بدأ التحرّك الخارجي يُضيِّق الخناق على حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة ويزعزع منطقة الأمان اللبنانية التي يتنقل فيها براحة. فقد تلقى لبنان، الثلاثاء، رسالة من ألمانيا تطلب معلومات تتعلق بالأوضاع المالية لسلامة.
وسبقت ذلك رسائل في الأسبوع الماضي من السلطات الفرنسية وسلطات لوكسمبورغ تطلب معلومات تتعلق بالحسابات والأصول المصرفية لسلامة، وفقاً لما أوردته مصادر وكالة "رويترز".
ويعول حقوقيون لبنانيون على التحرك الدولي لإلزام السلطات اللبنانية بالتعاون في كشف ملف تجاوزات حاكم مصرف لبنان، عملاً بالاتفاقيات الدولية التي تعنى بمكافحة الفساد ويعد لبنان طرفاً فيها.
تتوقف المحامية دينا أبو زور، من رابطة المودعين في لبنان، في حديث مع "العربي الجديد"، عند كثرة الدعاوى والشكاوى والتحقيقات المفتوحة بحق سلامة وطلبات الحصول على معلومات حول حساباته سواء في فرنسا أو سويسرا ولوكسمبرغ وألمانيا، ومنها طلبات قدمتها الرابطة أيضاً وطاولت حتى مصارف سويسرية بتهمة التواطؤ لتسيير اعمال حاكم مصرف لبنان وشركائه. وتشدد أبو زور على أن السبب الأساس المتصل بكل هذه المراسلات والطلبات هو وجود شبكة أموال متحركة لسلامة بين هذه الدول.
وتشير أبو زور إلى أن هذا التحرك الخارجي قد يرتد على الواقع اللبناني من الناحية السياسية، ويخلق نوعاً من التوتر بين مكونات المنظومة السياسية التي لم تترك وسيلة إلا استخدمتها لتعطيل الملاحقات بحق سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك أمام القضاء اللبناني.
وتشير أيضاً إلى عرقلة عمل القضاء المستقل "كما رأينا حين تم منع القاضي جان طنوس من الوصول إلى حسابات رجا سلامة ولم يسمح له بالمشاركة في الاجتماع الذي عقد في باريس وخصص للتنسيق بين السلطات القضائية في أوروبا ربطاً بقضية سلامة وملفاته".
وتلفت أبو زور إلى أن كل المكونات السياسية، بما فيها مرجعيات دينية، تضغط لحماية سلامة الذي عزز حجم ثروات العديد من السياسيين والمحظيين.
من جهته، يقول منسق الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" المحامي هيثم عزو، لـ"العربي الجديد"، إن "الملاحقات الأوروبية بحق سلامة كلها انطلقت من وجود صلاحية لها في التحقيق مع حاكم مصرف لبنان ربطاً باستخدامه نظامها المصرفي".
ويضيف أن "هذه الدول ربما تكون قد تحركت أيضاً بالنظر إلى حجم ثروة سلامة التي يملكها في أوروبا، فهي تتساءل من أين له كل هذا المال، ولا سيما أنه مشتبه به في لبنان وهو موضوع ملاحقة ودعاوى قضائية أمام القضاء اللبناني؟".
وكانت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون قد أصدرت قراراً بمنع سفر سلامة وذلك بناءً للشكوى المقدمة من الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام"، التي عادت واستحصلت على قرار بوضع إشارة على عقاراته وسياراته قبل توسيعها مع اكتشاف عقارات جديدة له "وهناك مذكرة إحضار بحقه إن لم يمثل أمام القضاء في منتصف هذا الشهر"، وفق عزو.
ويصعّد الرئيس اللبناني ميشال عون في الفترة الأخيرة من هجومه على سلامة، متهماً جهات من دون تسميتها بعرقلة التحقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي.