بدأ عددٌ من المودعين والناشطين في لبنان، اليوم الخميس، حملة على عدد من المصارف اللبنانية في بيروت، حيث عمدوا إلى إشعال الإطارات أمام بعض الفروع المصرفية وتحطيم الواجهات وماكينات الصراف الآلي اعتراضاً على الممارسات المصرفية واحتجاز ودائعهم الدولارية، في وقتٍ يتجاوز سعر صرف الدولار 80 ألف ليرة.
وتواصل جمعية المصارف في لبنان إضرابها المفتوح منذ 7 فبراير/ شباط الجاري، ويشمل الإقفال الجزئي مع الإبقاء على خدمات الزبائن الأساسية، وذلك اعتراضاً على الاستدعاءات القضائية بحقها، وعدم الاعتراف بالشيك المصرفي كوسيلة دفع وإيفاء للودائع وإلزامها بالتعامل النقدي.
وتلوّح المصارف باتخاذ قرار بالإقفال الشامل مع إيقاف جميع العمليات المصرفية، في خطوة يضعها خبراء اقتصاديون في خانة الضغط على السلطة السياسية لإقرار قانون الكابيتال كونترول، الذي يؤمّن لها الحماية القضائية في ظل الدعاوى الكثيرة التي ترفع ضدها، والتي صدرت في عددٍ منها أحكام لصالح المودعين.
وعبّر المودعون الذين يتنقّلون من فرع إلى آخر في منطقة بدارو – بيروت عن امتعاضهم وغضبهم من ممارسات المصارف، التي تواصل كما يقولون إذلال الناس وحجز ودائعهم ومنعهم من سحبها إلا بشروط وتعاميم تفقدها الكثير من قيمتها، في وقتٍ يسجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء أرقاماً خيالية.
#BREAKING: video sent by L'Orient-Le Jour's correspondent shows protestors burning tires in front of Bank Audi in Badaro. This comes after the Lira hit LL80,000 against the dollar. Banks have been on strike since last week pic.twitter.com/QNJGGCeagW
— Wael Taleb (@waeltaleb23) February 16, 2023
وأكد المودعون أنّ حملة تحرير الودائع من المصارف بدأت، وهم مستمرون في تحركهم اليوم الذي سيكون له وقع تصعيدي ليشمل بيوت أصحاب ومديري المصارف، مطالبين المواطنين بالنزول إلى الشارع ودعمهم وعدم السكوت عن حقهم، بعد مرور 4 سنوات على الأزمة الاقتصادية من دون أي حلّ.
وتوجه المودعون إلى منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في منطقة سن الفيل في بيروت، حيث أضرموا النار بحاويات قرب المنزل، في ظل تأكيدات باستمرار التحركات ميدانياً وعبر القضاء.
حريق أمام مدخل منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل، وقوى الأمن تحاول اخماده من داخل المبنى.#أخبار_الساحة #يسقط_حكم_المصرف pic.twitter.com/nqJNNSDVzC
— أخبار الساحة (@Akhbaralsaha) February 16, 2023
وقال تحالف "متحدون"، الذي يعدّ من الداعين للتحرك، في بيان له: "كما كان أعلن أول من أمس، انطلق صباح اليوم الخميس تحرك جمعية صرخة المودعين من ساحة الشهداء، جامع الأمين، برفقة محامين من تحالف (متحدون) وناشطين نحو مباني المصارف، هذه المرّة في محلة بدارو، وسط غضب المودعين العارم وإصرارهم على استعادة ودائعهم ورفضهم أية مماطلة إضافية بهذا الخصوص".
وأضاف البيان: "استقل المودعون الباصات وتوجهوا إلى شارع بدارو قرب قصر عدل بيروت، ثم عمدوا إلى إضرام النيران بواسطة حرق الإطارات أمام مدخلي مصرفي فرنسبنك وعودة، قبل أن يتطور الأمر إلى تكسير واجهات زجاج بنك بيبلوس وBBAC وإشعال الإطارات أمام الأخير، ثم الانتقال إلى تحطيم واجهة البنك اللبناني الفرنسي، ودواليك، في ظل وجود كثيف لعناصر القوى الأمنية والجيش، كما عمدت سيارات الدفاع المدني إلى إطفاء الحرائق".
ولفت البيان إلى أنّ الهدف من التحرك "توجيه رسالة إنذار أخيرة وحاسمة، بضرورة وقف تعسّف وتعنّت أصحاب المصارف وجمعيتهم التي جرى الادعاء عليها أول من أمس بعرقلة العدالة كـ(جمعية أشرار)، وضرورة تطبيق القرارات القضائية المبرمة ولا سيما قراري محكمة التمييز بشأن مصرف فرنسبنك".
وسجّل سعر صرف الدولار، صباح اليوم الخميس، رقماً قياسياً جديداً بتجاوزه عتبة 80 ألف ليرة لبنانية، في وقتٍ سجلت كذلك أسعار المحروقات ارتفاعاً كبيراً، ليقترب العداد إلى مليوني ليرة كسعر لصفيحتي البنزين والمازوت، وسعر قارورة الغاز إلى مليون ليرة.
وفي الجدول الأول الذي يصدر عن وزارة الطاقة صباحاً، ارتفع سعر البنزين 95 أوكتان 28 ألف ليرة، و98 أوكتان 29 ألف ليرة، والمازوت 27 ألف ليرة، والغاز 18 ألف ليرة، لتصبح الأسعار على الشكل الآتي: بنزين 95 أوكتان 1,424,000 ليرة، بنزين 98 أوكتان 1,457,000 ليرة، المازوت 1,396,000 ليرة، وقارورة الغاز 921,000 ليرة.
وعمدت محطات وقود في بيروت اليوم إلى رفع خراطيمها اعتراضاً على التسعيرات الصادرة عن وزارة الطاقة والمياه، وللمطالبة بدولرة القطاع وتسعير المواد بالدولار، على أن يدفع المواطن العملة الصعبة نقداً، أو وفق سعر الصرف في السوق السوداء، في خطوة يتخوّف منها اللبنانيون خصوصاً أنّ أسعار الصرف تختلف تبعاً للتطبيقات، وبين تاجر وآخر، أو صاحب محطة وقود وآخر، بحيث يختارون تسعيرات تفوق تلك المعتمدة من قبل الصرافين.
وترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اجتماعاً، اليوم الخميس، لبحث ملف المحروقات، شارك فيه وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، ووزير الطاقة والمياه وليد فياض، وممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، وأمين سر نقابة المحطات حسن جعفر، ورئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس.
وأعلن فياض، في تصريحات بعد الاجتماع، أنّ "التسعيرة للمواطن ستبقى بالليرة اللبنانية مع تعديلها من أجل أن تعكس سعر صرف الدولار، كي لا تخسر المحطات الجعالة"، مشيراً إلى أنه "عندما يتغير سعر صرف الدولار بشكل كبير في يوم واحد ويزيد أكثر مما يمكن تحمله، يجب إيجاد طريقة للتغيير بشكل ديناميكي أكثر وصولاً إلى أكثر من مرتين في النهار إذا توجب الأمر".
وقال فياض "نحن نخضع لتقلبات سعر صرف الدولار للأسف وللمضاربات التي تقوم بها بعض الجهات ولا نعرف من هي، لسعر صرف الدولار، وهنا نتساءل ماذا يجعل التلاعب وسعر ارتفاع الدولار كثيراً إلى هذا الحد؟ نحن نقوم بواجباتنا وخرجنا بالمبدأ متفقين في هذا الاجتماع".
وأشار إلى أننا "نعمل على تطبيق يسهل موضوع إنتاج تعرفة للبنزين في شكل ديناميكي أكثر مع تغيرات سعر الصرف، ولا نزال نقوم بتجارب عليها وسنعلن عنها عندما تصبح جاهزة".
من جهته، أعلن وزير الاقتصاد أنه "بالنسبة إلى التسعير في السوبرماركت فسيصار بعد ظهر اليوم إلى إصدار إعلان لكي تصبح التسعيرة بالدولار، وهذا الأمر مختلف قليلاً عن موضوع الطاقة، لأننا في موضوع السوبرماركت لا يمكننا تسعير 38 ألف منتج غذائي، فالدولار يستعمل كنقطة انطلاق حتى تستطيع الناس اتباع مؤشر معين، وهذا هو الفارق بين هذا الموضوع وموضوع الطاقة".
وقال سلام إنّ "لبنان يستورد حوالي 98% مما يستهلك بما فيها المواد الغذائية والمحروقات، نحاول إيجاد طريقة في ظل هذه الفوضى لإزالة القناع عن العملة اللبنانية تجاه الدولار، لأنّ كل المواد الأولية والغذائية تستورد بالدولار، والعملة اللبنانية باتت اليوم تستغل من قبل الصرافين والسوق السوداء وتجار الأزمات، ويتم استغلال الأمور لكي يحصل تضخم، فأصبحنا بحاجة لتعبئة أكياس لشراء المحروقات أو الاحتياجات من السوبرماركت".
ورأى سلام أنّ "هذا هو التضخم بحد ذاته، فالتضخم ليس من خلال إيجاد حلول لضبط هذه الأمور، والتضخم هو أن تبقى العملة اللبنانية تحت قناع الدولار الذي يستعمل لشراء وبيع كل الاحتياجات، فنخلق التضخم ونطبع عملة إضافية بشكل أكبر وتحصل الأزمة في البلد".