أعاد بدء حكومة إسرائيل العمل في مشروع جسر بري يربطها بدول الخليج العربي، حسبما أفاد مصدر إسرائيلي رسمي، تسليط الضوء على الآفاق الاقتصادية للتطبيع العربي الإسرائيلي وآثاره الاقتصادية، سواء على دول المنطقة أو على قناة السويس المصرية.
وتشمل خطة المشروع الأردن وإسرائيل والسعودية والإمارات، بما يؤدي إلى ربط بري مباشر بين دول الخليج العربي وبين الموانئ البحرية الإسرائيلية، حسبما أفاد موقع "المونيتور"، الذي نقل، مؤخراً، عن المصدر الإسرائيلي أنّ المشروع سيمضي قدماً "حتى لو لم يتم تطبيع العلاقات الدبلوماسية" بين إسرائيل والسعودية.
وحسب دراسة أجرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية والحكومة الأميركية، فإنّ المشروع يمكن أن يوفر ما يصل إلى 20% من تكاليف الشحن ويسرع التجارة إلى يومين أو 3 أيام بدلاً من عدة أسابيع، وفقاً لما أورده الموقع الأميركي.
ويبلغ طول الجسر حوالي 2000 كيلومتر، بتكلفة إنشاء 10 ملايين دولار للكيلومتر الواحد، ما يعني أن تكلفة إنشاء الجسر تصل إلى 20 مليار دولار، إضافة إلى تكاليف التشغيل والصيانة والأمن، تتحملها الدول المشاركة في المشروع، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، باعتبارها راعية للمشروع في إطار دعم اتفاقيات إبراهام (بين إسرائيل والإمارات والبحرين).
أضرار على قناة السويس
يشير الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن فكرة مشروع الجسر البري بين إسرائيل ودول الخليج قديمة، لكنها أخذت طور التنفيذ على أرض الواقع بعد اتفاقيات إبراهام التي أسفرت عن نمو كبير للتبادل التجاري بين الإمارات وإسرائيل خصوصاً.
ويوضح الشوبكي أن التبادل التجاري بين الدولتين ارتفع بنسبة 43% إلى 1.4 مليار دولار في العام المالي 2022 - 2023، مشيراً إلى توقعات بأن تصل قيمة التبادل ذاته إلى 3 مليارات دولار في عام 2024، خاصة مع تنفيذ مشروعات مثل الجسر البري.
ويرى الشوبكي أن اختصار المشروع لوقت النقل من أسابيع إلى 3 أيام أو يومين، يعني أنه سيكون أرخص من النقل البحري من حيث التكلفة، وبالتالي فهو أفضل من طريق المرور عبر قناة السويس، التفافاً من الخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر حتى البحر الأبيض المتوسط. ولذا فإن التوقعات تصب في تقليص مشروع جسر الخليج- إسرائيل لمرور التجارة عبر قناة السويس، ما سيؤثر على إيرادات مصر منها، خاصة أن الإمارات تصدر معظم بضائعها إلى القارة الأوروبية وتستورد معظم بضائعها منها عبر القناة، بحسب الشوبكي.
ويوضح الخبير الاقتصادي أن الجسر البري سيمثل "ضربة كبيرة" لقناة السويس، لكنه يمثل فائدة اقتصادية لإسرائيل والإمارات على وجه الخصوص.
غير أن التحدي الأبرز أمام استكمال تنفيذ المشروع، بحسب الشوبكي، هو مستقبل تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وهو التطبيع المتوقف، رسمياً على الأقل، حتى الآن، إذ لم يتم تبادل السفراء بينهما.
اختراق جيوسياسي
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن خط الربط البري بين الامارات وموانئ إسرائيلية على البحر الأبيض المتوسط، من خلال السعودية والأردن، يلقى دعماً أميركياً في إطار الاتفاقيات، لكن تواجهه تحديات تتمثل في الحاجة للتمويل وبناء بنية تحتية وتوحيد المعايير الخاصة بالشاحنات، وهو ما سيستغرق سنوات على الأرجح.
يشير الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن فكرة مشروع الجسر البري بين إسرائيل ودول الخليج قديمة
ويرى إسماعيل أن تنفيذ المشروع سيكون إنجازاً اقتصادياً مهماً واختراقاً جيوسياسياً بالنسبة لإسرائيل، التي ستضمن "تعميق التكامل الاقتصادي مع دول الخليج العربية"، ولذا فإن هذا الجسر البري يعد مشروعا اقتصاديا واستراتيجي في آن واحد.
أما الإمارات، فيتوقع إسماعيل أن تستفيد اقتصادياً من المشروع "بشكل محدود"، لأنّ اقتصادها "يعتمد على تصدير الطاقة والسياحة والتجارة مع الدول المجاورة" حسب قوله.
وعن تأثير المشروع على قناة السويس، رجح إسماعيل أن يكون "هامشياً" لأنّ الجسر البري "ليس بديلاً للنقل البحري من شرق آسيا لأوروبا أو العكس، ولا يصلح لنقل الغاز الطبيعي أو النفط".
ويوضح الخبير الاقتصادي أن السفينة المتوسطة تستطيع نقل حمولة 200 ألف طن، ولنقل هذه الكمية براً ستحتاج الدول لآلاف الشاحنات البرية التي تستطيع الواحدة منها حمل 40 طناً فقط، أي أن حمولة السفينة المتوسطة تعادل حمولة 5000 شاحنة برية.
وإزاء ذلك يرى إسماعيل أن تقدير الفائدة الاقتصادية للجسر البري بين إسرائيل ودول الخليج لا يمكن تحديده بدقة في هذه المرحلة المبكرة، لكنه أشار إلى أن المقارنة بين حمولة النقل البحري والبري توضح حجم التحدي ومحدودية الفائدة الاقتصادية المتوقعة، وإن كان ذلك لا يقلل من أهمية البعد الجيوسياسي للمشروع.