لا تزال السلطات التونسية تراهن على قطاع الفوسفات، رغم تعثر خطط تنمية الإنتاج والمبيعات خلال العام الحالي مع تسجيل تراجع المستخرج بنسبة 26 بالمائة نتيجة الاضطرابات الاجتماعية في منطقة الحوض المنجمي.
ولا يمنع العجز عن تحقيق أهداف السنة الحالية في إنتاج المادة المنجمية من وضع سيناريوهات متفائلة لعام 2024 بشأن مستقبل القطاع الذي عجز منذ ما يزيد على 12 عاماً عن استعادة نسق الإنتاج المحقق ما قبل 2011.
تراهن تونس العام القادم على رفع إنتاج الفوسفات إلى نحو 5 ملايين طن العام المقبل مقابل 3.2 ملايين طن العام الحالي. وكانت التوقعات تشير بداية العام إلى قدرة شركة فوسفات قفصة على إنتاج ما لا يقل عن 4.1 ملايين طن قبل أن تحبط الأوضاع الاجتماعية المتأزمة في منطقة الحوض المنجمي خطة الشركة الحكومية لتحسين وضعيتها المالية.
ويقول الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، إن السيناريوهات المتفائلة بشأن تحسين أداء قطاع الفوسفات العام القادم مردّها تحسن الأوضاع الاجتماعية في منطقة الإنتاج وتراجع نسبة الإضرابات العمالية في منطقة الحوض المنجمي، وهو ما يسهّل عمليات استخراج المواد الخام من المغاسل ونقلها نحو وحدات التحويل.
وأكد الحطاب في تصريح لـ"العربي الجديد" أن شركة فوسفات قفصة ضخت استثمارات بقيمة 263 مليون دينار لتجديد معدات تساعد على زيادة الكميات المستخرجة من المغاسل، مشيراً إلى أن البنية التحتية للمغاسل تحتاج إلى أموال أكبر بكثير من المبالغ المرصودة لبلوغ طاقة إنتاج 5 ملايين طن العام القادم.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن شركة الفوسفات تمكنت من استعادة أسواق مهمة وفق ما أوردته المذكرة الأخيرة حول التطورات الاقتصادية والنقدية للبنك المركزي التونسي.
وبحسب الخبير، فإن "هناك مؤشرات إيجابية على عودة ممكنة لقطاع الفوسفات مع تراجع نسبة الإضرابات وإيجاد حلول للملفات الاجتماعية التي كانت تسبب تعطيلاً في نقل المواد الخام نحو مصانع التحويل عبر السكة الحديدية.
لكن الحطاب يرى أن النتائج المحققة العام الحالي وعدم القدرة على إنتاج 4.1 ملايين طن وفق ما كان مبرمجاً تؤكد هشاشة القطاع الذي لم يستعد بعد عافيته، رغم محاولات إنعاشه المتكررة.
تواجه تونس صعوبات في نقل الفوسفات من المغاسل نحو وحدات التحويل بسبب تأخر إنجاز برنامج تأهيل القاطرات مع تضرر البنية التحتية
ولم يخف الخبير الاقتصادي قلقه من إمكانية تعثر الخطة المتفائلة لإنتاج الفوسفات مجدداً العام القادم في غياب برنامج إصلاح شامل للقطاع وتوفير الإمكانات المالية لذلك.
وتواجه تونس صعوبات في نقل الفوسفات من المغاسل نحو وحدات التحويل بسبب تأخر إنجاز برنامج تأهيل القاطرات مع تضرر البنية التحتية.
وتساعد صادرات الفوسفات على تحسين عجز الميزان التجاري المتفاقم، نظراً لأهمية الإيرادات التي تجنيها البلاد من هذه المادة الحيوية.
ويعتبر قطاع الفوسفات في تونس واحداً من القطاعات المهمة الداعمة لاقتصاد البلاد، إذ تمثّل عائداته 10% من إجمالي إيرادات صادرات البلاد، إلى جانب توفيره نحو 30 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
كذلك شكّل الفوسفات مصدراً أساسياً للعملة الصعبة إلى جانب تحويلات المغتربين ومداخيل السياحة قبل أن يتراجع دوره بشكل لافت خلال السنوات العشر الماضية.