واصلت العملات المشفرة تراجعها يوم الخميس، على خلفية اتخاذ بنك سيلفرغيت للعملات المشفرة قراراً بتصفية أعماله وإعادة ما لديه من أرصدة، بعدما سحب العملاء مليارات الدولارات منه خلال الفترة الأخيرة.
ومَثَّل إغلاق البنك، الذي تأسس أواخر الثمانينيات وشهد نمواً كبيراً خلال العقد الأخير واعتبر إحدى أهم ركائز نمو الصناعة، ضربة جديدة لها، بعد إفلاس عدة منصات شهيرة كبرى، كبدت مستثمري العملات المشفرة مليارات الدولارات.
وخلال سنوات انتعاشه الكبير، عمد البنك إلى جذب شركات العملات المشفرة كعملاء، فلبى حاجة ضرورية بحثت عنها الأسواق كثيراً في ذلك الوقت، لصعوبة العثور على الشركات التقليدية الراغبة في تقديم الخدمات المرتبطة بنشاط العملات المشفرة.
ومع نمو سوق هذه العملات، نما البنك الذي أصبح مفضلاً بصورة واضحة في الصناعة، ما عزز قاعدة ودائعه، وصولاً إلى 14.3 مليار دولار بحلول نهاية عام 2021.
لكن الأمور لم تدم على هذا الحال، عندما توجت سلسلة من حالات الإفلاس في صناعة العملات المشفرة بادعاءات احتيال ضد منصة التداول إف تي إكس FTX أواخر العام الماضي، وكانت لسيلفرغيت علاقة مصرفية معها.
وخلال الربع الأخير من 2022، شهد سيلفرغيت موجة نزوح للودائع، حيث خرج من البنك أكثر من 8 مليارات دولار، لتصبح ودائع البنك 3.8 مليارات دولار فقط.
وقال رئيس اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ شيرود براون، في بيان، بشأن الانهيار: "نشهد اليوم ما يمكن أن يحدث عندما يكون البنك مفرط الاعتماد على قطاع محفوف بالمخاطر ومتقلب مثل العملات المشفرة".
وخلال تعاملات يوم الخميس، انخفض سعر بيتكوين بنسبة 2% إلى 21,570 دولاراً، كما خسرت عملة إيثر ما يقرب من ذلك، وجرى تداولها عند 1,527 دولاراً للوحدة الواحدة.
وبدأ تحرك العملات إلى الأسفل على استحياء في وقت متأخر من مساء الأربعاء، بعد ساعات قليلة من إعلان سيلفرغيت كابيتال تصفية أعماله.
وفي نصف الساعة الأولى من تعاملات الخميس، فَقَدَ سهم البنك أكثر من ثلث قيمته، ليصل ما خسره خلال خمسة أيام إلى ما يقرب من نصف قيمته.
وقال كونور رايدر، محلل الأسواق في شركة الأبحاث كايكو، في لقاء مع قناة "سي أن بي سي" الإخبارية، إن الحجم الصغير نسبيًا للانخفاض في أسعار العملات المشفرة يرجع ربما إلى أن مستثمري العملات المشفرة قاموا بتسعير الأخبار الأسبوع الماضي، عندما حذرت الشركة لأول مرة من أنها قد لا تكون قادرة على مواصلة العمل، وأغلقت شبكة SEN أو Silvergate Exchange Network، والتي يستخدمها العملاء لتبديل عملاتهم إلى العملات المشفرة، والعكس.
وتمثل النهاية الحزينة لبنك سيلفرغيت، بعد سنوات من النمو الكبير، تهديداً جديداً لمستقبل صناعة العملات المشفرة، التي تتوقع الآن تباطؤاً في التدفقات الواردة من دون شبكة تبديل العملات الخاصة به، أو بدائل موثوقة كافية.
ورغم وجود بنك سيغناتشر "Signature Bank"، الذي تُمكن مقارنة نظامه الأساسي بشبكة تبديل العملات الخاصة بسيلفرغيت، إلا أنه أعلن أنه يخطط للحد من تعرضه للعملات المشفرة في ضوء الأحداث الأخيرة.
ومع ذلك، تخضع الصناعة حالياً لفحصٍ دقيق من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي والهيئة الفيدرالية للتأمين على الودائع FDIC، ومكتب مراقبة العملة التابع لوزارة الخزانة، بهدف وضع إطار تنظيمي يمكن من خلاله تجنيب البنوك مخاطر السيولة المصاحبة للتعامل مع شركات التشفير المصرفية.
وقال غاريت سيبرغ، المحلل في كوين لأبحاث العملات المشفرة، في مذكرة يوم الخميس: "تجعل تحذيرات الجهات الرقابية الأمر صعباً على البنوك الكبرى لتوفير خدمات العملات المشفرة"، متوقعاً أن تكون تلك الجهات قد خلصت إلى أن الفرصة التي يوفرها نشاط التشفير لا تستحق المخاطرة التنظيمية.
وأضاف: "هذا يعني المزيد من مخاطر السيولة والمزيد من مخاطر التركز، وتلك هي المخاطر ذاتها التي تحاول الجهات التنظيمية مكافحتها".
وقال رايدر، من شركة كايكو، إنه إذا لم تتطور المؤسسات الصغيرة، فإن الولايات المتحدة تخاطر بفقدان حصة كبيرة في السوق العالمية، مضيفًا أن أوروبا تبدو في وضع جيد، مرجعاً الفضل في ذلك إلى الوضوح التنظيمي للوائح المنظمة لتعاملات الأصول المشفرة (MiCA).