- الدعم المقدم للمخيمات محدود ويقتصر على إغاثة بسيطة، مما يعيق إنشاء مشاريع إنتاجية قادرة على توفير فرص عمل دائمة للنازحين.
- الخبير الاقتصادي يؤكد أن حل مشكلة البطالة يتطلب استقراراً أمنياً وسياسياً، لكن غيابهما يضعف الثقة في الاقتصاد ويقلل الاستثمارات، مما يعيق التنمية الاقتصادية ويزيد من صعوبة العثور على عمل.
يزداد انتشار البطالة في مخيمات إدلب، شمال غرب سورية، وسط الاكتظاظ السكاني وضعف الأجور وبعد المخيمات عن مراكز المدن، في الوقت الذي لا تتوافر فيه المواصلات بشكل دائم. وساهم شح الدعم المقدم لسكان المخيمات وانحصاره لسنوات طويلة بإغاثة بسيطة مؤقتة، بتفاقم المشكلة، وحال دون بناء مشاريع إنتاجية يمكن أن تخلق فرص عمل داخل مخيمات إدلب العشوائية.
ويعمل النازح مصطفى الطه، المقيم في مخيمات عقربات، شمال إدلب، بمهن موسمية محدودة لا تؤمن له الحد الأدنى من مقومات الحياة، حيث يتقاضى أجراً زهيداً لا يتجاوز الـ100 ليرة تركية في اليوم، لكن تأمين المواصلات من قبل أصحاب الأعمال يدفعه لقبول الأجر رغم قلته وعدم مراعاته لساعات العمل الطويلة التي تبدأ من ساعات الفجر الأولى وتمتد حتى الغروب.
يقول الطه إن فرص العمل لسكان المخيمات باتت محدودة للغاية، خاصة أن المشاريع والأسواق التي يمكن أن يجد فيها عملا موجودة في المدن، بينما لا توجد وسائل نقل إلى هناك بشكل يومي. أما النازح فريد الشيخ خليل فاختار العمل في إكسبرس صغيرة كوسيلة لكسب الرزق البسيط على الطريق المؤدية إلى مخيمه الواقع على أطراف مدينة سرمدا، بعد عجزه عن تأمين فرصة عمل أخرى.
مخيمات إدلب بلا عمل
يقول الشيخ خليل إن " مخيمات إدلب تخلو من أي فرصة عمل، ولا توجد فيها سوى خيام متآكلة وغبار يملأ الأجواء. الحياة هنا قاسية لدرجة أن المرء يحتار بكيفية تأمين قوت عائلته، خاصة وسط الفقر الشديد والغلاء"، ويشير إلى أن أي فرصة عمل يمكن أن يحصل عليها المرء هي في المطاعم أو المعامل أو المحلات التجارية في المدن القريبة، لكن أجور تلك الأعمال لا يمكن أن تغطي أجور المواصلات ولا حتى البنزين اليومي لدراجته النارية بغية الوصول إلى مكان العمل.
أما الشاب العشريني مروان الصوص فيحلم بالهجرة إلى تركيا من أجل الحصول على عمل، ورغم محاولات دخول فاشلة بطريقة غير شرعية إلى الأراضي التركية إلا أنه لم ييأس، ويقول إن الفقر وقلة فرص العمل والضيق المعيشي والديون والحياة الصعبة في مخيمات إدلب تجعل المرء يصل إلى مرحلة من العزلة والاكتئاب حين يقف عاجزاً عما يمكن أن يفعله، فمهما حاول النازح الحصول على عمل فإنه لا يجده، وخاصة وسط قلة الأجور وبُعد العمل عن المخيمات العشوائية النائية وصعوبة الوصول إليها من جراء غياب وسائل النقل العامة والرخيصة.
من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي السوري الدكتور عماد الدين المصبح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مشكلة البطالة في مخيمات النزوح عموما وفي شمال غرب سورية خصوصاً نابعة من مشكلة النزوح ذاتها، ويشرح أنه رغم تحول مخيمات إدلب مع توالي السنين إلى تجمعات سكانية شبه مستقرة، إلا أن هناك عدة عوامل تساهم في جعل مشكلة البطالة فيها مشكلة متمايزة عن غيرها في مناطق الاستقرار، بسبب ضعف البنى الاقتصادية وهشاشتها ونقص فرص العمل المتاحة، وهو ما يجبر الباحثين عن العمل على التنافس على وظائف قليلة، عدا عن أن انخفاض الأجور يقلل من جاذبية العمل ويشجع على البطالة.
ويشير إلى أهمية الاستقرار الأمني والسياسي في القضاء على البطالة، وغيابهما يؤدي إلى إضعاف الثقة في الاقتصاد وتقليل الاستثمارات، عدا عن انتشار الفساد وغياب العدالة، ما يؤدي إلى إهدار الموارد وتقويض الثقة في النظام الاقتصادي، وعدم المساواة أمام القانون وضعف حماية حقوق الملكية الفكرية، ويعتبر أن هيمنة الشركات المرتبطة بالسلطة الحاكمة في هذه المناطق تعيق دخول المستثمرين غير الموالين أو غير المرتبطين بهذه السلطات.