طالب عدد من أعضاء مجلس النواب المصري، البنك المركزي، بـ"التراجع عن قراره وقف التعامل مع مستندات التحصيل في تنفيذ عمليات الاستيراد، وقصر العمل على الاعتمادات المستندية اعتباراً من 1 مارس/آذار المقبل"، محذرين من أن القرار "يعرّض المصانع المحلية لخسائر فادحة بسبب عدم توفر مستلزمات الإنتاج، فضلاً عن زيادة الأسعار نتيجة نقص المعروض من السلع".
واستهدف المركزي المصري من وراء القرار تحجيم عمليات الاستيراد، بغرض تخفيف الضغط على الدولار في البنوك، وتقليل الفجوة في الميزان التجاري للبلاد، لا سيما مع تجاوز قيمة الواردات 61 مليار دولار، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني حتى سبتمبر/أيلول 2021، مقارنة مع 52.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2020، وفق بيانات رسمية.
وقال وكيل لجنة الصناعة في البرلمان، محمد سعد عوض الله، في طلب إحاطة تقدم به إلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير المالية محمد معيط، ووزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع، الثلاثاء، إن "القرار سيمنع المصانع من الاستفادة من تسهيلات الموردين الأجانب، وستكون له تداعيات سلبية عديدة، منها زيادة قيمة السلع، وزيادة تكلفة المنتج المصري".
وأضاف عوض الله أن "القرار سيترتب عليه تكدّس الآلاف من الشحنات الواردة من الخارج، بما يؤثر سلباً على عمليات الاستيراد، خصوصاً السلع الاستراتيجية منها، وينعكس على حجم الإنتاج، وتوفير السلع في الأسواق".
بدوره، قال النائب مجدي الوليلي، في طلب إحاطة مماثل، إن "قرار البنك المركزي اتخذ من دون دراسة مستفيضة، أو التشاور مع مجتمع المال والأعمال"، محذراً من "آثاره السلبية على قطاع الصناعة في مصر، وعلى فرص الاستثمار بوجه عام، في وقت تسعى فيه الدولة إلى تهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات".
وتابع: "قرار البنك المركزي سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار الكثير من السلع والمنتجات، ولم يأخذ في الحسبان الشركات التي ليست لديها تسهيلات ائتمانية مع البنوك، على غرار المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والتي تعاني بدورها من أزمات السوق الراهنة، وتبحث عن مساندة حكومية، بوصفها تمثل الشريحة الأكبر من المنشآت الصناعية".
وأضاف الوليلي في الطلب: "استمرار العمل بهذا القرار من دون إلغائه سيؤثر بالسلب أيضاً على قدرة المنشآت الصناعية في توفير الاحتياجات اللازمة من النقد الأجنبي، لتغطية الاعتمادات المطلوب فتحها، كما سيزيد من الأعباء على كاهل الصناعة المصرية التي تواجه تحديات جسيمة، منذ بدء أزمة جائحة كورونا، وتحاول التعافي من تداعياتها".
كذلك، تقدم رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "حُماة الوطن"، أحمد بهاء شلبي، بطلب إحاطة إلى رئيس الحكومة، يطالبه فيه بـ"التراجع عن القرار، نظراً لتأثيره السلبي على حركة التجارة الخارجية، وعلى الصناعة وحركة الاستثمار عموماً في مصر".
وقال شلبي: "القرار ستترتب عليه آثار سلبية على المشروعات القائمة والتزاماتها، وسيؤثر بشكل مباشر على إمداد الصناعة باحتياجاتها من مستلزمات الإنتاج، والسلع الوسيطة، وقطع الغيار لخطوط الإنتاج، ما يزيد من مشاكل سلاسل الإمداد والقائمة منذ بداية جائحة كورونا، الأمر الذي ينعكس على حجم الإنتاج، ومدى توافر السلع، وبالتبعية ارتفاع أسعارها".
كما أوضح أن "القرار أغفل طرق التعاملات الاستيرادية الأخرى، وجاء مباغتاً للشركات العاملة في مجال الاستيراد، من دون أن يكون هناك فترة انتقالية لقيام الشركات بتوفيق أوضاعها والتزاماتها".
واعتادت الشركات المصرية التعامل بمستندات التحصيل، التي يكون التعامل فيها ما بين المستورد والمصدر بشكل مباشر، ويكون البنك وسيطاً في هذه العملية. أما التعامل بالاعتمادات المستندية وحدها، معناه أن التعامل سيكون ما بين البنك المستورد والبنك المصدر.
ومع مواجهة السوق المصري أزمة دولارية شبيهة بالتي حدثت قبل تعويم الجنيه أواخر عام 2016، قرر البنك المركزي، في 10 يناير/كانون الثاني الماضي، منح البنوك العاملة في السوق المحلية "سيولة طارئة" بسعر فائدة لا يقل عن 5%، حال عدم قدرتها على توفير السيولة من سوق الإنتربنك (شبكة داخلية تربط بين الأنظمة البنكية).