جاء قرار تأسيس بورصة للذهب بهدف مساعدة السودان على الاحتفاظ بهذه الثروة داخل البلاد ويقلّص من عمليات تهريبها.
ورغم أن الحكومة أكدت أنها اتخذت خطوات جادة في تأسيس البورصة وشرعت فعليا في ذلك، إلا أن مراقبين أكدوا على وجود العديد من العقبات تحول دون إتمام هذه الخطوة.
ويؤثر تهريب الذهب في السودان الذي يحتل المرتبة الثالثة من حيث الإنتاج في القارة السمراء، على اقتصاد البلد الأفريقي الذي يعاني من مشكلة في توفير العملات الأجنبية، ما جدّد المطالب بتفعيل قرار تأسيس بورصة الذهب.
وفي هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان أن تأسيس بورصة الذهب في الخرطوم يعني أن بوسع المنتجين الحصول على السعر العالمي في الأسواق المحلية، وهذا سبب كاف لتقليل التهريب إلى أدنى حد ممكن.
ويقول لـ"العربي الجديد": لكن من أهم متطلبات نجاح بورصة الذهب هو إكمال محاور الاعتراف الدولي بمصفاة الذهب في الخرطوم وهو أمر ما زال يحتاج إلى عدة خطوات، إضافة إلى ضرورة تحسين النظام المصرفي السوداني وجعله أكثر تواصلا مع النظام المصرفي الدولي.
وشدد على أهمية تجهيز البورصة بكل أدوات التواصل الإلكتروني مع أسواق الذهب العالمية وتحقيق كل الضوابط الأمنية والتأمينية وفق المعايير الدولية.
وتابع أن قرار افتتاح بورصة الذهب خطوة قديمة تعود لأكثر من خمس سنوات، لكن عدم جاهزية الحكومة للوفاء بمتطلبات بورصة الذهب قد أدى لتجميدها.
أستاذ الاقتصاد محمد الناير، يؤكد أن إنشاء البورصة يعد إضافة حقيقية للاقتصاد باعتباره سوقا منظما ومرتبطا بالأسواق العالمية ويحقق العدالة.
وأشار إلى وجود عائد من بعض الرسوم على عملية التداول داخل البورصة، قائلا: نتمنى أن تصبح أمرا واقعا لما لها من فوائد على الاقتصاد.
وقال إن أعلى عائد حققه الذهب كان في عام 2012 بأكثر من ملياري دولار، وفى العام الماضي تجاوز مليار دولار.
وذكر أنه إذا تم إنشاء البورصة فإن العائد قد يرتفع إلى 4 أو 5 مليارات دولار سنوياً، إضافة إلى ارتفاع الاحتياطات لدى البنك المركزي الذي ظل يعاني من أزمة نقد أجنبي في السنوات الاخيرة.
المحلل المالي هيثم فتحي يقول لـ"العربي الجديد" إن قيام وتأسيس بورصة للذهب يعد أولى الخطوات الجادة لجذب الاستثمارات في سوق الذهب.
وأضاف: في تقديري ستنجح البورصة لأنَّ ذلك سوف يعمل على التساوي بين السعرين العالمي والمحلي، وبالتالي لن يكون هناك سوق سوداء للذهب في السودان، بل سيكون هناك تعامل وفقاً للسوق العالمي فقط الذي تتحكم فيه قوى العرض والطلب العالمية، وبذلك يمكن أن تكون مساهمة الذهب مُقدَّرة جداً في تنمية وتحسين الاقتصاد خلال المستقبل القريب، ما سيؤدي بلا شك إلى فك الاختناقات والأزمات الخدمية والمعيشية التي ظل يعاني منها المواطن سنوات طويلة.
وتابع: كما أنها ستنظم حركة التداول داخل السوق، وسيكون جاذباً لأكبر شريحة من التجار والمستثمرين للتعامل عليها، وما يجب تأكيده أن القطاع غير المنظِم للتنقيب عن الذهب في السودان يستحوذ على أغلبية الإنتاج، ما يصعِب عملية حصره وبيعه، وبالمُقابل يسهِّل مسألة تهريبه بعيداً عن القنوات الرسمية، رغم أن السودان يعتبر واحداً من أكبر ثلاثة مُنتجين للذهب في العالم.
ويضيف أن إنتاج الذهب في السودان بلغ ذروته في عام 2017، حيث وصل إلى 107 أطنان، أما في العام 2018 فأنتج السودان 93.6 طناً من الذهب.
وأوضح أن متوسط الإنتاج السنوي في حدود 100 طن، لكن هناك تسريبات غير رسمية تتحدث عن إنتاج سنوي يتراوح بين 200 و250 طنا من الذهب سنويا، وذهب آخرون إلى حدِ 500 طن سنويا.
وظل البنك المركزي السوداني لسنوات لا يمنح السعر المناسب للذهب بجانب احتكاره لفترات طويلة لعمليات شرائه وتصديره مما ساهم في تزايد معدل تهريب وتخزين المعدن النفيس.
ويقول محللون إن "احتكار بنك السودان لشراء وتصدير الذهب وتوفير العملة الصعبة لذلك هو العامل الأساسي لانهيار العملة السودانية، وبدلا من أن يكون الذهب نعمة تحوّل إلى نقمة".
ومعدل الإنتاج الحالي يجعل السودان ثالث أكبر منتج في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا وغانا، وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية. وإلى ذلك أكد مصدر مسؤول في بنك السودان المركزي أن احتياطيات البلاد من الذهب شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية.
وكشف المصدر أن حجم احتياطيات الذهب وصلت إلى سبعة أطنان للمرة الأولى منذ وقتٍ طويل. ويبلغ عدد شركات التعدين 243 شركة، منها 11 شركة امتياز، والعاملة منها فعليا تسع شركات فقط.