة تدريجية ومتواصلة. وتسود توقعات باتجاه اليمن نحو أزمة غذائية كارثية سيكون من الصعب احتواؤها وفق مراقبين ومختصين في الشأن الاقتصادي.
وتركزت موجة الارتفاعات السعرية في عدد من السلع أهمها الدقيق الذي زاد سعره بنسبة تصل إلى أكثر من 80 في المائة، بعدما وصل في صنعاء إلى نحو 17 ألف ريال، فيما تجاوز في عدن العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية أكثر من 25 ألف ريال.
يؤكد الخبير الاقتصادي علي كليب عضو المرصد الاقتصادي اليمني، لـ"العربي الجديد"، أن على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته في مساعدة اليمن ومد يد العون للمواطنين الذين لم يعد باستطاعتهم تحمل أزمات إضافية متفاقمة ومتكررة منذ بداية الحرب، ومن هنا تنبع مخاوفهم من تسلل فيروس كورونا من جديد خصوصاً في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دولياً.
وفشل مؤتمر المانحين الذي استضافته حكومتا سويسرا والسويد في الوصول إلى مستوى الاحتياجات التمويلية التي يحتاجها اليمن والتي قدرتها الأمم المتحدة بنحو 3.85 مليارات دولار. ويعتقد كليب أن ذلك بسبب ما تعانيه هذه الدول من تبعات اقتصادية كارثية نتيجة انتشار كورونا. لكنه يرى أن على المجتمع الدولي عدم التخلي عن اليمنيين في ظل انشغال جميع الأطراف في الصراع الدائر في البلاد.
إذ يلفت إلى إمكانية حل مشكلة نقص التمويل بضبط العمليات المتبعة في الإغاثة الإنسانية التي تشوبها اختلالات واسعة تتسبب بهدر جزء كبير من هذه المساعدات التي لا تذهب إلى مستحقيها. محافظتا حضرموت وتعز، تعتبران من أكثر المحافظات اليمنية التي تشهد ارتفاعاً تدريجياً في عدد الإصابات بفيروس كورونا، إضافة إلى عدن والمهرة وشبوة بنسبة أقل، ويعبّر المواطنون هناك عن مخاوفهم من تحول هذا الانتشار إلى موجة واسعة تفوق بكثير الموجة الأولى، التي رغم أنها كانت متوسطة، إلا أنها تسببت بإرهاقهم معيشياً.
المواطن وائل الشيباني مالك مطعم في محافظة تعز، يقول لـ"العربي الجديد"، إن قلقه ينبع من وصول الأزمة إلى مرحلة فرض الحجر الصحي وإغلاق منشآت الأعمال مثل المطاعم وغيرها والتي لم يعد بإمكانها تنفيذ مثل هذه القرارات في حال صدورها خصوصاً أنها تشغل أعداداً كبيرة من الأيادي العاملة.
ويشير المواطن أحمد بن سند الغيلي، من سكان مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، إلى اختلاف الوضعية في المحافظة الواقعة جنوب شرقي اليمن، التي تأتي في طليعة المحافظات اليمنية التي انتشر فيها الفيروس في الموجة الأولى منتصف العام الماضي، كذلك في الموجة الثانية يتم رصد حالات إصابة يومية.
ويضيف لـ"العربي الجديد"، أن الأزمة أرهقت الناس مادياً ونفسياً، وهو ما يجعلهم يتخوفون بشكل كبير من توسع الموجة الثانية في ظل ارتفاع الأسعار خاصة السلع الغذائية كالدقيق والدواء. وشهد اليمن في بداية الحرب انخفاضاً ملحوظاً في القمح المستورد بحوالي 40 في المائة، ثم عادت الكميات للارتفاع في 2019 بسبب إصلاح مرافق تخزين الغلال وطحنها في إحدى الشركات الكبيرة في عدن.
يتزامن ذلك مع زيادة واضحة في الدقيق المستورد بنسبة تتعدى 500 في المائة، وعلى الأرجح أن زيادة استيراد الدقيق جاءت للتعويض عن انخفاض سعة التخزين وقدرات طحن القمح وتضرر الموانئ في كل من عدن والحديدة جراء الحرب، إضافة إلى استحواذ الدقيق على السلال الغذائية التي تقدمها منظمات الإغاثة.
وتشير البيانات المتاحة إلى ارتفاع واردات اليمن من القمح والدقيق بما فيها المساعدات الإغاثية من حوالي مليوني طن متري قبل الحرب إلى حوالي 2.9 مليون طن متري العام الماضي بمعدل زيادة أكثر من 11 في المائة، إذ تعتبر من أهم السلع غير النفطية المستوردة التي تستنفد النقد الأجنبي.
ويستورد اليمن معظم احتياجاته من أستراليا وأميركا وروسيا، وتشكل واردات القمح والدقيق 65 في المائة منها، باستثناء المساعدات الإنسانية إلى اليمن والتي تأتي عبر ميناءي الصليف والحديدة غربي البلاد، بينما تمر الواردات التجارية عبر ميناء عدن بنسبة كبيرة وعبر موانئ حضرموت بنسبة ضئيلة.