استمع إلى الملخص
- **التحديات الاقتصادية**: بلغ العجز 8.1% في الشهر السابق، مما أدى إلى خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل. تصريحات وزير المالية بأن زيادة الإنفاق لن ترفع العجز قوبلت بانتقادات لعدم واقعيتها.
- **مماطلة في موازنة 2025**: يماطل سموتريتش ونتنياهو في صياغة موازنة 2025، مما يثير قلق الأسواق والمستثمرين ويزيد من المخاطر الاقتصادية، مع تحذيرات من البنك المركزي ووزارة المالية بشأن التأثير السلبي على الاقتصاد.
تواجه إسرائيل أزمة عجز موازنتها بخفة تقترن بأهداف سياسية يلوكها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وذلك في إطار يزيد من الانتقادات والغضب تجاه وزير المالية من قبل المتخصصين الاقتصاديين.
ووافقت الحكومة الإسرائيلية الأحد على زيادة موازنة 2024 بمقدار 3.3 مليارات شيكل (893 مليون دولار)، وفق اقتراح سموتريتش، وسيتم استخدام معظم هذه الزيادة لمساعدة الإسرائيليين الذين يتم إخلاؤهم من المستوطنات القريبة من غزة ومن الحدود مع لبنان.
وهذه هي المرة الأولى على الإطلاق في تاريخ الاقتصاد الإسرائيلي التي يتم فيها خرق الموازنة مرتين في السنة، ويأتي هذا الإجراء ضد توصية المكتب المهني في وزارة المالية، الذي أكد اعتراضه خوفاً على زيادة العجز، القياسي أساساً، والمحدد في موازنة إسرائيل عند 6.6%، والذي من المتوقع أن يصل إلى 9% في نهاية العام.
وما يثير حفيظة الخبراء، أن وزير المالية أعلن أن زيادة الإنفاق في موازنة إسرائيل 2024 لن ترفع العجز، وهو ما وصفه مسؤولون كبار في وزارة المالية تحدثوا لموقع كالكاليست الإسرائيلي بأنه "ذر للرماد في أعين الجمهور"، حيث إن الإنفاق يرفع العجز بطبيعة الحال، خاصة إن لم تُغَطَّ بإيرادات إضافية.
ووفق البيانات الرسمية، بلغ العجز نسبة 8.1% في الشهر السابق، وهو أعلى مستوى سُجِّل على الإطلاق، في حين أن سقف العجز المحدد في الميزانية هو 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين اتسعت فجوة العائد بين سندات الحكومة الإسرائيلية والأميركية، ووصلت شهادات التأمين على الإعسار الإسرائيلية إلى مستويات عالية جديدة ويمكن مقارنتها بالدول ذات الدخل المنخفض، وسط خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى مستويات خطرة.
معضلة موازنة إسرائيل
وكان البنك المركزي الإسرائيلي نشر الأسبوع الماضي أنه في الربع الثاني من العام الحالي انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، كما انخفض إنتاج الأعمال والصادرات، وانخفضت الاستثمارات في الاقتصاد أيضاً، فيما ثلاثة من أكبر خمسة بنوك استثمارية في العالم، عدلت توقعات النمو لإسرائيل بالخفض إلى مستويات تتراوح بين 0.8 و1.3% لعام 2024. وكان سموتريتش اصطدم مع مفوض الميزانيات يوغيف غرادوس بشأن هذه الميزانية الإضافية وأمره بالتحضير للميزانية الإضافية أو الاستقالة.
وقال سموتريتش بحسب ما نقل عنه موقع غلوبس الإسرائيلي: "على عكس التوقعات الإعلامية القاتمة، فإن اقتصاد إسرائيل قوي والمؤشرات تشير إلى ذلك، وبسبب زيادة الإيرادات، لا يزيد التشريع الحالي العجز السنوي المتوقع، الذي لا يزال يقف عند 6.6%".
إلا أن هذه التصريحات زادت من الانتقادات التي تواجه الوزير، وصولاً إلى مطالبته بالاستقالة، كونه يسبّب "انتحاراً ماليّاً" وفقاً للمحلل الاقتصادي الإسرائيلي جولان فريدنفيلد.
فيما يقول ياني سبيتزر من الجامعة العبرية، وهو خبير في التاريخ الاقتصادي لموقع "كالكاليست"، إنه من دون ميزانية يزداد خطر حدوث أزمة ديون، وهو أمر مخيف للغاية. ولكن مجرد خطر صغير يصبح خطراً أكبر، "خاصة عندما يكون وزير المالية والحكومة لا يديران دفة السفينة فحسب، بل يزيدان من سرعتها ويهدفان مباشرة إلى المياه الضحلة".
لا بل إن المتخصص في الاقتصاد العام والسياسة المالية، أودي نيسان، اعتبر أن قدرة وزير المالية ورئيس الوزراء على استبعاد جميع العوامل الاقتصادية واتخاذ قرارات اقتصادية دون المستوى المهني هي ببساطة أمر لا يصدق. وبعيداً عن حقيقة أنه غير قانوني، ومن الواضح أنه لا يمكن اتخاذ القرارات من دون وجود بيانات. و"في حالة سموتريتش، فهو شخص لا يفهم المادة ولا يعرفها"، مضيفاً "إنهم يدمرون البنية التحتية الكاملة لعملية صنع القرار المهنية".
المماطلة في موازنة 2025
يماطل كل من سموتريتش ونتنياهو في صياغة موازنة إسرائيل لالعام 2025 أيضاً، مع محاولتهما تقديم ميزانية لفترة السنتين (2025 و2026)، ما يسمح بتجنب حل الكنيست تلقائياً في 31 مارس/ آذار المقبل إذا لم يتم تمرير الميزانية بحلول ذلك الوقت، فإذا تم اتخاذ قرار بتقديم ميزانية لمدة عامين، فسيكون من الضروري تغيير التشريعات وستكون هناك حاجة إلى وقت إضافي لبناء ميزانية 2025، والتي تم تأجيلها بالفعل. وهذا سيسمح لرئيس الوزراء ووزير المالية بالمطالبة بتأجيل موعد تقديم الميزانية ومن ثم منع حل الكنيست.
ووفقاً للقانون الأساسي للكنيست، إذا لم يتم إقرار الميزانية بحلول 31 مارس، فسيُحلّ الكنيست تلقائياً. وفي مقابلة أجريت معه، قال زعيم المعارضة الذي سبق سموتريتش في منصب وزير المالية، أفيغادور ليبرمان: "إن الحكومة تعرقل عملية الكشف عن الميزانية لأن الكشف عنها يتطلب تدقيقاً عاماً، وإذا لم يتم خفض النفقات المثيرة للجدل فسوف تتعرض لانتقادات محلية وقد تؤدي إلى خفض آخر في التصنيف الائتماني لإسرائيل.
ومن المرجح أن تختار الحكومة زيادة العجز وديونها الخارجية". ويتم عرض موازنة العام اللاحق، عادة، على مجلس الوزراء للموافقة عليها بحلول شهر أغسطس/آب من كل عام، ثم يتم تمريرها من قبل البرلمان بحلول نهاية العام. وبموجب القانون الإسرائيلي، يمكن تمديد العملية حتى نهاية شهر مارس.
وتنهار الحكومة تلقائياً إذا لم يتم الانتهاء من هذه العملية. وقد وصفت وكالة بلومبيرغ موازنة إسرائيل لالعام 2025 التي أوقف نتنياهو المناقشات حولها، بأنها ستكون "الأكثر تحدياً وأهمية منذ عقود".
ويصر نتنياهو وسموتريتش على أن موازنة 2025 ستكون جاهزة مع نهاية هذا العام، لكنهما لم يفسرا التأخير في صياغتها، الأمر الذي ترك الأسواق والمستثمرين في حيرة بشأن كيفية إقرارها في وقت تسبِّب فيه الحرب ارتفاعَ عجز موازنة إسرائيل وتصاعد حجم الديون.
وقد انضم كبار المسؤولين في البنك المركزي ووزارة المالية إلى وكالات التصنيف الائتماني وقادة الأعمال في التحذير من أن التوقف المؤقت في مناقشات الموازنة سوف يلقي بظلاله على آفاق الاقتصاد الإسرائيلي ويرفع المخاطر، المرتفعة بالفعل، على أصولها، بحسب "بلومبيرغ".
وكانت التوترات بشأن عملية إعداد الميزانية واضحة في رسالة كتبها محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، إلى نتنياهو هذا الشهر. وحث يارون رئيس الوزراء على متابعة اجتماع عقده معه قبل أسابيع لمناقشة سبل استقرار المالية العامة، بما في ذلك خفض الإنفاق وزيادة الضرائب.