- قطاع البناء يعاني من نقص في العمالة يقدر بـ90 ألف عامل، مع طلبات لإجراءات عاجلة لاستقدام عمال وتقديم تسهيلات للشركات لتجاوز الأزمة.
- الحرب تسببت في انكماش الناتج المحلي الإجمالي بـ19.4% وتوقعات بعجز مالي يتجاوز 8%، مع زيادة الطلب على السكن في مناطق بعيدة عن الاشتباكات.
يُطبق الركود الحاد على مبيعات شركات مواد البناء في إسرائيل، بعدما هوت مبيعاتها بنحو 55% بفعل الشلل الذي أصاب أنشطة التشييد منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، ما دفع اتحاد المصنعين الإسرائيلي إلى عقد اجتماع طارئ أخيرا حذر فيه من توقف خطوط إنتاج بأكملها وخسارة الشركات مليار شيكل شهرياً (267 مليون دولار)، مطالبا بإجراءات إنقاذ حكومية.
وتطاول الأزمة مختلف التخصصات، بدءاً من محاجر الحصى والرمل، مروراً بأنشطة تصنيع الخرسانة والإسفلت والمواد العازلة للتسرب، والدهانات وصناعات الصلب والألمنيوم والمصاعد واللوحات الكهربائية ومكيفات الهواء وسخانات الطاقة الشمسية والأبواب والنوافذ وغيرها.
وتعمل 200 شركة تقريباً في صناعات البناء، ويقدر حجم أعمالها بنحو 25 مليار شيكل سنوياً (6.83 مليارات دولار)، بمتوسط يبلغ نحو ملياري شيكل شهرياً، ويعمل في الأنشطة عشرات الآلاف من العمال بشكل مباشر وغير مباشر. وذكر موقع يديعوت أحرونوت، أمس الاثنين، أن اتحاد المُصنعين عقد اجتماعاً طارئاً، الأسبوع الماضي، برئاسة رون تومر، وتم عرض مطالب الشركات من أجل تقديمها للحكومة الإسرائيلية للتعامل مع الأزمة.
وأشار الاتحاد إلى معاناة الشركات من قلة الأيدي العاملة والركود الناجم عن تهاوي أعمال البناء، فضلا عن ارتفاع تكاليف التشغيل بفعل زيادات أسعار الفائدة من قبل بنك إسرائيل المركزي، والتي بدأت بالأساس قبل اندلاع الحرب على غزة.
ويفتقر قطاع البناء والبنية التحتية حالياً إلى نحو 90 ألف عامل، بعد منع الفلسطينيين من العمل في مشروعات البناء المختلفة، بينما تتعثر محاولات استقدام عمالة أجنبية في ظل استمرار الحرب والخوف من توسعها بعد الضربات المتبادلة أخيراً بشكل مباشر بين إسرائيل وإيران.
ولفت اتحاد المصنعين، وفق يديعوت أحرونوت، إلى ضرورة استقدام العمال إلى صناعة البناء والتشييد في أسرع وقت ممكن دون شروط أجور مفرطة، مشدداً على أن أي تأخير في هذه الخطوة يؤثر بالسلب على شركات صناعة مواد البناء التي تعتمد بشكل كبير على أعمال التشييد. وطالب بإعطاء الشركات الإسرائيلية الأولوية في توريد مواد البناء والتشطيب للبنيات التي يجري ترميمها والتي تعرضت لأضرار جراء الحرب، فضلا عن إعفائها من نسبة لا تقل عن 25% من ضريبة الأملاك المفروضة عليها، على غرار ما حدث خلال جائحة فيروس كورونا قبل نحو أربع سنوات.
كما تطالب الشركات بتمديد مسار التعويضات لأن "الصناعة في أزمة مستمرة وتحتاج إلى تعويضات لضمان استمرارية العمل، بما في ذلك الشركات التي يبلغ حجم مبيعاتها أكثر من 400 مليون شيكل"، بحسب اتحاد المصنعين. وكانت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، في فبراير/ شباط الماضي، قد أظهرت انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 19.4% على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2023، بسبب الحرب التي تستنزف موارد الاحتلال.
ويعكس هذا الانخفاض تراجعاً بنسبة 70% في الاستثمارات، و42% في الواردات، و27% في الاستهلاك الخاص، و18% في الصادرات، وارتفاعا حادا بنسبة 88% في الإنفاق العام. وأشار مكتب الإحصاء إلى أن الانخفاض الحاد يرجع جزئياً إلى استدعاء 300 ألف من جنود الاحتياط الذين اضطروا إلى ترك أماكن عملهم وشركاتهم للشروع في الخدمة العسكرية لعدة أشهر.
كما لفت إلى أن فرض إسرائيل قيوداً صارمة على حركة العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة للعمل في الداخل، تسبب في نقص العمالة الذي أصبح عائقاً إضافياً أمام النمو الاقتصادي.
وقال إيلي كوهين، الرئيس التنفيذي لشركة "ثيرموكير" للصناعات الإنشائية ورئيس جمعية الصناعات الإنشائية التابعة لاتحاد المصنعين، إن "مئات الشركات من الصناعات الإنشائية تعاني منذ أكثر من 6 أشهر من انخفاض حجم المبيعات بنسبة 50%. وأوضح أن هذا التراجع يرجع إلى الانخفاض الكبير في أعمال البناء بسبب نقص العمال الفلسطينيين، محذرا من أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن بعض الشركات ستعاني من أضرار لا يمكن إصلاحها، وستواجه صعوبة في التعافي والاستجابة لصناعة البناء عندما تبدأ مشاريع إعادة التأهيل.
وأضاف: "يجب على الحكومة التحرك بشكل عاجل للسماح لشركات صناعة مواد البناء بالتغلب على الأزمة، عبر آلية تعويضات وزيادة مشتريات المشاريع العامة من الشركات، وإزالة الحواجز التي تعيق جلب العمال الأجانب إلى مواقع البناء". لكن العجز المالي الحاد الذي تواجهه الحكومة الإسرائيلية قد لا يمكنها من تعويض الشركات المتضررة، حيث تظهر البيانات الرسمية أنه من المتوقع أن يتجاوز 8% خلال العام الجاري، وهو ما يقترب من أربعة أضعاف ما كان مقدراً قبل الحرب بنسبة 2.25%، وأيضاً يتجاوز كثيرا التقديرات التي تطرقت إليها موازنة 2024 المعدلة البالغة 6.6%.
ووفق الموازنة، فإن الإنفاق المقدر للعام الجاري يبلغ 584.1 مليار شيكل (155.8 مليار دولار وفق سعر صرف أمس)، بزيادة 70 مليار شيكل مقارنة بموازنة الأساس المصادق عليها في مايو/ أيار 2023.
وتظهر البيانات الصادرة عن المحاسب العام لوزارة المالية يالي روتنبرغ وصول العجز على مدار الـ12 شهراً الماضية إلى 117.3 مليار شيكل، وهو الأعلى في تاريخ البلاد، مسجلاً مستوى قياسياً جديداً في نهاية مارس/ آذار. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط بلغت قيمة عجز الموازنة 26 مليار شيكل.
وفي أثناء تراجع أنشطة البناء وتسليم الوحدات السكنية الجديدة، تشهد المناطق البعيدة عن نطاق الاشتباكات، سواء في ما يعرف بغلاف غزة جنوباً أو على الحدود الشمالية مع لبنان، طلباً متزايداً على السكن، ما دفع البعض إلى تحويل المحلات التجارية إلى شقق سكنية، وفق تقرير لصحيفة كالكاليست الإسرائيلية أمس.
وأشارت الصحيفة إلى أن عدداً متزايداً من أصحاب المتاجر في جنوب تل أبيب وفي يافا حولوا عقاراتهم إلى شقق سكنية، على الرغم من أن هذا مخالف للقانون، لكنه بات مطلوباً للمستأجرين الشباب أو العمال الأجانب الذين يبحثون عن شقق صغيرة بسعر منخفض، ومربح أيضاً لأصحاب المتاجر الذين تبدلت الأوضاع وباتت محلاتهم مهجورة بينما يدفعون ضرائب عقارية مرتفعة.
ولفتت إلى أن تحويل المحلات التجارية إلى شقق سكنية كان يحصل في سنوات ماضية، إلا أن الأمر تحول إلى ظاهرة خلال هذه الفترة، حيث توجد في منطقة فلورنسا عند مدخل يافا العديد من الشوارع التجارية التي كانت مليئة بالمحلات التجارية، واليوم تستخدم فقط للمساكن ذات واجهات المتاجر المسدودة بالكتل والأبواب المؤقتة. وقال أوهاد دانوس، أحد كبار المثمنين العقاريين، في تصريح لـ"كالكاليست"، إن "ظاهرة تحويل المحلات التجارية إلى شقق سكنية تتوسع في إسرائيل، والسبب وراء هذه الظاهرة هو غلاء المعيشة وارتفاع أسعار وإيجارات الشقق".
بدوره، قال نيريا يوهانانوف، الذي يعمل سمساراً والمتخصص في بيع العقارات في جنوب تل أبيب، إن " إيجار متجر صغير مساحته 20 متراً مربعاً يتكون من غرفة واحدة يراوح بين 2800 و3000 شيكل، وإذا أخذت محلاً كبيراً بمساحة 50 متراً مربعاً وحوّلته إلى شقة من غرفتين فإيجاره يبلغ نحو 4500 شيكل".