شهدت سوق العمل الأميركية خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري ارتفاعاً في عمليات تسريح العمالة في العديد من الشركات، الأمر الذي عكس التحديات المستمرة التي تواجه الاقتصاد الأميركي نتيجة ارتفاع تكاليف الاقتراض وضعف الأداء في بعض القطاعات الحيوية. ووفقاً لتقرير صادر عن شركة "تشالنجر، غراي آند كريسماس"، ارتفع عدد الوظائف الملغاة منذ بداية العام حتى أكتوبر ليصل إلى 664.8 ألف وظيفة، مسجلاً زيادة سنوية قدرها 3.7% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. ويعد هذا الرقم الأعلى منذ أربع سنوات، ويعكس ضغوطاً متزايدة في سوق العمل بسبب التقلبات الاقتصادية الراهنة.
وخلال أكتوبر، أعلنت الشركات عن خطط لإلغاء 55.59 ألف وظيفة، وهو انخفاض بنسبة 23.7% عن خطط التسريح المسجلة في سبتمبر/أيلول، والتي بلغت حينها 72.8 ألف وظيفة. ومع ذلك، لا يزال العدد أعلى بنسبة 51% مقارنة بأكتوبر العام الماضي، الذي شهد إلغاء 36.8 ألف وظيفة. وتشير هذه الزيادة السنوية في أكتوبر إلى تزايد المخاوف حول استقرار سوق العمل الأميركية في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.
وكان قطاعا الطيران والدفاع الأكثر تأثراً بعمليات تسريح العمالة في أكتوبر، حيث تصدرا قائمة القطاعات المتضررة بإلغاء 18.4 ألف وظيفة، مدعومين بإعلان شركة "بوينغ" عن خفض 17 ألف وظيفة ضمن عملياتها. ويعكس هذا الرقم حجم الضغوط التي تواجهها صناعات الطيران والدفاع، خاصةً في ظل تقلص الطلب وتزايد التكاليف التشغيلية، مما اضطر الشركات الكبرى إلى اتخاذ تدابير لتقليل الأعباء المالية وتعزيز استدامتها.
ومن جهة أخرى، ورغم إعلان بعض أصحاب العمل عن خطط لتوظيف 750.33 ألف عامل خلال العام الجاري، إلا أن هذا الرقم يعد الأدنى منذ عام 2016، عندما سجلت الشركات خططاً لتوظيف 724.5 ألف عامل. ويعكس هذا الانخفاض حذراً ملحوظاً من قبل الشركات في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض وضعف النمو الاقتصادي، حيث يفضل العديد من الشركات التريث في التوظيف حتى تتضح الرؤية الاقتصادية بشكل أكبر.
وفي ظل هذه الظروف، تتزايد الضغوط على بنك الاحتياط الفيدرالي لتسريع وتيرة خفض الفائدة لتخفيف الأعباء عن الشركات وتحفيز النشاط الاقتصادي. ومن المتوقع أن يتم تناول هذا الملف بجدية في اجتماع البنك الفيدرالي المقبل، المقرر عقده في السادس والسابع من نوفمبر/تشرين الثاني. وقد يؤدي خفض الفائدة إلى تخفيف الضغط على سوق العمل وتمكين الشركات من إعادة النظر في خططها التشغيلية والتوظيفية.
ومع ترقب المستثمرين لبيانات الوظائف التي ستصدر يوم الجمعة، قد تتضح مؤشرات أوضح حول حالة سوق العمل وتوجهاته المستقبلية. وستكون هذه البيانات ذات أهمية كبيرة في تحديد اتجاهات السياسة النقدية، إذ يتطلع العديد من المستثمرين والمحللين إلى خطوات قد تساعد في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحفيز النمو خلال المرحلة المقبلة.