بينما كان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يعقد مؤتمراً صحافياً ليطمئن المواطنين على توافر السلع والخدمات حتى نهاية العام الحالي، عقدت نخبة كبيرة من رجال الأعمال اجتماعاً طارئاً، دعت فيه الحكومة إلى "إعلان حالة القوة القاهرة في الأسواق المالية، لإنقاذ المصانع والمستوردين والشركات من توابع الأزمة الخطيرة التي أوجدتها حالة الحرب بين روسيا وأوكرانيا".
وأكد أعضاء جمعية رجال الأعمال المصريين أن الحرب تسببت في تصاعد يومي لأسعار البترول والمعادن والمحاصيل والزيوت، والخامات والمكونات التي تحتاجها الصناعات المصرية، على كافة مستوياتها.
ولفت رجال الأعمال المصريون إلى أن الحرب تهدد المستوردين والمصدرين والمقاولين بعدم قدرتهم على ملاحقة تلك الزيادات، ونشوب خلافات بين كافة المتعاملين في السوق نتيجة الزيادات غير المحدودة في السعر والمتلاحقة زمنيا.
وتوقع رجال الأعمال أن تؤثر أسعار البترول والشحن على جميع المنتجات المستوردة تامة الصنع، وانخفاض المبيعات المحلية، مع التضخم وزيادة الأسعار، بدرجة خطيرة. ورجحوا أن يؤدي الضغط على البنوك لطلب شراء مستلزمات الإنتاج، وزيادة أسعار مكونات التصنيع والإنتاج، إلى زيادة أسعار العملات الأجنبية.
وحذر أعضاء جمعية رجال الأعمال في اجتماعهم، مساء الأربعاء، من تفاقم حركة التجارة الدولية وتأخير وصول مكونات الإنتاج للصناعات المحلية حتى نهاية العام الحالي، وتعذر التواصل مع الأسواق الروسية في ظل حالة الحرب والمقاطعة الغربية للبنوك والشركات في روسيا، وانعكاس ذلك بتداعيات سلبية على فرص العمل ودخل المواطن والشركات.
أكد رجال الأعمال في اجتماع مشترك للجان الصناعة والسياحة والتصدير والاستيراد، لبحث الآثار الاقتصادية المتوقعة على مصر جراء الحرب الروسية على أوكرانيا، ضرورة التزام الحكومة بحالة القوة القاهرة، ومراعاة الظروف الطارئة، التي تشهدها الشركات والأسواق.
وطالبوا بـ"عدم استعداء المجتمع رجال الأعمال، وإلقاء التهم عليهم بأنهم يسعون إلى تحقيق أرباح من أزمة، تعلم الحكومة أنها مفروضة على الجميع ولها تأثير في أنحاء العالم، وهناك خشية أن تتحول إلى حرب عالمية".
ودعا رجال الأعمال إلى وقف قرار البنك المركزي الأخير، الخاص بإجراءات الاستيراد السلعي، ومد فترة سداد مستحقات البنوك، لحين تصرفهم في البضائع المستوردة، لمواجهة أزمة السيولة الخانقة التي تشهدها الأسواق حاليا.
واتفق المجتمعون على إعداد لائحة بمطالب أصحاب المصانع والأعمال من الحكومة، تتركز في إمكانية اللجوء إلى نظام الصفقات المتكافئة للتعامل مع السوق الروسي، لصعوبة قطع العلاقات الاقتصادية مع بلد يعتبر أهم مصدر للقمح والزيوت، والمعادن والصناعات الهندسية التي تحتاجها الدولة.
ودعا الأعضاء إلى وقف تمويل المشروعات العقارية، التي نمت بسرعة، على حساب القطاعات الصناعية والزراعية، التي لم تحظ بنفس الدعم المالي خلال السنوات الماضية، وأن تلتزم الحكومة بشراء المنتجات الوطنية، بدلا من استيراد ما تحتاجه من الخارج، مع دعم الصناعة المحلية من خلال برامج مالية واضحة، تمكن الصناع من مواجهة حالة التضخم الخطيرة التي بدأت، وستواصل آثارها السيئة، مع توقعات بأن يتعرض السوق لحالة من الكساد الشديد.
وقال مجدي المنزلاوي، الأمين العام لجمعية رجال الأعمال، وهي أكبر تجمع رسمي لأصحاب المشروعات المختلفة في مصر، إن الأعضاء يصرون على مطالبة الحكومة بعدم رفع أسعار الكهرباء والمياه والغاز، المقررة في يوليو/ تموز المقبل، ووضع سياسة واضحة حول أسعار الفائدة بالبنوك، وسعر العملة، حتى يكونوا على بينة عند كتابة تعاقداتهم التي تستغرق فترات زمنية لتنفيذها.
ودعا فاروق ناصر، رئيس لجنة السياحة، إلى استمرار المميزات التي حصل عليها قطاع السياحة أثناء أزمة انتشار وباء كورونا، مشيرا إلى أن الحكومة لم تفِ بالتزاماتها، وبخاصة ما يتعلق بخفض فوائد الديون وتأجيل سدادها لفترات زمنية طويلة.
وتعهد رجال الأعمال بـ"عدم المساس بحقوق العمال خلال الفترة المقبلة"، ومطالبتهم بأن يشارك المجتمع في "مواجهة كارثة اقتصادية سيكون أثرها مؤلما للطبقات الفقيرة، وأن يكون للدولة استراتيجية واضحة للتنمية الاقتصادية تعتمد على الزراعة والتصنيع المحلي".
وطالبوا بأن لا تظل مصر مستوردة لغذائها بهذه الطريقة، بعد أن ساهمت الحكومات المتعددة في إنتاج الفواكه بدلا من القمح والبقوليات، وأوقفت مصانع ومنتجات تعتمد حاليا على استيرادها من الأسواق الدولية المضطربة.
من ناحية أخرى، كشف الجهاز المركزي للإحصاء والتعبئة، في بيان أمس الخميس، عن استمرار ارتفاع معدلات التضخم الشهري، حيث بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلكين على مستوى الدولة، نحو 121.4 نقطة لشهر فبراير/ شباط 2022، بارتفاع قدره 2% عن شهر يناير 2022.
شملت الزيادة أسعار الخضر واللحوم والدواجن والزيوت والمياه المعدنية والأسماك، وخدمات المستشفيات والنقل والوجبات الجاهزة. ورصد التغير الشهري بين فبراير/ شباط 2022، ومقارنته بنظيره 2021، ارتفاعا قياسيا، حيث سجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعا قدره 20%، والخضروات 43%، والزيوت والدهون 34.4%، والحبوب والخبز 12.8% والفاكهة 12.4%، والتعليم 13.9%.