ضجة بشأن إغلاق حقول الغاز الإسرائيلية بقرار من الشركات بسبب الحرب

08 أكتوبر 2024
حقل ليفياثيان الإسرائيلي، 29 أغسطس 2022 (Getty)
+ الخط -

تسود الكثير من التساؤلات عن إغلاق حقول الغاز الإسرائيلية بقرار من الشركات بسبب الحرب. ويوم الأحد الماضي، أفادت شركة نيوميد إينيرجي، التي تمتلك 45% من الحقل ليفياثان وهو ثالث أكبر حقل غاز في إسرائيل، بأنه خلال الفترة الماضية كانت هناك عدة عمليات إغلاق استباقية لإنتاج الغاز من الحقل. ليفياثان أكبر خزان بين خزانات الغاز قبالة سواحل الاحتلال، وهو مملوك أيضاً لشركة راتيو (15%) وشركة شيفرون الأميركية (40%).

وتكمن أهمية هذا القرار في أن هذا الحقل متحيز نحو التصدير، ومعظم الإنتاج المتزايد من حقل ليفياثان مخصص لمصر والأردن، فيما لا يتوقع أن يكون هناك تأثير كبير للإغلاقات الحاصلة بالاقتصاد الإسرائيلي. وبحسب تقرير الشركات، فإنه "في أعقاب آخر التطورات الأمنية والاعتماد، من بين أمور أخرى، على الاعتبارات التشغيلية والفنية للنظام، يقوم المشغل دورياً، وفقاً لتعليمات تشغيل منصة الحفر وإجراءات السلامة الخاصة به، بوقف الإنتاج من مكمن ليفياثان لفترات زمنية معينة".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، أُغلق حقل تمار مع اندلاع الحرب، كان تقرير الشركات مختلفاً. وكتبت شركة تمار للبترول، التي تمتلك حوالى 16% من الحقل الذي تديره شركة شيفرون، أن إغلاق تمار كان بسبب توجيه من وزارة الطاقة.

قرار ذاتي لإغلاق ليفياثان

وفي تقرير هذا الأسبوع عن إغلاق حقل ليفياثان، لم يذكر أن ذلك كان بتوجيه من وزارة الطاقة. ورفضت وزارة الطاقة نفسها الإجابة عن سؤال ما إذا كانت الوزارة هي الجهة المسؤولة عن إغلاق الحقول أم أن الشركات يمكنها التصرف وفق اعتباراتها وحدها.

ويعتبر موقع "كالكاليست" الإسرائيلي أن عدم الاستجابة والاختباء وعدم إعطاء الإجابات أمر محيّر. لأنه في العام الماضي، كانت هناك إجابة بسيطة: وزارة الطاقة أصدرت تعليمات لشركة شيفرون بوقف الإنتاج من مجمع تمار. وبما أن هناك سابقة، فليس من الواضح لماذا اختارت الوزارة والشركات التصرف بهذه الطريقة الآن.

ويوجد حالياً ثلاثة خزانات للغاز تعمل قبالة سواحل الاحتلال: ليفياثان، الذي يحتوي على حوالى 600 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وتمار، الذي يحتوي على حوالى 300 مليار متر مكعب، وكاريش، الذي يحتوي على حوالى 100 مليار متر مكعب.

على الرغم من أن الغاز الطبيعي مسؤول عن إنتاج حوالى 70% من الكهرباء في الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أن إغلاق أحد خزانات الغاز الثلاثة لا ينبغي أن يؤثر بإمدادات الكهرباء. والسبب أن جزءاً كبيراً من إنتاج الغاز في إسرائيل مخصص للتصدير، لذلك في حالة الطوارئ حيث يُعطَّل أحد الحقول، يمكن تقليل الصادرات وسدّ الفجوة. وهذا ما حدث في بداية الحرب، حيث أُغلِق تمار لمدة شهر.

ومع ذلك، في الأسبوع الماضي لعدة ساعات يوم الثلاثاء، وفي أثناء الهجوم الصاروخي من إيران، أُغلِقَت منصتان معاً، تمار وليفياثان، اللتان تديرهما شركة شيفرون. كان خزان كاريش هو الوحيد الذي يزود الاقتصاد الإسرائيلي بالغاز لإنتاج الكهرباء خلال تلك الساعات. ولم يكن هناك شعور بنقص الكهرباء، وذلك لأسباب، من بينها أنه كان ذروة فصل الصيف، ومعه انخفضت ذروة الطلب على الكهرباء، وأيضاً لأنه كان وقتاً قصيراً نسبياً. لكن، وفق "كالكاليست" مع مرور الوقت لا يمكن الاعتماد على تزويد إسرائيل باحتياجاتها المستمرة من خزان غاز واحد فقط.

وتُعَدّ منصات الغاز من مرافق البنية التحتية الحساسة، وقد تصدّر التهديد الذي تتعرض له عناوين الأخبار مرات عديدة، حتى قبل الحرب الحالية. إحدى أبرز الحالات كانت في يوليو/ تموز 2022، عندما اعترض الجيش الإسرائيلي عدداً من الطائرات دون طيار، التي يبدو أن حزب الله أطلقها على منصة "شارك".

تهديد منصات الغاز الإسرائيلية

ومع بداية الحرب، زادت التهديدات على منصات الغاز، وفي عدد من التقارير المختلفة، بعضها منذ أسبوع فقط، وردت أنباء عن محاولات تهديد لمنصات الغاز. ويعتبر خزان شارك الأقرب إلى الحدود البحرية مع حزب الله. وفي بداية العقد، قال لبنان إن جزءاً من مساحة الحقل يقع في المياه الاقتصادية اللبنانية.

وأدى التهديد بإلحاق أضرار بمنصات الغاز في ذلك الوقت، إلى استثمار مكثف لحمايتها. وبحسب منشورات مختلفة، استثمرت وزارة الدفاع 3 مليارات شيكل في شراء معدات مخصصة لحماية منصات الغاز. وبصرف النظر عن تكلفة الشراء، فإن تشغيل المعدات لحماية الحفارات يكلف حوالى 400 مليون شيكل سنوياً. وتتعلق هذه الأرقام بتكلفة حماية منصات الحفر حتى قبل الحرب.

وعلى الرغم من التكلفة العالية التي استُثمِرَت في حماية منصات الغاز، ففي الأيام الأولى من الحرب،  أُغلِق خزان الغاز الطبيعي تمار، أقصى الجنوب، لمدة شهر كامل. كان سبب الإغلاق أنّ الأضرار التي قد تلحق بمنصة الحفر في أثناء إنتاج الغاز يمكن أن تكون أكثر تدميراً بكثير من الأضرار التي تلحق بمنصة معطلة.

وفقاً لما ذكره كبير الاقتصاديين في شركة BDO، تشين هرتزوغ، فإن كل شهر يُغلَق فيه خزان الغاز في تمار يؤدي إلى أضرار اقتصادية للاقتصاد الإسرائيلي تبلغ 800 مليون شيكل. عمليات الإغلاق اللاحقة، وفق "كالكاليست" التي نُفِّذَت كانت أقصر بكثير من شهر كامل، لكنها لا تزال تشكل ضرراً اقتصادياً مؤكداً.

تمتلك شركة شيفرون أسهماً في أكبر خزانين للغاز في إسرائيل: ليفياثان (40%) وتمار (25%). كاريش هو خزان الغاز الطبيعي الوحيد الذي يعمل دون مشاركة شركة شيفرون. وهو الخزان المملوك بالكامل ومُدار من قبل شركة Energian ويحتوي على حوالى 100 مليار متر مكعب.

وشيفرون ليست شريكة في ليفياثان وتمار فحسب، بل هي أيضاً مشغل الخزانين، ما يعني أن الإدارة اليومية للحفارة هي في يديها، وهي حقيقة لا تؤدي إلا إلى تعزيز قبضتها على الغاز الطبيعي الإسرائيلي، بحسب "كالكاليست".

وقد تلقت قوة شيفرون العظيمة في سوق الطاقة الإسرائيلي قدراً كبيراً من الانتقادات على مرّ السنين. والآن، إذا قررت شركة شيفرون إغلاق الخزانات بناءً على اعتباراتها الخاصة، ومن دون توجيه واضح من وزارة الطاقة، فهذا دليل آخر على القوة الاستثنائية للعملاق الأميركي في واحدة من أهم البنى التحتية الاستراتيجية في إسرائيل.

وفي الوقت نفسه الذي أُبلِغ فيه عن عمليات الإغلاق، قالت الشركات إنه بسبب الوضع الأمني أعلنت شركة شيفرون المشغلة تأخير أعمال مدّ خط الأنابيب البحري كجزء من مشروع خط الأنابيب الثالث من حقل ليفياثان حتى إبريل/ نيسان 2025، "اعتماداً على الجداول الزمنية وطلبات المقاول المنفذ المتراكمة والوضع الأمني ​​الذي سيسود في المنطقة".

من المفترض أن يتصل خط الأنابيب براً بنظام النقل في Natgaz ويزيد من قدرة النظام من 1.2 إلى 1.4 مليار قدم مكعب في اليوم. في ضوء الإعلان، "يقدر المشغل أنّ من المتوقع حدوث تأخير لمدة 6 أشهر على الأقل لاستكمال مشروع خط الأنابيب الثالث".

يوم الأحد الماضي، أفادت شركة نيوميد إينيرجي، التي تمتلك 45% من حقل ليفياثان أنه خلال الفترة الماضية كانت هناك عدة عمليات إغلاق استباقية.
المساهمون