لم يخالف مجلس الاحتياط الفيدرالي توقعات أغلب المحللين، ورفع الفائدة ربعاً بالمائة، مؤكداً من جديد على أولوية الاستمرار في مكافحة التضخم عن أي توجه آخر، إلا أنه أيضاً لم يتجاهل أزمة القطاع المصرفي، التي ضغطت على الأسواق خلال الأسبوعين الأخيرين، حيث أشار إلى وجود فريق يعمل حالياً على تشديد الضوابط على البنوك، من أجل ضمان عدم تمدد أزمة السيولة إلى بنوك أخرى.
وبدا جيروم باول، رئيس البنك، مهموماً في بداية المؤتمر الصحافي، حيث أعطى الحضور نبذة صغيرة عن موقف البنك من أحداث القطاع المصرفي في آخر أسبوعين، قبل منحهم الفرصة لسؤاله.
ومع تأكيده قوة وصلابة النظام المصرفي الأميركي، أكد باول وجود حاجة لوضع المزيد من الضوابط على المؤسسات المالية.
وأكد باول، أن فرض المزيد من ضوابط الإقراض على تلك المؤسسات سيكون له تأثير إيجابي، ضمن جهود تخفيض التضخم، إلا أنه أكد توقعه استمرار معدل التضخم فوق 4% في 2024، وفوق 3% في 2025، رغم استمرار استهداف البنك تخفيضه إلى مستوى 2%.
وأضاف أن ما حدث في بنك سيليكون فالي لا يعطي صورة مكررة للوضع في بنوك أخرى، مؤكداً أن البنك كان حالة "متطرفة"، وأن مسؤولي البنك الفيدرالي كانوا يتابعونه، إلا أنهم لم يتمكنوا من إيقاف انهياره.
ومع وصول الفائدة على أموال البنك إلى نطاق 4.75% - 5% لأول مرة منذ 2007، التي شهدت إرهاصات الأزمة المالية العالمية، أشار باول إلى توقعه استقرارها عند 5.125%، بحلول نهاية العام، نافياً وجود توقعات بتخفيضها العام الحالي. ويعني هذا التوقع رفعاً آخر، بربع بالمائة على الأقل، في اجتماع قادم.
ومع تأكيده اقتناع مجلس إدارة البنك بأن "التشديد هو القرار الصائب في الظروف الحالية"، أكد باول أن كل ما يتم اتخاذه من قرارات يكون محكوماً بهدفي البنك الأساسيين، وهما استقرار الأسعار والاقتراب من التشغيل الكامل، من أجل صالح الأسر الأميركية.
وفي درس للصحافيين وواضعي السياسة النقدية في مختلف البلدان، سأل أحد الإعلاميين باول إذا ما كان هناك دلالة خاصة لكلمة "التشديد" التي استخدمها في مستهل المؤتمر الصحافي، بالمقارنة بعبارة "رفع الفائدة" التي يعرفها الجميع، فأكد باول أن مجلس إدارة البنك يستخدم الكلمتين بنفس المعنى، وأنهما تعنيان أنه "قد" يكون هناك "بعض" الرفع، خلال الفترة القادمة.
وعقَّب: "حقيقة نحن لا نعرف القرارات القادمة، وستتوقف بالتأكيد على البيانات الجديدة التي تصدر، وخاصة ما يتعلق بالاقتصاد الكلي في البلاد".
وتوقع باول تراجع معدلات النمو إلى 0.4% في 2023، وارتفاع معدل البطالة إلى 4.5%، من 3.6% حالياً، بنهاية العام الحالي.
ورغم انتشائها بقرار البنك الفيدرالي مع انطلاق المؤتمر الصحافي لرئيس البنك، محت أسواق الأسهم مكاسبها التي تجاوزت 1% للمؤشرات الرئيسية الثلاثة في الدقائق الأخيرة من التعاملات، وأنهت اليوم على تراجع بنسب تزيد عن 1.6%، عند أدنى مستوياتها في ثلاثة أيام.