لم يكن أكثر المؤمنين بكفاءة لطفي ألوان، يتوقع أن يتبوأ منصباً رفيعاً من عيار وزير خزانة ومالية تركيا، بعد حضوره كقيادي حزبي وحيد، المؤتمر الصحافي لاستقالة رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق، أحمد داوود أغلو، من حزب العدالة والتنمية في الثالث عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي.
لكن ألوان المتحدر من ولاية كرمان المعروفة بلون بشرة أهاليها السمر، أكد أنه إنسان غير متلوّن وليس له من اسمه أي نصيب في هذا الجانب، فإخلاصه وربما محبته لداوود أغلو، مستمدة من رفقة الهدف والحزب، وهو ربما، ما دفعه للضوء والمسؤولية، بعد استقالة وزير الخزانة والمالية السابق، براءت ألبيرق.
ويأتي تعيين ألوان في هذا المنصب الاقتصادي المهم ليؤكد أن الحكومة التركية تبحث عن الكفاءات مهما كانت توجهاتها السياسية لتحقيق أهدافها بدفع البلاد نحو العشرة الكبار اقتصاديا.
وتزامنت التغيرات الأخيرة في عدد من المناصب الاقتصادية مع خسارة العملة التركية 30% من قيمتها لتصل إلى نحو 8.5 ليرات مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري، وبدء فقدان ثقتها بالسوق الداخلية وسمعتها بالخارج، ما أثر على جذب الرساميل والمستثمرين، وكلّف المصرف المركزي جزءاً وافراً من احتياطياته من النقد الأجنبي، التي كانت موضع تفاخر ومبعث اطمئنان، ليسند الليرة عبر تدخل مباشر لتعويض خفض سعر الفائدة تارة، وسد فجوة إحجام استثمار لمشاريع المئوية تارة أخرى. وبعد التعيينات الأخيرة بدأت العملة المحلية تعرف طريقها للتعافي مجدّداً وهبطت إلى أقل من 8 ليرات مقابل الدولار.
شغل ألوان مواقع رأس القرار الاقتصادي في حكومتين، بكونه نائباً لرئيس الوزراء بحكومة أحمد داوود أوغلو الرابعة والستين، أو حين تيوأ منصب وزير التنمية بالحكومة الخامسة والستين. وذلك إضافة لمسيرته الحافلة وقت كان الرئيس المشارك للجنة البرلمانية المشتركة بين تركيا والاتحاد الأوروبي وعملية التعاون في جنوب شرق أوروبا، أو رئيس لجنة الميزانية والتخطيط البرلماني، قبل أن يتبوأ منصب وزير النقل والشؤون البحرية والاتصالات وقت حفرت تصريحاته بوجدان الأتراك، خلال زف خبر نفق أوراسيا ونجاحات القمر الصناعي، ووقت قال للأتراك خلال حديثه عن خدمة القطار السريع "هذا وطنكم ونحن خدم عندكم".
وأخذت مسيرة الوزير الجديد، شكل التدرج واكتساب الخبرة، فألوان المولود في مقاطعة إرمنيك في كرمان عام 1962، درس في كلية التعدين بجامعة إسطنبول التقنية.
ونال الماجستير في أبحاث التعدين والعمليات من جامعة ليدز في إنكلترا، ليكمل بماجستير آخر بالاقتصاد من جامعة ديلاور في الولايات المتحدة الأميركية، وليبدأ مسيرته العملية، بعد التحصيل العملي والاطلاع على تجارب غربية، رئيسا لقسم ونائب وكيل الوزارة في مؤسسات عامة مختلفة.
وانتقل بعد تسليط الضوء على أعماله إلى منصب نائب رئيس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الريفية، ورئيس مجلس إدارة مركز التعليم والشباب في الاتحاد الأوروبي وعضو في لجنة مراقبة وتوجيه المفاوضات في الاتحاد الأوروبي، وبالتوازي، دخل البرلمان التركي، كنائب عن حزب العدالة والتنمية، ممثلًا عن ولاية كرمان في الفترتين 23 و24، وممثلاً عن أنطاليا في الدورة الخامسة والعشرين، ومرسين في الدورة 26، وهو البادئ مسيرته الحزبية، من مستشار للرئيس رجب طيب أردوغان في حزب العدالة والتنمية عام 2007.
وتزايدت الآمال بتعافي الليرة وتحسنها مقابل الدولار، منذ صدر مرسوم أردوغان بتعيين ألوان وزيرا للخزانة، في التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وسط ارتياح مضاعف، سببه الأول القناعة بكفاءة ألوان والتعويل على خططه، والثاني يردده الأتراك كثيراً، وهو إبعاد براءت ألبيرق صهر الرئيس التركي عن وزارة الخزانة والمال.
لكن برأي كثيرين، ليس الاختبار أمام ألوان، سهلا من أجل ضبط السياسات المالية، إذ يواجه العديد من التحديات الصعبة في ظل التداعيات الاقتصادية السلبية الناجمة عن جائحة كورونا.