استمع إلى الملخص
- **التحول إلى صناعة رب البندورة:** لمواجهة الخسائر، لجأ المزارعون إلى صناعة رب البندورة كبديل، حيث يباع الكيلوغرام منه بـ60-70 ليرة تركية، مما يعوض جزءاً من الخسائر.
- **تحديات إضافية وحلول مقترحة:** يواجه القطاع الزراعي تحديات مناخية، نقص الموارد المائية، انتشار الأمراض، وارتفاع تكاليف المحروقات، مما يستدعي البحث عن حلول إسعافية ودعم فني للمزارعين.
اتجه مزارعو إدلب نحو صناعة رب البندورة (مسحوق الطماطم) وبيعه من أجل تعويض خسائرهم هذا الموسم جراء ارتفاع تكلفة الإنتاج وانخفاض الأسعار في الأسواق. وشهدت المنطقة ارتفاعاً ملحوظاً في الحرارة لتصل إلى 40 درجة مئوية، ما أثر بشكل كبير على مختلف المواسم الزراعية، خاصة موسم البندورة. وقال المزارع عمر زرزور، المقيم في بلدة كللي شمال إدلب، إن موسم البندورة لم يعط نصف كمية الإنتاج المرجوة هذا الموسم نتيجة جملة من العوائق أهمها تغيرات الطقس غير المتوقعة، وهو ما تسبب في أمراض كثيرة حدت من جودة الإنتاج. وأضاف أن رخص أسعار البندورة ووصول سعر الكيلوغرام إلى 3-4 ليرات تركية حال دون الحصول على سعر التكلفة وما كابده خلال الموسم من دفع إيجار للأرض ومياه الري والمبيدات مرتفعة الثمن إضافة لأجور العمال والنقل والتسويق.
ولاختصار المزيد من الخسائر والتكاليف عبر النقل ودفع ثمن صناديق التعبئة، لجأ زرزور إلى صناعة "دبس" أو رب البندورة بدلاً من تسويق المزروعات مباشرة، فاشترى آلة العصر وراح يحول المحصول إلى دبس بندورة ويبيع الكيلوغرام منه بـ60-70 ليرة تركية، فكل كيلوغرام من الدبس يُصنع من عشرة كيلوغرامات من ثمار البندورة. وعن مراحل عصر البندورة، تابع: " تغسل حبات البندورة بشكل جيد ثم تجفف وتعصر في الآلة المخصصة، ثم يصفى العصير من البذور والقشور ويوضع على الأسطح تحت أشعة الشمس بضعة أيام مع التحريك كل مدة واضافة ملح الطعام إلى أن يجف العصير، ثم تبدأ مرحلة التعبئة في مرطبانات استعدادا للبيع".
أما المزارع غياث الأبرص وهو مقيم في مدينة حارم ويمتلك مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بالبندورة، ففوجئ بارتفاع درجات الحرارة في وقت عقد أزهار الثمرة ما أسفر عن ضعف الإنتاج وقلة عدد الثمار التي انخفضت إلى النصف وتراجعت جودتها. وأشار إلى أنه باع الطن الواحد من البندورة غير الصالحة للعصير (أي البندورة غير المحمرة وتباع للاستهلاك) بسعر 130-240 دولاراً للطن وهو سعر التكلفة، بينما لجأ لعصر الصنف الآخر بدل بيعه خاماً لتعويض الخسائر وقام بتحويله إلى دبس بندورة وبيعه إلى التجار بكميات وافرة، خاصة أن المستهلك يرغب شراء الدبس محلي الصنع أكثر من دبس المصانع والمعامل المستوردة لخلوها من الملونات والمواد الكيميائية والمواد الحافظة.
وقال المهندس الزراعي أيهم عبد الرحمن، لـ"العربي الجديد"، إن الإنتاج الزراعي الذي يعتبر العمود الفقري لتلبية احتياجات المنطقة بالغذاء في إدلب يواجه الكثير من الصعوبات هذا العام، نتيجة تحديات مناخية متعددة ونقص واضح في الموارد المائية وانتشار الأمراض. وأوضح أن غالبية المزارعين يشتكون خسارة آلاف الدولارات وذهاب أتعابهم سدى طوال الموسم، من دون أي تعويض أو دعم من أي جهة، وهو ما يجب الوقوف عنده للبحث في الحلول الإسعافية والطرق الوقائية والإشراف الفني على المحاصيل من قبل المعنيين. وأشاد بما لجأ إليه مزارعو إدلب من صناعة رب البندورة لتعويض خسارتهم، حيث إن دبس البندورة يباع بأسعار جيدة ويحتمل التخزين عكس الثمرة بعد قطافها التي تفسد بسرعة بينما أسعارها لم تحقق الحد الأدنى من التكلفة بحسب شهادات متعددة لمزارعين في المنطقة.
ووفق مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، فإن القطاع الزراعي شمال غربي سورية يواجه جملة من التحديات، أهمها تقلص المساحات المزروعة بسبب سيطرة قوات النظام عليها، خاصة في إدلب وما حولها، وشحّ المياه والكوارث الطبيعية من قلة الأمطار والجفاف الذي يجتاح المنطقة بالعموم. عدا عن ارتفاع أسعار المحروقات والطاقة البديلة الشمسية، وضعف القدرة التسويقية، وارتفاع تكاليف النقل والتخزين، ومنافسة البضائع المستوردة محليّاً (سعراً وجودةً)، وصعوبة تصريف المنتجات وانخفاض عوائدها، بسبب ارتفاع أسعار البذور والأسمدة وأجور الريّ والمبيدات والأدوات الزراعية المختلفة.