استمع إلى الملخص
- **التحديات الاقتصادية والسياسية**: تسعى الكويت لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، مما يضع صناع القرار أمام تحدي تحقيق التوازن بين حماية السوق المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية، مع تشكيل لجنة لمراجعة التشريعات الاقتصادية.
- **آراء الخبراء الاقتصاديين**: الخبير محمد رمضان يرى أن القضية تتعلق بمبدأ "المعاملة بالمثل"، بينما يؤكد محمد الناير على ضرورة التعامل مع الشركات ككيانات مستقلة، مشدداً على أن وجود ملاك أجانب لا يبرر رفض دخول الشركات إذا كانت النسبة الأكبر للخليجيين.
خلقت ضوابط كويتية لتحديد هوية المساهمين في فروع الشركات الخليجية التي تطلب العمل في الدولة حالة نقاش في الأوساط الاستثمارية في البلد الذي يسعى إلى تنويع اقتصاده، لا سيما بعد أن رفضت وزارة التجارة والصناعة مؤخراً طلب شركة خليجية فتح فرع لها، مبررة ذلك بأن هيكل ملكيتها يتضمن مساهمين غير خليجيين.
وتشدد الوزارة الكويتية على أنه يشترط لفتح الشركة الخليجية فرعاً في الكويت أن تكون مملوكة بالكامل لمساهمين من جنسية ترخيص الشركة أو لمواطنين خليجيين. ووفق مصادر مطلعة، فإن المسؤولين في الوزارة يتمسكون بموقفهم، وهو ما دعا مقدمي الطلب إلى إحالة الملف إلى إدارة الفتوى والتشريع في مجلس الوزراء لطلب رأيها في التعارض القانوني الناشئ، واعتبروا أن منعهم "يخالف مبدأ المعاملة بالمثل، لا سيما أن دولة ترخيص الشركة مقدمة الطلب لا تحول دون ولوج الشركات الكويتية لسوقها".
يأتي تجدد النقاش حول هذه القضية في وقت تسعى فيه الكويت جاهدة للخروج من اعتمادها على الاقتصاد النفطي، فوفقاً لإحصائيات نشرتها وزارة المالية في يناير/كانون الثاني الماضي، فإن 86% من إيرادات الدولة لا تزال تعتمد على النفط.
ويضع هذا الواقع صناع القرار في الكويت أمام تحدٍ كبير يتمثل في الموازنة بين حماية السوق المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما أكده وزير التجارة والصناعة السابق عبد الله حمد الجوعان، الذي أعلن في 20 فبراير/شباط الماضي عن تشكيل لجنة لمراجعة التشريعات الاقتصادية، بما يضمن تحقيق التوازن المنشود بين لوائح الحماية وبين متطلبات جذب الاستثمارات.
يشير الخبير الاقتصادي محمد رمضان، لـ"العربي الجديد"، إلى أن موضوع ملكية الشركات الأجنبية في الكويت يثير جدلاً حول مبدأ "المعاملة بالمثل" في دول مجلس التعاون الخليجي، معتبراً أن المسألة تتعلق بهذا المبدأ أكثر من كونها قضية قانونية بحتة.
ويرى رمضان أن هذا الوضع يمثل رسالة واضحة من الكويت بأن ملكية الشركات تقتصر على المواطنين ودول مجلس التعاون الخليجي، وذلك لأسباب إدارية ولتحفظات سيادية.
وفي ما يتعلق بدور إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الوزراء الكويتي في هذه القضية، يؤكد الخبير الاقتصادي أن قراراتها ليست ملزمة، لأنها مجرد جهة استشارية، لافتاً إلى أن هذا الوضع، رغم محدودية تأثيره، قد يرسل رسالة سلبية لبعض المستثمرين الأجانب. لكن رمضان يخلص إلى أن تأثير هذه السياسة على الاستثمار الأجنبي في الكويت يبقى محدوداً في الواقع العملي، رغم ما قد يبدو عليه الأمر من تعقيدات.
في السياق، يبين الخبير الاقتصادي محمد الناير، لـ"العربي الجديد"، أن رفض الكويت فتح فروع للشركات الخليجية بدعوى أن بعض ملاكها ليسوا من مواطني الخليج يستدعي التعامل مع الشركات باعتبارها مؤسسات وليس ملكية فردية.
ويوضح الناير أن حيثيات اعتراض الكويت على ملكية أفراد من دول معينة يجب أن تكون معلنة بوضوح، ومن ثم يتعين عليها إلغاء شرط ملكية الأفراد والتعامل مع الشركات بصفتها كيانات مستقلة. ويؤكد أن اعتراضاً كهذا قد يعيق حركة الشركات الخليجية في الكويت بشكل أساسي، ويتوقع أن تلجأ دول الخليج الأخرى إلى اتخاذ الموقف نفسه، ما قد يؤدي إلى رفض دخول الشركات الكويتية التي ليست مملوكة بالكامل لخليجيين.
وفي ظل الانفتاح الكبير الذي يشهده العالم، يرى الناير ضرورة التعامل مع الشركات باعتبارها مؤسسات ولا أفراداً أو ملاكاً، مشيراً إلى أن الاستثناء يكون إذا كانت هذه الشركات تعمل في أنشطة مخالفة للوائح والقوانين الخاصة بالدولة المعنية أو لدول الخليج بصفة عامة.
ويضيف أن وجود ملاك أجانب في شركات خليجية لا يبرر رفض دخول هذه الشركات إلى الكويت، شريطة أن تكون النسبة الأكبر من الملكية للخليجيين، ويشدد على ضرورة أن تعلن الكويت عن تحفظاتها بوضوح إذا كانت تتعلق بجنسيات محددة. ويلفت إلى ضرورة الوصول إلى توافق بين القانونيين والسياسيين حول كيفية معالجة هذه القضية، واتخاذ القرار الأنسب الذي يساعد في تدفق الاستثمارات وتعزيز وجود فروع الشركات الخليجية في الكويت.