استمع إلى الملخص
- يواجه المزارعون والصناعيون تحديات كبيرة مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يضعف القدرة التنافسية ويؤدي إلى تقليل الإنتاج أو التوقف عنه، بينما يعاني المزارعون من خسائر تدفعهم لتقليل الزراعة.
- تسعى حكومة الأسد لتمويل العجز المالي برفع أسعار الوقود، مما يزيد الأعباء الاقتصادية على السوريين ويعمق الفجوة بين الأجور وتكاليف المعيشة، مفاقماً الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
بتدابيرها الارتجالية، تخنق حكومة نظام الأسد قطاعي الزراعة والصناعة في البلاد، لا سيما من خلال رفع أسعار المحروقات الذي يفاقم تكاليف الإنتاج والفقر والجوع بين السوريين الذي يكابدون شظف العيش. وفي هذا الصدد، يتساءل الصناعي السوري محمد طيب العلو عن جدوى استراتيجية رفع أسعار المحروقات على قطاعي الزراعة والصناعة في هذه الفترة التي يعاني فيها الصناعيون من تراجع الإنتاج والمبيعات، والسوريون ظروفاً معيشية سيئة للغاية، بخاصة مع قدوم فصل الشتاء وزيادة مصاريف التدفئة، في ظل عدم توزيع المحروقات المدعومة أو عدم كفايتها إن وُزّعت، واضطرار السوريين لشراء المازوت من السوق السوداء بسعر 20 ألف ليرة لليتر.
ويضيف العلو لـ"العربي الجديد" أن رفع سعر المازوت سيزيد من تكاليف الإنتاج، الزراعي والصناعي، ما يعني رفع الأسعار على المستهلك، فيما لن يعمل المزارع والصناعي بخسائر، متسائلاً: "فما الهدف من رفع أسعار المحروقات ونهج الحكومة الجديدة التي رفعت، بالوقت نفسه، شعار عدم رفع الأجور والرواتب؟".
ويلفت الصناعي في قطاع النسيج إلى أن الصناعيين قلما يعتمدون على "مازوت الدولة" إنما يشترون احتياجاتهم من السوق السوداء، ورغم ذلك، ستؤثر زيادة تكاليف الإنتاج على السعر بالسوق المحلية وتضعف المنافسة بالأسواق الخارجية، ولكن الآثار الكبيرة ستطاول قطاع الزراعة أكثر، كما ستكون، برفع أسعار المازوت، بعد الكهرباء، فرصة ومبرر للصناعيين لرفع أسعار الإنتاج أو تقليل الكمية أو التوقف والهجرة كمن سبقوهم.
وكانت حكومة بشار الأسد قد وافقت، أخيراً، على توصية اللجنة الاقتصادية بزيادة سعر المازوت الموزع على القطاع الزراعي بالسعر المدعوم من 2000 ليرة إلى 5000 ليرة وزيادة سعر ليتر المازوت الموزع على المنشآت الصناعية الزراعية من 8000 ليرة إلى سعر التكلفة الذي تحدده بنشرات دورية ولا يقل ربما عن ضعف السعر السابق. (الدولار = 14700 ليرة).
بدوره، يقول وزير النفط بحكومة الأسد فراس قدور، في تصريح سابق، إن "كميات المازوت الموزعة بالسعر المدعوم لا تزال نحو 80% إجمالي الكميات التي توزعها شركة محروقات"، مبيناً خلال تصريحات سابقة أن خطة الاحتياج لمادة المازوت هي 7.1 ملايين ليتر، لكن التوزيع يخضع للكميات الموردة وفق ما هو متاح، إذ يُوزَّع حالياً 3.2 ملايين ليتر، منها 2.8 مليون ليتر بسعر 2000 ليرة المدعوم.
ويتهم الوزير بعض الفعاليات التي تحصل على المازوت بسعر 2000 ليرة بالاتجار بمخصصاتها، الأمر الذي تسبب بحصول تشوه في السعر وتشوه في حساب التكاليف، ما سبب فقدان الدعم جدواه، مضيفاً: "لا بد من دراسة تسعيرة جديدة للمازوت المدعوم بهدف تخفيف العجز الذي يبلغ 16 تريليون ليرة سنوياً"، لافتاً إلى أنه وبعد الإجراءات الحكومية بزيادة أسعار مازوت التدفئة والمازوت الزراعي، سينخفض العجز إلى عشرة تريليونات ليرة سنوياً.
ويقول المهندس الزراعي يحيى تناري لـ"العربي الجديد" إن رفع سعر المازوت على المزارعين جاء صفعة إضافية، بعد رفع أسعار الأسمدة والبذار وأجور المزارعين، ما يعني خسائر ببعض الزراعات وربما الامتناع عن الزراعة "تبوير الراضي". ويضيف أن من حق المزارعين الذين يؤمنون قوت الشعب أن يتلقوا دعماً من الدولة، سواء خلال عملية الإنتاج الزراعي أو خلال استلام المحاصيل، لأن تكبيدهم أعباء الزراعة والري والمحروقات والبذار والحصاد يوقعهم بخسائر ويدفعهم لتقليل المساحات المزروعة أو الإحجام كلياً، متسائلاً بالوقت نفسه عن "فلسفة الحكومة" بالتضييق على القطاعات الإنتاجية، بواقع ركود يعاني منه التجار وغلاء يعاني منه المستهلكون، وبالتالي أزمات اقتصادية ومؤشرات سلبية، تفوق وبكثير ما ستجنيه الحكومة من فارق أسعار المحروقات.
وتسعى حكومة بشار الأسد "الجديدة" لتمويل العجوزات من جيوب السوريين، عبر رفع أسعار الوقود، إذ رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، الشهر الماضي، سعر ليتر بنزين الأوكتان 90 بمقدار 231 ليرة ليصبح سعره الجديد عشرة آلاف و966 ليرة وسعر بنزين 95 بنحو 221 ليرة ليصبح سعره الجديد 12 ألفاً و573 ليرة. ولم تستثن الوزارة مادة المازوت، بل زادت سعر ليتر المازوت الحر بنحو 468 ليرة ليصبح سعره الجديد 11 ألفاً و183 ليرة، كما رفعت سعر طن الفيول بمقدار 831 ألفاً و330 ليرة ليصبح سعره الجديد 8 ملايين و583 ألفاً و963 ليرة سورية.
وسيزيد، اليوم، رفع أسعار المازوت لقطاعي الزراعة والصناعة من أسعار المنتجات الغذائية وأزمة السوريين المعيشية وفقرهم البالغة نسبته، بحسب مؤشرات دولية، 90%، ففي حين وصلت تكاليف معيشة الأسرة، بحسب مركز "قاسيون"، إلى نحو 13.6 مليون ليرة سورية، لم يزل الحد الأدنى للأجور ثابتًا عند 278 ألفاً و910 ليرات شهريًا. ووفقًا للمصدر نفسه، فقد بلغ الحد الأدنى لتكاليف المعيشة 8.5 ملايين ليرة سورية، ما يجعل الفجوة بين الأجور والتكاليف في ازدياد مستمر، لتزيد الأعباء الاقتصادية على السوريين والمتوقع زيادتها اليوم، بعد رفع أسعار المازوت الذي يعتبر مكوّناً أساسياً في الإنتاج الزراعي والصناعي.