لبنان مهدّد بكارثة اقتصادية... وتهاوي استهلاك الوقود 50%

21 أكتوبر 2024
محطة بنزين في العاصمة اللبنانية بيروت (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي، وتضارب المعلومات حول مخزون الدولة من المحروقات، يجد لبنان نفسه في مواجهة أزمة متعددة الأوجه تتجاوز التداعيات الأمنية إلى تعميق جراح اقتصاده الهش. فالبلاد، التي تعاني منذ سنوات من أزمات اقتصادية خانقة وانهيار مالي غير مسبوق، أصبحت اليوم أمام تحديات جديدة تهدد إمدادات المحروقات في حال فرض حصار على لبنان، وفق ما تذهب التحليلات حول توسع الحرب. وفي ظل هذه الضغوط، تغيب الحكومة تماماً عن وضع خطط واضحة لمواجهة تداعيات الحرب.

وفي المقابل، قال وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، لـ"العربي الجديد"، إن مخزون لبنان من المحروقات كافٍ طالما لا يوجد حصار حتى الآن، مشيراً إلى أن الوزارة عقدت اجتماعات مع الشركات المهتمة بمناقصة تصميم وإنشاء محطة لإنتاج الطاقة الكهرومائية في حراش منطقة جعيتا. 

استهلاك الوقود تراجع 50%

فيما أكد ممثل موزعي المحروقات في لبنان، فادي أبو شقرا في حديث مع "العربي الجديد"، أن أزمة المحروقات غير موجودة حالياً، إذ إن البضائع لا تزال متوفرة وتصل تباعاً إلى مرفأ بيروت ومستودعات الشركات. وأوضح أبو شقرا أنه "لا يمكن وضع أي خطة واضحة نظراً لصعوبة التنبؤ بما قد تحمله الأيام المقبلة". وأشار إلى أن استهلاك الوقود تراجع بنسبة 50% نتيجة انخفاض حركة السير في لبنان، حيث نزح المواطنون من المناطق الجنوبية والبقاعية وضاحية بيروت الجنوبية إلى مناطق أكثر أماناً، كما أكد أن أسعار الوقود تخضع لتقلبات الأسعار العالمية للنفط.

وقال أحمد، صاحب محل تجاري في منطقة صيدا لـ"العربي الجديد": "منذ بداية التصعيد، أصبح مضطراً لتقليل ساعات العمل، لأنه لم يعد يستطيع شراء كميات كافية من المازوت لتشغيل المولد طوال اليوم"، مشيراً إلى أنّ المحروقات أصبحت تباع بالدولار والمبيعات بالكاد تغطي تكاليف التشغيل. وأضاف صاحب المحل التجاري أنّ توقف الكهرباء كارثة، فالزبائن أصبحوا يشترون بالكاد الضروريات، ولا يمكنه حتى الاحتفاظ بالمخزون بشكل آمن.

أزمة انقطاع الكهرباء

من جانبها، قالت رنا، وهي معلمة في مدرسة خاصة، لـ"العربي الجديد" إنه مع استئناف التعليم عن بُعد، بدأت أزمة انقطاع الكهرباء لأكثر من 12 ساعة يومياً، فيضطر أصحاب المولدات إلى تشغيلها لأوقات إضافية ما يزيد من التكلفة عليهم، ويرفع الفواتير على المواطنين.

وفي آخر بيان، نُشر الجمعة، ارتفع سعر صفيحتي البنزين 95 و98 أوكتان 11 ألف ليرة، وانخفض سعر صفيحة المازوت ألف ليرة، فيما استقر سعر قارورة الغاز على ارتفاع 42 ألف ليرة. وأصبح سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان، مليوناً و471 ألف ليرة، و98 أوكتان مليوناً و511 ألف ليرة، وبلغ سعر المازوت مليوناً و341 ألف ليرة، والغاز 986 ألف ليرة (الدولار= نحو 89 ألف ليرة). 

تراجع الاقتصاد ومخاوف الحصار

وقال رئيس تجمع شركات استيراد النفط، مارون شماس، في حديث مع "العربي الجديد"، إن النشاط الاقتصادي مستمر لكن بوتيرة أقل بسبب حركة النزوح الكبيرة، ما أدى إلى تراجع الإقبال على شراء المحروقات.

وكان وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، قد أوضح في تصريحات سابقة أن الخسائر التي منيت بها بلاده جراء العدوان الإسرائيلي الذي تصاعد بشكل لافت لا تعد ولا تحصى، مشيراً إلى أن الضربات الإسرائيلية لم تقتصر على جنوب لبنان والبقاع، وإنما شملت مناطق أخرى، بما فيها العاصمة بيروت. وقال سلام في شهر إبريل/ نيسان الماضي، إن خسائر بلاده الاقتصادية جراء الحرب الجارية في غزة وجنوب لبنان وصلت إلى 10 مليارات دولار.

من جانبه، أكد رئيس تجمع شركات استيراد النفط، أنه "في حال فرض أي حصار على لبنان، قد نواجه أزمة خطيرة"، نظراً لاعتماد البلاد على سلاسل الإمداد المستمرة، ويمكن أن يؤدي الحصار البحري أو البري إلى أزمة وقود في غضون أسابيع، خاصة في ظل محدودية المخزون المتاح الذي يكفي خمسة أسابيع كحد أقصى. وأوضح شماس أن الطاقة الشمسية -رغم تغطيتها جزءاً من الاستهلاك- لا يمكن أن تكون بديلاً كاملاً عن المحروقات لتوليد الطاقة.

وفي ما يتعلق باحتمالية ظهور الاحتكار أو السوق السوداء، أوضح شماس أن الوضع الحالي مختلف عن أزمات المحروقات السابقة بسبب الاستقرار النسبي آنذاك. واعتبر أن الاستغلال التجاري في ظل الظروف الراهنة "يمثل جريمة أكبر من العدوان الإسرائيلي نفسه". وتابع أن استهلاك المشتقات النفطية ارتفع في عام 2023 إلى 4.12 ملايين طن، مع ارتفاع استهلاك المازوت بنسبة 20%، مقابل انخفاض استهلاك البنزين بنسبة 40% نتيجة تغير أنماط الاستهلاك وتطورات الأزمة المستمرة.

المساهمون