لا يزال السودانيون يواجهون باستمرار مستويات عالية من سوء التغذية الحاد، رغم أن الاقتصاد المحلي يعتمد بشكل كبير على الزراعة.
ومع ذلك، فإن هذا القطاع عرضة لصدمات المناخ والإنتاجية المنخفضة، بسبب ضعف البنية التحتية وخسائر ما بعد الحصاد بالإضافة إلى تراجع الاهتمام الحكومي.
ويؤكد خبراء في القطاع أن وضع الأمن الغذائي في السودان يزداد سوءًا بسبب التأثيرات الاقتصادية السلبية جراء جائحة كوفيد-19، وبعض الإجراءات الحكومية التي عرقلت القطاع الزراعي، ما أدى إلى زيادة تهديدات الأمن الغذائي في البلاد.
وتلقى برنامج الغذاء العالمي في السودان، أخيرا، مساهمة قدرها (8.24 ملايين دولار)، من إدارة التنمية الدولية للمملكة المتحدة لدعم أنشطة المساعدات الغذائية والنقدية للأسر السودانية الضعيفة.
وقال برنامج الغذاء العالمي في بيان، إن "هذا التمويل المرن سيمكن برنامج الأغذية العالمي من تقديم المساعدات الغذائية والنقدية الطارئة للأسر السودانية الضعيفة التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي".
وقال المدير القطري لبرنامج الغذاء العالمي في السودان إيدي رو، وفقا للبيان: "يعاني واحد من كل أربعة أشخاص في السودان من الجوع الحاد".
وفي هذا السياق، أكد مدير الأمن الغذائي بوزارة الزراعة عمار بشير على أهمية وضع حلول لمواجهة مهدِّدَات الأمن الغذائي السوداني.
ودعا إلى تقوية الاعتماد على الإنتاج الغذائي المحلي، دون الارتكاز بصورة مستديمة على الاستيراد، كما دعا لتنشيط وتحريك التجارب الناجحة في هذا المجال وزيادة المنتجات المحلية كالذرة الشامية وغيرها.
وأكد بشير أن البلاد تأثرت بالحرب الروسية على أوكرانيا باعتبارها من أكبر مناطق إنتاج وإمداد الحبوب الغذائية، إضافة لذلك تمثل القطب الثاني بعد الخليج العربي في إمدادات الطاقة (بترول/ غاز) والمصدر الأول لقارة أوروبا.
ويشير تقرير بعثة تقييم المحاصيل والأمن الغذائي الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي إلى أنه من المتوقع أن يكون الإنتاج المحلي في السودان من الحبوب في الموسم الزراعي الحالي نحو 5.1 ملايين طن متري. وهذا سيغطي فقط احتياجات أقل من ثلثي عدد السكان، ما سيترك الكثيرين يعتمدون على المساعدات الغذائية الإنسانية وواردات الحبوب الأساسية بأسعار تفوق قدرة معظم المستهلكين.
وفى هذا السياق، أكد الباحث الاقتصادي عادل عبد العزيز على أهمية استغلال موارد السودان الزراعية، في إشارة لتأثر إمدادات الغذاء للدول العربية بالحرب الروسية الأوكرانية.
وأكد عبد العزيز لـ"العربي الجديد"، أن السودان من أكثر الدول العربية تأهلا للعب دور كبير في توفير المنتجات الزراعية، داعيا وزارة الزراعة والوزارات المختصة للتعاون مع وزارة الخارجية والاستعانة بخبراء المنظمة العربية للتنمية الزراعية، لتطوير الاستراتيجية الزراعية السودانية.
وأشار إلى ضرورة تشجيع الشركات الوطنية ورأس المال الوطني على الاستثمار في الزراعة بمنحهم الأراضي بأسعار رمزية وحمايتهم وتوفير البنية التحتية لهم في مناطق الإنتاج.
يشير تقرير بعثة تقييم المحاصيل والأمن الغذائي الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي إلى أنه من المتوقع أن يكون الإنتاج المحلي في السودان من الحبوب في الموسم الزراعي الحالي نحو 5.1 ملايين طن متري
ويمتلك السودان أراضي صالحة للزراعة تمكِّنه من أن يلعب دوراً مهماً في دعم الأمن الغذائي المحلي والعربي، حيث يوجد في السودان 48 في المئة من إجمالي الأراضي الزراعية في الوطن العربي، حسب دراسات حديثة. كذلك يمتاز السودان بموقع جغرافي متميز، كما تتوفر في السودان إمكانيات وموارد طبيعية ضخمة، إلى جانب ثروة حيوانية تقدر بنحو 103 ملايين رأس من الأبقار والضأن والماعز.
ويقول الاقتصادي السوداني حمد توفيق إن السودان مؤهل لكي يكون حاضنة للاستثمار الزراعي العربي، ويصلح لإنتاج سلع غذائية أساسية، كالحبوب والسكر والبذور الزيتية واللحوم والألبان، ما يساهم في سد نسبة كبيرة من الفجوة الغذائية العربية، وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه مع تزايد أزمة الغذاء العالمية وانعكاساتها على المنطقة العربية، لا بد من سياسات تعمل على تزايد الاهتمام بالاستثمار الزراعي في السودان.
وسبق أن قدمت الحكومة تسهيلات وفرتها لتصدير وتسويق المنتجات والزراعات وبذلت جهوداً لجذب الاستثمارات العربية في القطاع الزراعي. وبالفعل جذبت استثمارات أردنية وإماراتية وليبية ومصرية وسعودية لاستصلاح الأراضي الزراعية، إلا أنها ليست على المستوى المأمول، حسب توفيق.
ويشير الباحث السوداني محمد إبراهيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن السودان يعاني من ضعف البنية التحتية ونقص شديد في الطرق، ما يؤثر سلبا على قطاع الزراعة، ويقول إنه رغم طبيعة السودان الغنية بالأراضي الزراعية الخصبة تواجه المزارعين صعوبات كثيرة.