بإعلانها التخلي تماما عن سيارات الوقود بحلول العام 2040، كهدف استراتيجي بالنسبة لإدارتها الجديدة، تزايد شركة "هوندا" Honda اليابانية على مواطنتها العملاقة "تويوتا" Toyota في سياسة تطوير مفهوم السيارات الكهربائية الشاملة التي تولّد "صفرا" من انبعاثات الكربون المضرة بالبيئة والصحة العامة.
فقد أصبحت "هوندا" أول شركة سيارات في اليابان تصرّح علنا بأنها تعتزم التوقف التدريجي عن مبيعات المركبات التي تعمل بالبنزين تماما، وتحدّد العام 2040 موعدا مستهدفا لتحقيق هذه الغاية، بما يمنح رئيسها التنفيذي الجديد، توشيهيرو ميبي، الفرصة لتحقيق رؤية ثورية في الشركة التي مضت على تأسيسها الآن 84 سنة.
المحلل في شركة أبحاث السيارات "فورين" Fourin، ياتشيو تاناكا، قال "إنه هدف جريء للغاية. لقد تعهدت هوندا بالتقدّم على صانعي السيارات الآخرين من خلال إدخال أحدث التقنيات"، علما أن الغنائم التي يمكن أن تحصدها كبيرة، إذ تعهد رئيس الوزراء، يوشيهيدي سوجا، بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وقد تستحوذ الشركات التي تتمتع بميزة المحرّك الأول على حصة في سوق تبلغ نسبة انتشار المركبات الكهربائية فيها 1%، بانخفاض كبير عن 6% في الصين التي تُعد أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم.
إلا أن رهان كسب السباق الكهربائي بين الشركات اليابانية، وفي طليعتها "هوندا" و"تويوتا"، لا يقف عند حدود اليابان وحسب، بل يمتد إلى ما وراءها باتجاه الأسواق العالمية، حيث من المنتظر أن تزيد بقوة مبيعات المركبات الكهربائية الخاصة بالركاب، لتقفز إلى 14 مليونا بحلول 2025، صعودا من 3.1 ملايين في سنة 2020، وفقا لبيانات "بلومبيرغ" BloombergNEF.
في السياق، بدأت "هوندا"، التي تجني نحو 56% من إيراداتها من أميركا الشمالية والربع من آسيا باستثناء اليابان، في مواءمة نفسها مع شركات قوية في الخارج، حيث أبرمت عام 2020، اتفاقية لاستخدام تكنولوجيا البطاريات الخاصة بشركة "جنرال موتورز" GM.
وتتضمن استراتيجية "هوندا" الكهربائية، أيضا، قوّتها التقليدية المتمثلة في الدراجات النارية. فهي تخطط للكشف عن 3 منها بعجلتين بحلول 2024، إضافة إلى 10 سيارات كهربائية جديدة في الصين في غضون 5 سنوات، علما أن أول هوندا "إي" e المنتجة بكميات كبيرة، والتي أُطلقت العام الماضي، لديها هدف مبيعات عالمي يناهز 10 آلاف وحدة سنويا.
ويتساءل منتقدو استراتيجية "هوندا" عما إذا كان هدفها المعلن واقعيا، خاصة أن لاعبين أكبر منها، مثل "فورد" Ford، لا يتوقعون أن يكونوا محايدين للكربون بنسبة 100% قبل العام 2050، بينما ترى شركة "تويوتا" أن السيارات الهجينة تلعب دورا أكثر أهمية.
المحلل في "كارنوراما"، تاكيشي مياو، رأى أن استراتيجية "هوندا" تكتيك قصير المدى لجذب انتباه أصحاب المصلحة، حيث يزداد التركيز على الإدارة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
وأضاف: "كي تتموضع هوندا في السوق، كان عليها أن تقول شيئا مختلفا عن تويوتا"، معتبرا أنه "لم يكن أمام هوندا خيار سوى كشف النقاب عن خطة متعارضة كي تجذب المستثمرين، إذ لا فائدة من أن تقول الشيء نفسه".