سورية: انفلات أسعار السلع في رمضان
تعيش أسواق دمشق حالة من الاحتكار وانفلات الأسعار مع دخول شهر رمضان وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وما خلفته من أثار سلبية على معيشة السكان في مختلف مناطق العالم ومن ضمنها مناطق سيطرة النظام السوري.
ويعاني سكان في دمشق من الارتفاع المستمر في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية اليومية، إذ تختلف الأسعار بين ليلة وضحاها، ما دفع أصحاب المحال وبسطات الخضار لإزالة يافطات الأسعار عن بضائعهم ومحتويات بسطاتهم من الخضار والفواكه والتحكم بالسعر وفقاً لرغباتهم دون حسيب ولا رقيب، بحسب عدد من سكان دمشق.
ويصف مراقبون في دمشق وضع الأسواق والأسعار بـ"الأسوأ" منذ عشرة أعوام، إذ لم يصل مستوى الأسعار لما هو عليه اليوم، فبلغ سعر كيلوغرام البندورة 3500 ليرة والفاصولياء 15 ألف ليرة، والخيار 4500 والفليفلة 8000 ليرة وحتى الخسة أصبحت بـ2000 ليرة (الدولار = نحو 3900 ليرة).
وحسب بيان برنامج الأغذية العالمي الصادر في العام الفائت، 2021، يعاني حوالي 12.4 مليون شخص - ما يقرب من 60 في المائة من سكان سورية - من انعدام الأمن الغذائي ولا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية.
ارتفاع متواصل للأسعار
يقول خالد بدر (41 عاماً)، وهو من سكان حي باب سريجة الدمشقي، لــ"العربي الجديد": "بتنا لا نعرف ماذا نشتري وماذا نأكل، فالأسعار تختلف بين الصباح والمساء، ناهيك عن أسعار بعض المواد الغذائية التي وصلت لحدود لا تصدق كسعر كيلوغرام البامية اليابسة الذي يصل إلى 60 ألف ليرة، وحبة البندورة بـ500 ليرة".
ويؤكد في حديثه أنَّ أسرته لم تعد قادرة على تأمين مستلزمات شهر رمضان كما كانت تفعل في الأعوام السابقة. إذ تشير الأرقام المتداولة إلى أنَّ احتياجات أسرة مكونة من 5 أشخاص تكلف 500 ألف ليرة لشراء حاجياتها من سلة رمضان بالحد الأدنى.
أما بشرى محمد (50 عاماً)، وهي أم لأسرة مكونة من سبعة أشخاص وتقطن في حي المزة بدمشق، فتشعر بحالة من اليأس والحيرة لدى ذهابها للسوق، تقول لـ"العربي الجديد": "منذ يومين اشتريت كيلوغرام البرغل بـ3000 ليرة، واليوم أصبح سعره 5500 ليرة".
وتتحدث السيدة الخمسينية بحرقة لدى سؤالها عن الأسعار في شهر رمضان، وتجيب: "لا نعرف كيف نتدبر أمورنا في هذا الشهر الفضيل".
وتضيف: "تخيل جلت السوق بأكمله ولم أعثر على مادة الطحين". إذ تستخدم الأسر الدمشقية الطحين بكثرةً خلال شهر رمضان لصناعة مختلف أنواع الحلويات.
وتوضح محمد أنهَّا باتت لا تعرف ماذا تُطعم عائلتها في ظل عدم قدرتها على شراء حتى الخضار وليس اللحوم التي افتقدتها الأسرة منذ سنوات، وتقول "اللحمة بتنا لا نأكلها إلا في الأعياد".
شراء بالحبة
يرجع بعض الباعة وأصحاب المحال ارتفاع الأسعار إلى تجار الجملة. وقال سمير موصلي، وهو صاحب محل خضار في حي باب سريجة بدمشق، لـ"العربي الجديد": "لا يوجد استقرار بسعر أي مادة، كل يوم سعر، لذلك لم أعد أشتري كميات كبيرة لمحلي، إنما كميات أقل من نصف ما كنت أشتريه قبل أسبوع".
وأضاف أنه مضطر لرفع أسعار بضاعته بما يتوافق مع قيمة شرائها المرتفعة من سوق الهال في منطقة الزبلطاني، إذ يشتري بضاعته بالجملة وبأسعار مرتفعة، مضيفاً أنَّ حركة البيع قليلة رغم وجود أناس يجولون في السوق لكنهم لا يستطيعون الشراء، وهناك من يشتري بالحبة وليس بالأوقيَّة.
تبريرات فارغة
قال أمين سر غرفة صناعة دمشق وريفها أكرم الحلاق، في تصريحات صحافية: "إنَّ ارتفاع أسعار المنظفات والمواد والسلع سببه ارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع أسعار المواد الأولية".
وادعى الحلاق أن هذا الارتفاع بالأسعار آني، وأنَّ الأسعار سوف تعود وتستقر كما كانت. لكن واقع السوق وتقلبات أسعاره تعاكس كلام الحلاق وتمنياته بأنه سيكون هناك انخفاض ملحوظ واستقرار في أسعار المواد والسلع الاستهلاكية بشكل عام قبل شهر رمضان.
كما أرجع بعض مسؤولي النظام ارتفاع الأسعار إلى البرد الشديد والصقيع اللذين أثرا بشكل كبير على أسعار الخضر خلال الفترة الحالية، إضافة لصعوبة تأمين التدفئة للبيوت البلاستيكية في ظل غلائها وعدم توفرها، كذلك زيادة أجور نقل الشاحنات المحملة بالخضر من المحافظات المنتجة إلى سوق الهال.