مع اقتراب عملية التصويت في استفتاءات انضمام 4 مقاطعات شرق أوكرانيا (دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون) إلى روسيا من نهايتها يوم غد الثلاثاء، ثمة تساؤلات حول مصير محطة زابابوريجيا النووية التي تعد الأكبر في أوروبا، في سابقة وقوع محطة نووية على أرض متنازع عليها بين بلدين في حالة حرب.
وعلاوة على ذلك، تواجه شركة "روس آتوم" الروسية التي من المنتظر أن تتولى تشغيل محطة زابوريجيا بعد ضم المقاطعة إلى سيادة موسكو، خطر فرض عقوبات غربية عليها قد تلقي بظلالها على مشاريعها المتعلقة ببناء محطات نووية في مختلف دول العالم، بما فيها تركيا ومصر، وهو ما تطالب به كييف.
ومنذ الأيام الأولى للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، اتجهت أنظار العالم أجمع إلى محطة زابوريجيا باعتبارها أول محطة نووية على كوكب الأرض تقع في قلب أعمال قتال مكثفة، وسط مخاوف من وقوعها بعد استكمال إجراءات ضم مناطق شرق أوكرانيا إلى روسيا ضمن منطقة رمادية للقانون الدولي.
ومن وجهة النظر القانونية، فإن الشركة المشغلة لمحطة زابوريجيا في الوقت الحالي هي شركة "إنيرغو آتوم" الأوكرانية التي لا يزال العاملون بالمحطة يخضعون لها إجرائيا رغم أن المحطة وقعت فعليا تحت سيطرة العسكريين الروس منذ بداية مارس/آذار الماضي.
أما شركة "روس آتوم" الحكومية الروسية المعنية بتشغيل وبناء المحطات النووية، فأوفدت خبراءها إلى زابوريجيا لتقديم "عون استشاري" فقط، وفق الرواية الرسمية للشركة.
لكن في حال استنساخ تجربة شبه جزيرة القرم في ما بعد الضم في عام 2014، فإنه عقب انضمام أقاليم جديدة إلى روسيا، ستنتقل الممتلكات الموجودة فيها والمملوكة للسلطات والشركات الحكومية الأوكرانية، بما فيها محطة زابوريجيا، إلى ملكية الإقليم ذاته أو روسيا، ما يعني تأميمها فعليا.
وقانونا، لا يجوز تشغيل محطة نووية في روسيا إلا بواسطة شخصية اعتبارية روسية تملك التراخيص اللازمة ومدرجة على سجل خاص. ويتولى تحالف "روس إنيرغو آتوم" التابع لـ"روس آتوم" ذلك تلقائيا.
إلا أن تسليم تشغيل المحطة لـ"روس آتوم" التي تتولى أعمال بناء عدد من المحطات النووية حول العالم، سيعرض الشركة الروسية ومشاريعها الخارجية لخطر العقوبات الغربية، مهددا مكانتها الرائدة عالميا.
ومع ذلك، يرجح الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، سيرغي بالماسوف، ألا تؤدي العقوبات الغربية المرتقبة إلى تعطل تحقيق المشاريع الجاري تحقيقها مثل محطتي أك كويو في تركيا والضبعة في مصر، جازما في الوقت نفسه بأن القاهرة وأنقرة ستتعرضان لضغوط غربية لتقليص تعاونهما مع موسكو.
ويقول بالماسوف في حديث لـ"العربي الجديد": "من المتوقع أن تستهدف العقوبات الغربية الجديدة كافة الشركات الروسية التي على صلة بالسلطة والقطاعات الأكثر ربحية، ناهيك عن الضغوط على الدول الثالثة المتعاملة معها مثل تركيا ومصر".
ومع ذلك، يقلل من تأثير العقوبات الجديدة المحتملة على المشاريع الجاري تحقيقها بالفعل مثل أك كويو والضبعة، مضيفا: "صحيح أن مصر اليوم ليست في عهد جمال عبد الناصر، وأن لها شركاء غربيين كثيرين، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مستعد للتنازل عن الشراكة مع روسيا في حال قدم الغرب له عرضا مغريا مقابل ذلك، ولكن مصالحهما الوطنية تملي على القاهرة وأنقرة المضي قدما في تحقيق مشروعيهما النوويين".
وحول دوافع تركيا ومصر لمواصلة تعاونهما مع روسيا في قطاع الطاقة الذرية السلمية، يتابع "محطة الضبعة هي مشروع حيوي للبنية التحتية المصرية في مجال الطاقة لمواكبة زيادة استهلاك الكهرباء في ظروف الزيادة السكانية، بينما تحتاج تركيا هي الأخرى إلى إنتاج مزيد من الطاقة لتلبية احتياجات قطاعها الصناعي المتنامي، فهي لم تعد مجرد وجهة للسياحة الشاطئية كما يتصورها كثيرون".
وحتى الآن لم تلق الحرب في أوكرانيا بظلالها على مشاريع "روس آتوم" وبدئها في يوليو/تموز الماضي، أعمال بناء الوحدة الرابعة لمحطة أك كويو بقوة 1200 ميغاواط، وذلك بالتزامن مع بدء أعمال بناء محطة الضبعة التي من المنتظر أن تزيد حصتها في إنتاج الكهرباء في مصر عن 10 بعد تشغيلها بحلول عام 2030.
وبحسب النبذة على موقع "روس آتوم"، فإن شركة "آتوم ستروي إكسبورت" التابعة لها والمعنية بإنشاء محطات نووية في الخارج كمقاول عام، تتولى في الوقت الحالي أعمال بناء عدة محطات نووية خارج روسيا، بما في ذلك في تركيا ومصر والهند وبنغلادش والصين وحتى المجر، ولعل هذا ما دفع ببودابست لتجديد رفضها لأي عقوبات أوروبية جديدة محتملة تمس التعاون مع موسكو في مجال الطاقة النووية.
وكان وزير الطاقة الأوكراني، هيرمان هالوشينكو، قد بحث مع نظيرته الأميركية، جنيفير غرنهولم، في الأسبوع الماضي، مسألة فرض عقوبات على "روس آتوم"، محملا الشركة الحكومية الروسية المسؤولية عن "المشاركة المباشرة في العدوان على أوكرانيا والتستر على أعمال الإرهاب النووي"، وداعيا إلى التخلي عن التكنولوجيا النووية الروسية، بما في ذلك بالمشاريع الجاري تحقيقها.