يسود جوّ من الحذر في المفاوضات الدائرة بين منظمة رجال الأعمال في تونس واتحاد الشغل، حول الزيادة في رواتب العاملين في القطاع الخاص.
ويسعى الطرفان إلى الوصول بالمفاوضات إلى بر الأمان دون تكرار السيناريوهات السابقة التي تعثرت فيها آليات الوصول إلى اتفاق، ولوح خلالها الاتحاد باللجوء إلى الإضراب في قطاعات حساسة.
ويستدعي الوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين تنازلات عديدة من قبل أرباب العمل في القطاع الخاص ممن يحاولون إقناع النقابات بالاكتفاء بزيادة لا تتجاوز الـ 6 في المائة نظراً لصعوبة الوضع الاقتصادي، فيما يصر اتحاد الشغل على ألا تقل الزيادة عن 8 في المائة مع إجراء مراجعات عميقة في الاتفاقيات بما يمكن العمال من الحصول على امتيازات وتحسين وضعهم الاجتماعي والقانوني، على اعتبار أن المكتسبات لا يجب أن تقتصر على الجوانب المادية حصراً.
وقال الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل المكلف بالقطاع الخاص، محمد علي البوغديري، في حديث مع "العربي الجديد" إنه يوجد مؤشرات إيجابية في مسار المفاوضات، تؤكد أن الزيادة في أجور العاملين في القطاع الخاص ستكون مجزية وستتجاوز 6 في المائة.
وشرح البوغديري أن احتساب الزيادة يجب أن يراعي الوضع الاقتصادي ولا سيما نسبة التضخم التي تلامس الـ8 في المائة ما يتسبب في تآكل الأجور وتراجع القدرة الإنفاقية للعمال. وأكد المسؤول النقابي على وعي الطرفين المتفاوضين بضرورة إنهاء المفاوضات في القطاع الخاص في أقرب وقت، مبيناً أن منظمة رجال الأعمال لا ترغب في إطالة المفاوضات وتعمل على إيجاد أرضية توافقية.
ويبلغ عدد العاملين في القطاع الخاص نحو مليون ونصف المليون تونسي ينضوون تحت ما يزيد عن الـ53 اتفاقية قطاعية مشتركة. ويدفع تعدد الاتفاقيات المشتركة والاختلاف بين القطاعات إلى حسم المفاوضات في إطار اتفاق عام ينسحب على كل المهن. وعرفت مفاوضات الزيادة في رواتب القطاع الخاص خلال 2016 و2017 مداً وجزراً بين الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بسبب رفض منظمة رجال الأعمال زيادة رواتب العمال، بدعوى الوضع الاقتصادي الصعب وتأثير الزيادة على القدرة التنافسية للمؤسسات في هذه المرحلة، مطالبة بإرجائها إلى وقت لاحق أو تعديل طريقة احتساب الزيادة.
في المقابل تتحفظ منظمة رجال الأعمال عن الكشف عن نسبة التقدم في المفاوضات مكتفية بالتأكيد على لسان قياداتها أن المهم بالنسبة إليها هو حصول تقدم إيجابي على إثر انعقاد سلسلة من الاجتماعات مع اتحاد الشغل، وبالإشارة إلى أن الطرفان واعيان بالوضعية الاقتصادية للبلاد وللمؤسسات وكذلك الوضعية الاجتماعية للعمال الذين يظلون العمود الفقري للمؤسسات الاقتصادية.
وحول نسبة الزيادة التي تعتزم منظمة رجال الأعمال اقتراحها، قال عضو اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية حمادي الكعلي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الاتفاق المبدئي بعد المشاورات مع مختلف هياكل المنظمة أن تكون الزيادة مبنية على جملة من المعايير وفي مقدمتها الإنتاجية والنمو، لافتاً إلى أن أي زيادة قد تعرض ديمومة المؤسسة إلى مخاطر وجب الاحتياط منها.
وأوضح المتحدث أن قطاعات عديدة تعيش صعوبات وأن أنشطة تحقق نتائج سلبية وهو ما يستدعي مراعاة كل هذه المعطيات في اتخاذ القرار النهائي وفق قوله، مشيراً إلى أن الوقت لا يزال مبكراً لتحديد نسبة الزيادة النهائية في الرواتب.
وبخصوص القطاعات التي تعرف صعوبات وتم استثناؤها من المفاوضات الاجتماعية مع اتحاد الشغل، لفت رئيس منظمة الأعراف سمير ماجول في تصريحات إعلامية، إلى أن عدة مؤسسات تعيش صعوبات كبرى وتراجعت مردوديتها بشكل ملحوظ وجب إيجاد حلول لها مع الحكومة من منطلق أن المؤسسة المطالبة بالقيام بمجهود اجتماعي، تطالب بدورها بايجاد حلول لوضعيتها الاقتصادية الصعبة. ولّمح في هذا الإطار إلى أنه قد يتم استثناء هذه القطاعات (لم يفصح عنها) من الاتفاق الإطاري مع اتحاد الشغل مشدداً على ضرورة وجود حلول لأزماتها.
وقال إن هناك " تقدما ايجابيا مع المركزية النقابية حول جملة من المحاور والنقاط في مسار المفاوضات الاجتماعية". وأشار إلى أن اتحاد الشغل واع لهذه الوضعية قائلاً: "اتحاد الصناعة واتحاد الشغل لا يرغبان في إيجاد حلول للعمال فقط بل والأهم بالنسبة إليهما إيجاد حلول للعاطلين عن العمل ولا سيما حاملي الشهادات العليا''.