ربطت بعض الدول الكبرى والمنظمات المالية الدولية مشاركتها في مؤتمر مصر الاقتصادي، المقرر عقده يوم 13 مارس/آذار الجاري، بإجراء انتخابات برلمانية في مصر.
وتحدثت هذه الدول، ومنها ألمانيا والصين وفرنسا وكذا صندوق النقد الدولي، صراحة عن أنها لن تحضر المؤتمر الاقتصادي إلا بعد التأكّد من وجود برلمان مُنتخب، يشارك في توفير إدارة رشيدة للدعم المالي والاستثماري الذي ستتلقاه البلاد.
وأكدت هذه الدول أنها ليست مستعدة لمنح أي دعم اقتصادي إضافي لمصر، من دون أخذ تعهّدات بالتصرّف فيها على نحو رشيد ومتفق عليه وفى أوجه إنفاق محددة، وهو ما سيوفره البرلمان المنتخب.
كما أن وجود برلمان مُنتخب يعطي مصداقية للتشريعات الاقتصادية التي يتم إقرارها، وكذا يحول دون الطعن على التعاقدات التي تتم بين الحكومة والمستثمر حتى وإن تغيرت الظروف السياسية.
وتحت هذه الضغوط الخارجية شرع النظام المصري في الإعداد لإجراء الانتخابات البرلمانية، وحدد لها موعداً هو نهاية شهر مارس/آذار الجاري. وجاءت الاستجابة لهذه الضغوط رغم أن رموزا داخل النظام لا يحبذون إجراء الانتخابات البرلمانية في هذا التوقيت؛ لأسباب عدة، منها عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية بالشكل الكافي، وعدم الاتفاق على قائمة انتخابية موحدة تجمع كل الأحزاب والتيارات التي دعمت انقلاب 3 يوليو 2013، بالإضافة إلى التخوف من سيطرة رموز الحزب الوطني المنحل والثورة المضادة على البرلمان الجديد، وهو ما يشكل تحدياً للسيسي ونظامه.
ومع الاعداد لإجراء الانتخابات، جاء قرار المحكمة الدستورية العليا، أمس، بعدم دستورية المادة الثالثة من قانون الانتخابات ليزيد المشهد السياسي والاقتصادي تعقيداً، ذلك لأنه سيترتب عليه إلغاء الانتخابات البرلمانية، أو على الأقل تأجيلها شهورا.
وبغض النظر عما إذا كان قرار المحكمة الدستورية رسالة من الثورة المضادة للنظام بعدم الرضا عن سير الانتخابات، أم خطوة من النظام للإفلات من هذا الاستحقاق خاصة أمام الرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية، فإننا أمام واقع يقول إن إحدى الركائز التي كان يعتمد عليها النظام في الترويج لمؤتمر مصر الاقتصادي باتت غير متوفرة، وبالتالي فإن المؤتمر بات على المحك، لأن الحكومة ليس لديها ما تقدمه لإقناع مستثمرين عرب وأجانب جدد بضخ ما يتراوح ما بين 12 إلي 20 مليار دولار في شرايين الاقتصاد المصري، أو تشجيع عودة الاستثمارات الأجنبية الهاربة.
فالاستقرار السياسي والأمني لم يتحقق، وسوق الصرف الأجنبي غير مستقرة، رغم التخفيضات الأخيرة لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، وأزمة الطاقة لا تزال مستمرة، وهناك تحايل على قانون الاستثمار الموحد، وبيئة الاستثمار غير جاذبة.
وإذا كان الحال كذلك، فعلى ماذا يراهن النظام الحالي في إنجاح المؤتمر الاقتصادي وإعادة عجلة الإنتاج للدوران مرة أخري؟.
اقرأ أيضاً: مصر تعتزم طرح 20 مشروعاً خلال المؤتمر الاقتصادي