في جلسة مخصصة للحديث عن الديون المتزايدة وعمليات إعادة الجدولة التي لم ترق للتوقعات، بدا واضحاً سيطرة القلق على مسؤولي الصندوق وضيوفه من تراكم الديون على الأسواق الناشئة، وبصورة تفوق كثيراً الدول المتقدمة، خاصة في ظل توقعات استمرار معدلات الفائدة المرتفعة، وتباطؤ النشاط الاقتصادي.
وفي مناقشة ضمن فعاليات اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، المنعقدة في العاصمة الأميركية واشنطن هذا الأسبوع، اعتبرت جيتا جوبيناث، النائب الأول للعضو المنتدب لصندوق النقد الدولي، أن مشكلة الديون على الدول الناشئة أصبحت واحدة من أهم القضايا التي يراقبها الصندوق في الوقت الحالي، خاصة مع تزايد تكلفتها بسبب رفع معدلات الفائدة.
وقالت إيلينا دوجار، عضو مجلس إدارة الاقتصاد الكلي لدى مؤسسة موديز للتقييم الائتماني إنهم لا يتوقعون حدوث حالات إفلاس واسعة الانتشار في الأسواق الناشئة، لكنهم يرون بعض الدول في طريقها للتخلف، ليضافوا إلى "ست دول من بين الأسواق الناشئة تخلفت عن السداد خلال الفترة التي مضت من العام الحالي".
وعللت دوجار ذلك بتراجع "الدعم المالي الخارجي مع ارتفاع معدلات الفائدة وتباطؤ النشاط الاقتصادي في الأسواق المتقدمة".
لكن النظرة شديدة التشاؤم، والواقعية، جاءت من أكسيل ويبر، رئيس معهد التمويل الدولي IIF، حيث أوضح تزايد المخاطر في البلدان الناشئة، مقارنةً بما هو عليه الحال في البلدان المتقدمة، مشيراً إلى أن تكلفة خدمة الدين ارتفعت في البلدان الناشئة خلال السنوات العشر الأخيرة من 6% إلى 10%، بينما انخفضت في البلدان المتقدمة من 6% إلى 4% من إجمالي الإيرادات.
وقال ويبر إن هذا يعني "تراجع قدرة البلدان الناشئة على سداد الديون".
وأشار ويبر إلى العديد من العوامل التي صعبت الحياة على الحكومات في البلدان الناشئة، وكان في مقدمتها ارتفاع معدلات الفائدة بمعدلات غير مسبوقة، كما أزمات ارتفاع تكلفة الغذاء والطاقة والسلع الأولية بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأضاف موضحاً أن أغلب البلدان الناشئة تعتمد على التمويل الخارجي، وأن "ما يقرب من 90% من هذا التمويل يكون بالدولار، وهو ما زاد من تأزم الموقف مع ارتفاع سعر الدولار".
وأشار ويبر أيضاً إلى أن الحكومات في تلك الدول استنزفت البنوك العاملة في بلادها، وهو ما اعتبره يحد من قدرة تلك الحكومات على اقتراض المزيد منها.