خبير إيطالي: تونس هي المستفيد الأول من مشروع الربط الكهربائي مع إيطاليا

26 سبتمبر 2024
اهتمام أوروبي بتأمين إمدادات الطاقة / 31 أغسطس 2021 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أهمية مشروع الربط الكهربائي بين إيطاليا وتونس: يهدف لتعزيز التحول الطاقوي بين البلدين، مع توقعات بأن تكون تونس المستفيد الأول.
- التحديات والاتفاقيات البيئية: رغم الشكوك السياسية، تم الاتفاق على البنية التحتية الجديدة، مع مساهمات مالية لأعمال التعويض البيئي وإعادة بناء أعمدة معبد "جي".
- الدعم المالي الدولي: خصصت المفوضية الأوروبية 307 ملايين دولار والبنك الدولي 268.4 مليون دولار، لتنفيذ المشروع الذي يشمل كابلات بحرية وبرية ومحطة ربط كهربائي في تونس.

قال خبراء إن مذكرة التفاهم التي وقعها محافظ صقلية ريناتو سكيفاني يوم الجمعة في مقر رئاسة الإقليم "بالاتزو دورليانز" بمدينة باليرمو الإيطالية، مع الرئيس التنفيذي والمدير العام لشركة "تيرنا جوزيبينا دي فودجا" لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي "الماد" بين إيطاليا وتونس، ستكون في صالح الأخيرة بالأساس.

وتهدف الاتفاقية، وفقاً لبيان صادر عن رئاسة إقليم صقلية، إلى تعزيز التنسيق بين الإقليم والشركة في المراحل التحضيرية لبدء الأعمال وتسهيل جميع التدخلات المرتبطة ببناء المشروع وتشغيله. وسوف تضمن إدارة إقليم صقلية، بموجب صلاحياتها، تقديم الدعم للشركة التي تدير الشبكة الوطنية للكهرباء من أجل استكمال الإجراءات اللازمة للتخطيط التنفيذي للتدخلات وإنشاء البنى التحتية. بدورها، التزمت "تيرنا" بضمان التوافق المستمر مع الأنشطة المقررة من أجل الوصول بالآثار التي ستحدثها مواقع البناء على المجتمعات المحلية إلى الحد الأدنى.

ورأى الدكتور أُمبرتو بروفاتسيو، الزميل المشارك بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والمحلل المتخصص في شمال أفريقيا بمؤسسة كلية دفاع حلف شمال الأطلسي (لندن)، أن "ثمة عدداً من الأسباب التي تجعل من "الماد" مشروعاً مهماً. فبادئ ذي بدء، هو مشروع للربط الكهربائي بين إيطاليا وتونس، يسهم في نسج شبكة الطاقة بين ضفتي البحر المتوسط، وبالتالي خلق حافز للتحول الطاقوي لكلا البلدين".

وأوضح بروفاتسيو، في تصريحات خاصة للـ"العربي الجديد"، أنه "من المتوقع أن تكون تونس هي المستفيد الأول من هذا المشروع، على الأقل حتى تتمكن  المشاريع الخضراء المحتملة من تصدير فائض الطاقة إلى إيطاليا"، مشيراً إلى أنه "يعد تأكيداً على العلاقات الممتازة بين البلدين اللذين يجمعهما العديد من المصالح المشتركة، خاصة في ما يتعلق بمسألة الهجرة غير الشرعية".

وختم المحلل الإيطالي بقوله إن "ثمة شكوكاً رئيسية تتعاظم بشأن الاستقرار السياسي في تونس، أيضاً على ضوء الانتخابات المقبلة، ومع ذلك، فإنه من المتوقع أن يمضي المشروع قدمًا، حتى مع إرجاءات محتملة".

من ناحية أخرى، توصل إقليم صقلية وشركة "تيرنا" إلى اتفاق بشأن البنية التحتية الجديدة، يقضي بتنفيذ عمليات إعادة تأهيل إقليمية وبيئية ذات اهتمام مشترك، على صلة بإنشاء الربط الكهربائي بين إيطاليا وتونس.

وسوف تقدم شركة تيرنا، بموجب الاتفاق، مساهمة قدرها مليون يورو لأعمال التعويض البيئي، وهي المساهمة التي سوف يدمجها الإقليم بأربعة ملايين أخرى مقدمة من صندوق التنمية والوفاق (FSC) بإجمالي خمسة ملايين يورو من المقرر أن تستخدم في إعادة بناء أعمدة معبد "جي" في بلدة سيلينونتى. وعلاوة على ذلك، سوف تدفع الشركة مساهمات إضافية إلى البلدتين المتضررتين: "كاستيلفيترانو" 600 ألف يورو و"بارتانّا" مليوني يورو.

أهمية مشروع الربط الكهربائي لصقلية وتيرنا

ونقل البيان عن محافظ صقلية قوله إن "الربط الكهربائي بين إيطاليا وتونس مشروع استراتيجي بالنسبة لبلدنا، ويندرج في عملية التحول الطاقوي الجارية حالياً. ومن المنتظر أن تعود العواقب الإيجابية المترتبة على تنفيذه بالنفع على سائر مؤسسات الدولة الاقتصادية/الإنتاجية، وذلك بالنظر إلى إدراج الحكومة مشروع "الماد" في خطة ماتي للتنمية في أفريقيا"، مضيفاً أن "صقلية تلعب دوراً رئيسياً في هذا السياق، سواء لموقعها الجغرافي في قلب البحر المتوسط، أو لأنها تطرح نفسها مركزاً للطاقة، وبالتالي تهدف إلى أن تكون أحد القطاعات الأكثر استراتيجية في عملية خلق نمو اقتصادي". 

من جهتها، صرح الرئيس التنفيذي لشركة تيرنا، بحسب البيان، بأن "صقلية تولي اهتماماً كبيراً بالمشروعات التي من شأنها تقديم إسهام أساسي في عملية التحول الطاقوي وإزالة الكربون في البلاد، من خلال تخصيص استثمارات تربو على ثلاثة مليارات يورو في السنوات الخمس المقبلة لتطوير شبكات كهرباء متطورة ومستدامة تقنيًا"، مشيرة إلى أن "مشروع "الماد" سيسمح في هذا السياق برفع مستوى كفاءة المنظومة الكهربائية للبلاد وتنويع مصادر الإمداد من خلال ربط أوروبا بشمال أفريقيا. والحقيقة هي أن الاتفاق، علاوة على أنه يمثل خطوة مهمة في مسار تقدم المشروع، يعد تأكيداً على التزام "تيرنا" بتنفيذ بنى تحتية استراتيجية من خلال تعاون وثيق مع المؤسسات المحلية والمناطق المعنية". 

إسهامات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي في المشروع

ومن إجمالي استثمارات "الماد" البالغة نحو 850 مليون يورو، خصصت المفوضية الأوروبية 307 ملايين دولار من خلال البرنامج التمويلي "مرفق ربط أوروبا" المخصص لتطوير مشاريع محورية تهدف إلى تعزيز البنى التحتية الطاقوية في دول الاتحاد الأوروبي. وهذه هي المرة الأولى التي يمول فيها هذا الأخير مشروعاً أحد طرفيه ليس عضواً في الاتحاد، وفقاً للبيان.

وكان البنك الدولي قد صدّق، يوم 12 سبتمبر/أيلول الجاري، على تمويل المشروع بـ 268.4 مليون دولار، وذلك على هامش اللقاء الذي استضافته العاصمة التونسية وجمع وزيرة الصناعة والمعادن والطاقة التونسية فاطمة شيبوب وكلاً من المدير الإقليمي للبنك الدولي لدول المغرب العربي ومالطا أحمدو ندياي والمدير التنفيذي للبنى التحتية لشمال أفريقيا والشرق الأوسط بول نومبا.

بطاقة البيانات الفنية 

من المقرر أن تتولى تنفيذ مشروع الربط الكهربائي "الماد" شركة تيرنا الإيطالية والشركة التونسية للكهرباء والغاز، وفقاً للاتفاق الموقع بين الحكومتين التونسية والإيطالية عام 2019. ويبلغ الطول الإجمالي للوصلة، بطاقة 600 ميغاواط، حوالي 220 كيلومترًا، معظمها سيكون في كابل بحري وسيصل إلى أقصى عمق بحوالي 800 متر على طول قناة صقلية.

ومن المنتظر أن يمتد الكابل البري لمسافة 18 كيلومترا من ميناء كاستيلفيترانو حتى محطة التحويل التي ستُبنى في بارتانّا، بالقرب من محطة الكهرباء القائمة. وفي تونس، من المقرر بناء محطة الربط الكهربائي في منطقة الملاعبي بولاية نابل.

المساهمون