قالت مجموعات أعمال وخبراء اقتصاديون، إن إعادة البناء قد تكلف تركيا مبالغ تصل إلى 100 مليار دولار وتحذف بين نقطة واحدة إلى نقطتين مئويتين من النمو الاقتصادي للبلاد في العام الجاري 2023، كما ترفع العجز بالميزانية إلى 5%.
وحسب تقرير ومسح اقتصادي نشرته صحيفة "صباح" التركية، قدر مصرف "جي بي مورغان" الأميركي الأضرار المباشرة التي لحقت بالمباني والبنية التحتية من الزلزال بنحو 25 مليار دولار.
لكن "جي بي مورغان"، يتوقع أن "يتأثر نمو الاقتصاد التركي بخسائر الزلازل، وربما ستعطي حزم الدعم المالي الواسعة دفعة للنمو الاقتصادي بالمناطق المتضررة، وكذلك للاقتصاد العام".
ويتوقع المسح الذي نشرته الصحيفة التركية، مساء الأحد، وجرى بالاشتراك مع كل من وكالتي "رويترز" و"الأناضول"، أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري 2023 نسبة 2.8% بناءً على متوسط التقديرات في استطلاع "رويترز".
بينما تراوحت التوقعات للنمو الاقتصادي التركي بين 1.2% إلى 3.9%. وفي مسح سابق أجري في يناير/كانون الثاني، كان متوسط تقدير النمو الاقتصادي لعام 2023 عند 3.0% قبل الزلزال.
من جانبهم، توقع تسعة خبراء اقتصاديين في استطلاع وكالة "الأناضول" أن الاقتصاد التركي سينمو بنسبة 3.3% في عام 2023.
ويتوقع التقرير أن يؤدي ارتفاع أسعار السلع والخدمات بما في ذلك الغذاء والإسكان، بسبب الاضطرابات الناجمة عن الزلازل، إلى استمرار ارتفاع معدل التضخم، وفقاً لخبراء اقتصاديين.
يذكر أن مؤشر أسعار المستهلك (CPI) تراجع إلى حوالي 58% في يناير/ كانون الثاني، منخفضاً من أعلى مستوى له في 24 عاماً عند 85.5%.
وكان من المتوقع أن يستمر التضخم في الانخفاض إلى نسبة تتراوح بين 35-40% بحلول يونيو/حزيران، ولكن بسبب الزلزال قد يظل مرتفعاً فوق 40% قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن أكثر من مليوني شخص قد غادروا المنطقة الجنوبية الشرقية من تركيا، والتي شكلت ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي وحوالي 16% من الإنتاج الزراعي في تركيا العام الماضي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدل تضخم الغذاء.
وعلى صعيد عجز الميزانية، يضع الزلزال الحكومة التركية أمام تحد جديد في حجم الإنفاق.
وقدر الاقتصاديون، حسب التقرير، أن عجز الميزانية التركية سيرتفع إلى نسبة 5.0% من الناتج المحلي الإجمالي للعام الجاري 2023، بدلاً من التوقعات السابقة التي وضعت له 3.5% قبل الزلازل.
في الصدد ذاته، عدل مصرف "جي بي مورغان" توقعاته لعجز الميزانية إلى 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023 من توقعاته السابقة البالغة 3.5%، بسبب زيادة الإنفاق بسبب الزلزال.
نمو الاقتصاد التركي في 2022
على صعيد نمو الاقتصاد في عام 2022 الذي سيصدر التقرير الرسمي عنه غداً الثلاثاء، يتوقع التقرير أن يكون اقتصاد تركيا قد نما بأكثر من 5% في العام الماضي 2022، لكن هذا النمو أقل إلى حد ما، مقارنة بالسنوات السابقة، ومدفوع بشكل أساسي بتباطؤ الطلب.
ويشهد الاقتصاد مزيداً من التباطؤ هذا العام، ويرجع ذلك أساساً إلى تداعيات الزلازل التي دمرت مساحات شاسعة من المنطقة الجنوبية الشرقية من تركيا في أوائل فبراير/شباط، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم وزيادة ميزانية الحكومة.
ويقول المسح إن الاقتصاد التركي فقد زخمه في بداية العام الماضي بسبب التباطؤ العالمي الذي أدى إلى تراجع الصادرات، لكنه ظل قوياً في النصف الثاني من عام 2022. ويضيف: "ساعد قطاع السياحة الحيوي تركيا في الحفاظ على أحد أفضل العروض بين دول مجموعة العشرين".
وكان الناتج المحلي الإجمالي لتركيا قد نما بنسبة 3.9% على أساس سنوي في الربع الثالث مع تراجع الطلب المحلي والأجنبي.
ويرجع ذلك جزئياً إلى التباطؤ في نمو اقتصادات الشركاء التجاريين الرئيسيين الذي أضر بالصادرات، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
من المتوقع أن تظهر البيانات المقرر إصدارها غداً الثلاثاء، نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.2% في عام 2022، وفقاً لمسح بين كبار خبراء الاقتصاد الذي نشرته "صباح" واشتركت فيه كل من وكالتي "رويترز" و"الأناضول" التركية.
وتراوحت تقديرات استطلاع "رويترز" لـ16 خبيراً اقتصادياً عن نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 بين 5% و6.2%، كما قدر الاستطلاع التغيير في الربع الرابع بنسبة 3%، وبحسب تقدير متوسط يتراوح النمو بين 2.3% و6.3%.
وتراوحت توقعات 13 خبيراً اقتصادياً في استطلاع الأناضول بين 5% و5.4% لهذا العام و2.2% و4% للربع الأخير.
من جانبه قال مصرف "يوروبنك": "تشير الاتجاهات الأخيرة على المدى القصير في قطاعات النشاط الاقتصادي إلى أن الاقتصاد التركي شهد تباطؤاً في نهاية عام 2022"، مشيراً إلى ضعف الصادرات وتلاشي فوائد انخفاض قيمة الليرة في حجم إنتاج القطاع الصناعي في نهاية العام 2022. وأعطت الحكومة الأولوية لمعدلات الفائدة المنخفضة لتعزيز الصادرات والإنتاج والاستثمار، وخلق وظائف جديدة كجزء من برنامج اقتصادي جديد.
ويهدف البرنامج الذي أطلقت عليه الحكومة اسم "نموذج الاقتصاد التركي" إلى خفض التضخم عن طريق تحويل عجز الحساب الجاري المزمن في البلاد إلى فائض.
وفي الأسبوع الماضي، خفض البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس أخرى لدعم النمو في أعقاب الزلازل الهائلة التي أودت بحياة أكثر من 44200 شخص في جنوب تركيا.
يذكر أن زلزالين بقوة 7.7 و7.6 درجة وقعا في 6 فبراير/شباط بتركيا وسورية، ودمرا حوالي 164000 مبنى، تحتوي على حوالي 520.000 شقة في 11 مقاطعة، تأثرت بما يوصف بأنه أسوأ كارثة في تاريخ تركيا الحديث.