استمع إلى الملخص
- أعلنت سورية عن وصول سفينتين لتوليد الكهرباء من تركيا وقطر، مما سيزيد حصة المواطن من الكهرباء بنسبة 50%، بعد تخفيف واشنطن بعض العقوبات لضمان استمرار الخدمات الأساسية.
- تواجه سورية تحديات كبيرة في إعادة الإعمار بعد خسائر اقتصادية بلغت 530 مليار دولار، وتسعى لتعزيز التعاون مع دول مثل تركيا وقطر لإعادة تأهيل البنية التحتية.
استؤنفت الرحلات الدولية في مطار دمشق، أمس الثلاثاء، للمرة الأولى منذ إطاحة نظام بشار الأسد. وعمت أجواء الحماسة قاعة الانتظار الرئيسية. وقال مدير مطار دمشق الدولي أنيس فلوح لفرانس برس "انطلاقة جديدة (اليوم) بعدما تم إغلاق الأجواء، وبدأنا رحلات استقبال ومغادرة الرحلات الدولية". وأشار فلوح إلى أن المطار عمل في الأيام الماضية على "استقبال وفود رسمية وطائرات المساعدات ... واليوم أول رحلة (تجارية) مغادرة من سورية باتجاه الشارقة".
وهبطت بعد ظهر، أمس، أول طائرة ركاب قطرية في مطار دمشق منذ نحو 13 عاماً، وذلك بعد وقت قصير من إقلاع طائرة الخطوط الجوية السورية باتجاه الشارقة في الإمارات العربية المتحدة، لتكون أول رحلة تجارية دولية منذ الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقال مسؤول قطري لوكالة فرانس برس الشهر الماضي، إن الدوحة عرضت على السلطات السورية الجديدة "تقديم الدعم الفني لاستئناف الرحلات التجارية والشحن، فضلا عن صيانة المطار خلال المرحلة الانتقالية". وكانت الخطوط القطرية أعلنت، الأسبوع الماضي، أنها ستستأنف رحلاتها إلى دمشق بمعدل ثلاث رحلات أسبوعياً.
وكان المطار يستقبل خلال الفترة الماضية طائرات تنقل مساعدات دولية أو تقلّ مسؤولين أجانب، واستأنف تسيير الرحلات الداخلية في وقت سابق. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن الطائرة السورية التي اتجهت إلى الشارقة كان على متنها 145 مسافراً.
وغادرت الثلاثاء كذلك طائرة تابعة للخطوط الجوية الملكية الأردنية عمَّان متوجهة إلى دمشق في رحلة تجريبية. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن رئيس هيئة تنظيم الطيران المدني هيثم مستو، الذي كان على متن الرحلة برفقة فريق فني إن "الرحلة تجريبية قبل إعادة تشغيل خط عمان دمشق، وهي تأتي كرسالة دعم وتضامن لإعادة تفعيل الملاحة الجوية السورية".
وفي إطار مساعي السلطات السورية الجديدة للتواصل مع محيطها، قام وزير الخارجية أسعد الشيباني بسلسلة من الزيارات الرسمية إلى العواصم العربية بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات.
كما أعلن رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية الحكومية حسين بور فرزانه، أمس، استعداد المنظمة لاستئناف الرحلات الجوية من إيران إلى سورية. وأضاف المسؤول الإيراني في تصريحات نقلتها وكالة تسنيم الإيرانية المحافظة، أن استئناف هذه الرحلات يتوقف على ترخيص يصدره بلد الوجهة، لافتا إلى أن بلاده تنتظر حالياً سماح سورية بذلك. وتوقفت جميع الرحلات في مطار دمشق الدولي ومطار حلب الدولي في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، على خلفية العمليات العسكرية التي أدت إلى سقوط نظام الأسد.
كهرباء قطرية وتركية لسورية
على صعيد آخر، أعلن مدير عام المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء في سورية خالد أبو دي، أمس الثلاثاء، أن سفينتين لتوليد الكهرباء من تركيا وقطر ستصلان إلى البلاد لرفع معدل التغذية، غداة إعلان واشنطن تخفيف بعض العقوبات واستئناف مطار دمشق رحلاته التجارية الدولية. وقال أبو دي في تصريحات لوكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" إن "سفينتين لتوليد الكهرباء من تركيا وقطر قادمتان إلى سورية، تولدان 800 ميغاواط، وهو ما يعادل نصف ما يتم توليده حالياً".
ومن شأن ذلك أن "يسهم في زيادة حصة المواطن من الكهرباء بنسبة 50% تقريباً"، وفق أبو دي، موضحا أن "العمل جار حاليا لتأمين خطوط نقل لاستقبال التيار الكهربائي من مكان رسو السفينتين". ومنذ سنوات، يعاني السوريون من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تتجاوز عشرين ساعة في اليوم، على وقع شحّ في الوقود والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد. وتقول حكومة تصريف الأعمال إنها تهدف إلى توفير الكهرباء لثماني ساعات يومياً في غضون شهرين.
ومنذ اندلاعها قبل أكثر من 13 عاماً، استنزفت الحرب التي شنها النظام على الثورة قطاعي الطاقة والكهرباء مع تضرر أبرز حقول النفط والغاز ومحطات توليد الكهرباء، كما حالت العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على دمشق دون وصول بواخر النفط بشكل منتظم إلى سورية.
وجاء إعلان المسؤول السوري غداة إعلان وزارة الخزانة الأميركية إصدارها ترخيصاً عاماً جديداً لتوسيع الأنشطة والمعاملات المسموح بها مع سورية خلال الأشهر الستة المقبلة، "للمساعدة في ضمان عدم عرقلة العقوبات للخدمات الأساسية واستمرارية وظائف الحكم في جميع أنحاء سورية، بما في ذلك توفير الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي"، وهو ما يعني تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق (التفاصيل ص 10-11).
وصدر القرار الأميركي على وقع جهود حثيثة تبذلها الحكومة الانتقالية في دمشق لرفع العقوبات عن البلاد. لكن المجتمع الدولي يبدي تردداً في رفع القيود. وقالت دول عدة بينها الولايات المتحدة إنها تنتظر لترى نهج السلطات الجديدة في الحكم.
وإثر وصول السلطة الجديدة الى دمشق بقيادة أحمد الشرع، كانت تركيا ثم قطر أول من فتحا سفارتيهما في العاصمة السورية. وتسعى الدولتان إلى نسج شراكات مع السلطة الجديدة التي تواجه تحديات كبيرة خصوصاً فيما يتعلّق بإعادة تأهيل البنى التحتية وإعادة الإعمار بعد سنوات الحرب الطويلة.
وكانت قطر، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي أبقت على موقفها المناهض لبشار الأسد، وعرضت المساعدة لاستئناف مطار دمشق عملياته و"ضمان صيانته خلال المرحلة الانتقالية"، وفق ما أفاد مسؤول قطري وكالة فرانس برس الشهر الماضي. كما أعلنت تركيا الشهر الماضي أن وفداً من وزارة الطاقة التركية زار سورية.
وقال وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار في اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في 28 ديسمبر/كانون الأول: "سنحدد احتياجات سورية على صعيد البنى التحتية والطاقة والكهرباء، وسنبذل قصارى جهدنا لضمان استفادة (السوريين) من هذه الخدمات الأساسية".
ويأمل رجل الأعمال السوري، راشد شباط، بتسريع تأمين الكهرباء، سواء لتأمين الاحتياجات المنزلية، إذ لا تزيد ساعات الوصل بالعاصمة دمشق، عن ثلاث ساعات يومياً أو لتأمين احتياجات المنشآت والمعامل التي تعاني من شلل وتعطيل.
ويشير شباط في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى زيادة الآمال لدى الشعب وشريحة رجال الأعمال بعد تخفيف العقوبات الأميركية وبدء "دعم تركيا ودول الخليج لسورية الجديدة". وبلغت خسائر قطاع الكهرباء بحسب تصريح غسان الزامل، الوزير في حكومة النظام المخلوع، 40 مليار دولار، مبينا أن العقوبات الأميركية كان لها تأثير كبير على قطاع الكهرباء.
إرث ثقيل من الدمار
وبلغ إجمالي الخسائر التي لحقت الاقتصاد السوري، نحو 530 مليار دولار، وفق "المركز السوري لبحوث السياسات"، بينما تقدره لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) بنحو 400 مليار دولار. ووفق تقديرات المركز السوري لبحوث السياسات، تقدر الأضرار بقطاع البنى التحتية فقط بنحو 40% ما تسبب بخسائر تقدر 65 مليار دولار. وتقدر خسائر قطاع النفط وحده بنحو 115 مليار دولار، لتعد الأكبر والأكثر تأثيراً على سورية واقتصادها. وتشير تقارير دولية إلى أن سورية بحاجة إلى أكثر من 800 مليار دولار لإعادة الإعمار.
وبحسب تصريحات سابقة للخبير النفطي عبد القادر عبد الحميد، لـ"العربي الجديد"، فإن حقول النفط في سورية تعاني أزمة كبيرة منذ اندلاع المعارك في البلاد في 2011. وتنتشر حقول النفط في محافظتَي دير الزور (شرق) والحسكة (شمال شرق)، ومنطقة تدمر التابعة لمحافظة حمص (وسط سورية)، فضلًا عن بعض النقاط النفطية الصغيرة في محافظة الرقة (شمال وسط).
وتحتل سورية المرتبة الـ31 عالميًا في احتياطيات النفط، وتمثّل 0.2% من إجمالي احتياطي النفط العالمي البالغ 1.6 تريليون برميل، بحسب أرقام رصدتها منصة الطاقة في سورية، لكن تسليم نظام بشار الأسد حقول النفط بعد الثورة لتنظيمات مسلحة كردية، والصراع على تلك المنطقة وتهديم بنى الحقول، تسبب في تراجع الإنتاج من 385 ألف برميل يومياً في عام 2010، و353 ألف برميل يومياً في عام 2011، و171 ألف برميل يومياً في عام 2012، إلى 59 ألف برميل يومياً في عام 2013، ثم 33 ألف برميل يومياً في عام 2014، ثم 27 ألفاً في عام 2015، و25 ألف برميل يوميًا في عامي 2016 و2017، و24 ألف برميل يومياً في عام 2018، بحسب بيانات موقع شركة النفط البريطانية "بي بي" (BP)، التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.