تشتغل مجموعة من الحرفيين الفلسطينيين على إصلاح قوارب الصيد المتهالكة والمتواجدة داخل المنطقة المعروفة "بمقبرة المراكب" داخل ميناء غزة البحري، بعد أن سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإدخال مادة الـ"فيبر غلاس" الممنوعة من الدخول منذ عام 2007.
ومادة الـ"فيبر غلاس" تعتبر المكون الأساسي لصناعة مراكب الصيادين، ويمنع الاحتلال الإسرائيلي دخولها إلى القطاع بزعم أنها مادة مزدوجة الاستخدام وتدخل في الصناعات العسكرية الخاصة بتطوير صواريخ المقاومة.
وتتجمع القوارب المعطلة قرب الورشة التي يشرف مكتب الأمم المتحدة في القطاع للرقابة عليها ومن أجل تنفيذ التفاهمات الخاصة بإدخال هذه المادة والتي تمت بالاتفاق بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي.
وداخل هذه الورشة يتواجد مراقب تابع للأمم المتحدة بشكل يومي يراقب عمل الحرفيين فضلاً عن وجود كاميرات داخل الورشة ترصد ما يجري بها، إضافة إلى كون الورشة مفتوحة السقف ومحاطة بالسياج المعدني وبعيدة عن زوار الميناء.
وبموجب التفاهمات التي جرت بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، فإن العمل على إصلاح القوارب سيتم على دفعات فيما سيتحمل الصيادون الفلسطينيون الراغبون في تصليح قواربهم تكلفة الإصلاح على نفقاتهم الخاصة خلال المرحلة الحالية.
وخلال هذه الفترة سيتم إدخال مادة الـ"فيبر غلاس" بآلية جديدة خاصة بالأمم المتحدة، تشبه إلى حدٍ ما آلية الأمم المتحدة لإعادة إعمار غزة "GRM" والتي كانت تتبع معايير خاصة لإدخال مواد البناء إلى القطاع بعد عام 2014.
وإلى جانب منع إدخال مادة الـ"فيبر غلاس" ومشتقاتها الخاصة بإصلاح قوارب الصيد، يحظر الاحتلال إدخال محركات قوارب الصيد ويضعها على قائمة المواد مزدوجة الاستخدام خشية وصولها لوحدة الضفادع البشرية التابعة للمقاومة.
في الأثناء، يقول الصياد الفلسطيني فلاح أبو ريالة إنه ينتظر الانتهاء من إعادة صيانة قاربه المعطل منذ أكثر من عام من أجل العودة للعمل في مهنة الصيد بعد أن لجأ للعمل في مهن جانبية مثل إصلاح شباك الصيد.
ويضيف أبو ريالة لـ "العربي الجديد" أن قارب الصيد الذي يعمل على متنه 4 صيادين يعتبر مصدر إعالة لست أسر فلسطينية في القطاع، غير أن توقف القارب كليًا نتيجة الضرر الذي لحق به انعكس بالسلب على هذه الأسر.
وحسب الصياد الفلسطيني، فإن إدخال مادة الـ"فيبر غلاس" أسهم في انخفاض سعر تصليح القارب حيث سيبلغ إجمالي التكلفة المالية التي سيتحملها قرابة 1000 دولار، مقارنة بـ 3000 دولار ‘ذا لجأ للحلول البديلة في القطاع.
ويؤكد أبو ريالة على حاجة الصيادين الماسة لإصلاح قواربهم المتهالكة منذ سنوات نتيجة عدم وجود المواد الخام بشكل رسمي في الأسواق ولجوء بعضهم لعمليات إصلاح بديلة لا تلبي حاجتهم فيما ترتفع أسعارها إلى الضعف.
وخلال الفترة الأخيرة، كثفت بحرية الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءاتها على الصيادين الفلسطينيين من خلال زيادة عمليات إطلاق النار والاعتقال في صفوفهم، فضلاً عن مصادرة القوارب والشباك الخاصة بهم ومحاولة الترويج لضلوع بعضهم في التهريب لصالح المقاومة.
بدوره، يؤكد نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش على أهمية إدخال مواد صيانة قوارب الصيد باعتبارها ممنوعة من الدخول منذ قرابة 14 عامًا، وهو ما تسبب في تهالك عشرات المراكب وتوقفها عن العمل بشكل كامل في بعض الأوقات.
ويقول عياش لـ "العربي الجديد" إن عملية الصيانة يقوم بها حرفيون من غزة بمراقبة مندوبين عن الأمم المتحدة، بناءً على اتفاق جرى بين وزارة الزراعة الفلسطينية المحسوبة على السلطة وبين الاحتلال الإسرائيلي.
ويشير إلى أن المرحلة الحالية ستشهد إصلاح عدد محدود من القوارب نظرًا لإدخال كميات بسيطة من المواد برقابة الأمم المتحدة على أن يتحمل الصيادون هذه التكلفة إلى حين توفر مشاريع خاصة بإصلاح قوارب الصيادين.
خلال الفترة الأخيرة، كثفت بحرية الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءاتها على الصيادين الفلسطينيين من خلال زيادة عمليات إطلاق النار والاعتقال
ويقدر نقيب الصيادين عدد المراكب التي تحتاج إلى صيانة شاملة بقرابة 400 مركب، بعضها متوقف بشكل كامل وكلي، فيما لجأ أصحاب هذه المراكب والعاملون على متنها لمهنة جانبية متعلقة بالصيد أو البحث عن مهن أخرى.
ولا تزيد مساحة الصيد التي يعمل فيها الصيادون الفلسطينيون عن 15 ميلاً بحريًا في أفضل الأحوال كما يعلن الاحتلال، غير أن عمليات الملاحقة والاستهداف تتم على مسافات أقل من ذلك بكثير حيث لا تزيد في بعض الأحيان عن 3 إلى 6 أميال بحرية.
بدورها، تقول منسقة مشروع في الأمم المتحدة منال النجار، إن الاتفاق على إدخال مادة الـ"فيبر غلاس" ومشتقاتها جرى بين السلطة والطرف الإسرائيلي برعاية أممية على أن يتم إدخالها تحت رقابة الأمم المتحدة كون الإسرائيليين يعتبرونها مواد مزدوجة الاستخدام.
وتوضح النجار لـ "العربي الجديد" أن الدفعة الأولى التي تمت إضافتها عبر النظام الخاص بالأمم المتحدة هي حوالي 56 مركبا على أن يتم إدخال المواد على دفعات.
وتشير إلى أن الكمية الأولى من مادة الـ"فيبر غلاس" التي سمح بإدخالها من قبل السلطات الإسرائيلية بناءً على التفاهمات التي جرت تقدر بـ 800 كيلو غرام، من بينها 750 كيلو غرامًا من الـ"فيبر غلاس" و50 كيلو غراما من المشتقات المكملة له.
ووفقاً للنجار، فإن محركات مراكب الصيد سيتم السماح لها بالوصول إلى القطاع للمرة الأولى منذ سنوات خلال منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول حيث تبلغ الدفعة الأولى قرابة 12 محركًا من أصل 40 مركبًا قُدم طلب أولي لشراء محركاتها.