كشفت وثيقة حصلت عليها "العربي الجديد" أن الحكومة التونسية برئاسة نجلاء بودن، تعتزم زيادة الرسوم الجمركية على 1335 سلعة استهلاكية، لتصل إلى 50% بدلاً من 35% حالياً، الأمر الذي ينعكس مباشرة على أسعارها في الأسواق ويزيد من الضغوط المعيشية على المواطنين، وفق خبراء اقتصاد.
وتتضمن قائمة السلع المقترح زيادة الرسوم الجمركية عليها، مواد غذائية جاهزة، وأخرى قابلة للتحويل، إلى جانب تجهيزات منزلية وملابس وأثاث ومفروشات وأدوات مدرسية، ومواد أولية تهم قطاعات مصدرة، وأخرى تستعمل في القطاع السياحي والخدماتي.
ويأتي مقترح تعديل الرسوم الجمركية في إطار خطة الدولة لكبح الواردات والحد من نزيف العملة الصعبة، إذ دعا الرئيس قيس سعيد، خلال اجتماع لمجلس الوزراء مؤخرا، إلى "تقليص واردات المواد الكمالية والتعويل أكثر على الصناعات المحلية".
وقال سعيد إنه يتعين تطبيق سياسة تقشفية تتحمل جميع الفئات أعباءها، والحد من توريد المواد الكمالية والسيارات الفاخرة، ملمحاً إلى إمكانية إصدار قرارات في هذا الاتجاه.
لكن الخبير الاقتصادي خالد النوري، رجح أن تتسبب الزيادة في الرسوم الجمركية بالنسبة المقترحة حكومياً إلى قفزات في أسعار أغلب المواد الاستهلاكية الأساسية في أسواق الجملة والتجزئة، بينما يتحمل المستهلكون أعباء ضرائب أخرى، منها ضريبة القيمة المضافة.
وقال النوري لـ"العربي الجديد" إنّ زيادة الرسوم الجمركية يشكل أيضا خطراً كبيراً على التصدير، إذ إنّ 40% من الصادرات التونسية تحتاج إلى مواد أولية مستوردة من الخارج، مؤكدا أن زيادة الرسوم على هذه المواد يطيح بالقدرة التنافسية للسلع التونسية، كما يضر بالقطاع السياحي المتزود الأول بقائمة واسعة من المواد التي تضمنتها القائمة المقترحة.
وتقييد الواردات إجراء سبق أن اعتمدته حكومة رئيس الوزراء الأسبق، يوسف الشاهد، عام 2018 لكبح انهيار العملة، بعدما سجّل الدينار تراجعاً قياسياً في سعره مقابل الدولار قدر بنحو 27%. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، أعطى البنك المركزي التونسي تعليمات مشددة للبنوك العاملة في البلاد، بوقف إقراض التجار لتمويل واردات حوالي 220 منتجاً استهلاكياً، لتشديد القيود على الاستيراد، سعياً لخفض العجز التجاري القياسي، بعد قرار سابق بزيادة الرسوم الجمركية على عدة مواد استهلاكية.
في المقابل، يعاني التونسيون من انعكاسات الضغوط التضخمية على معيشتهم اليومية، وسط مخاوف مما سيحمله قانون الموازنة الجديد من زيادة في الضرائب على السلع أو الدخول.
وارتفع التضخم خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي بنسبة 7% على أساس سنوي، نتيجة زيادة أسعار الغذاء، لا سيما الدواجن التي قفزت أسعارها بنسبة 27.3%، فيما ارتفعت أسعار البيض بنسبة 14.4%، والغلال الطازجة بنسبة 13.7%، كما زاد ثمن الأسماك بنسبة 3.8%.
وبالإضافة إلى مجموعة الغذاء، سجلت باقي المجموعات التي تدخل في سلة استهلاك التونسيين ارتفاعاً، بحسب أحدث بيانات معهد الإحصاء، ومنها المواد الصيدلانية التي زادت 8.5% ومواد البناء 12.4%.