قالت وكالة رويترز للأنباء إن السلطات النقدية والمالية في مصر تفاضل حالياً بين خيارين للتعامل مع أزمة العملة، في محاولة للتوصل إلى سعر أقرب لقيمة الجنيه الحقيقية، يسهل مهمتها عند التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد.
وفي تحليل إخباري حديث، قالت الوكالة إن مصر حائرة بين إجراء تخفيض تدريجي للعملة المصرية أمام الدولار، وخفضها بشكل حاد، مثلما فعلت في أزمتها السابقة، التي انتهت بفقدان العملة المصرية أكثر من نصف قيمتها، مشيرةً إلى وجود مخاطر وتبعات لكل خيار.
وأوضحت الوكالة أن قضية "سعر الصرف" تمثل أهم الملفات التي كُلف بها المصرفي حسن عبد الله، القائم بأعمال محافظ البنك المركزي، حيث سبّب النقص الحاد في العملة الأجنبية في مصر خلال الأشهر الأخيرة تباطؤ عمليات الاستيراد وتعطل الإفراج عن البضائع من الجمارك. وشكت المصانع ومحال التجزئة "الأضرار التي لحقت بعمليات الإنتاج والمبيعات نتيجة لنقص المُدخلات، مثل مستلزمات التشغيل، فيما ساهم نقص الإمدادات في ارتفاع التضخم السنوي لأكثر من 13 بالمئة".
وواصل القائم بأعمال محافظ البنك المركزي تطبيق سياسة سلفه، الخاصة بالإضعاف التدريجي للعملة المصرية مقابل الدولار، وهو ما اعتبرته الوكالة أقرب لتخفيف تأثير خفض قيمة العملة بالمواطنين، بينما توقعت أن يسبب تحرير السعر بوتيرة أسرع إطلاق العنان للطلب المكبوت على الدولار منذ فبراير/شباط الماضي.
ونقلت الوكالة عن كارلا سليم من بنك ستاندرد تشارترد قولها إن "الوتيرة التدريجية لخفض قيمة العملة قد تكون ضرورية لاحتواء التبعات السلبية باهظة التكلفة، نتيجة تراجع سعر الصرف على التضخم والدين العام والنقد الأجنبي غير الخاضع لضوابط".
وقالت الوكالة إن خبراء اقتصاديين توقعوا أن يسبب تباطؤ تخفيض قيمة العملة إطالة أمد النقص في النقد الأجنبي وعرقلة النمو والمعنويات، بالإضافة إلى أن ذلك التوجه قد لا يفي بمتطلبات صندوق النقد الدولي.
وعلى الجانب الآخر، اعتبر فاروق سوسة، من بنك جولدمان ساكس، أن ميزة الخفض المفاجئ تبديد التكهنات بوجود مزيد من التخفيضات على الطريق، مشيراً إلى أن ذلك "يساعد في تثبيت توقعات التضخم، ويحد من دوافع الاحتفاظ بالعملة الأجنبية"، وفقاً للوكالة.
وبينما تعكف الحكومة المصرية والبنك المركزي على محاولات توفير النقد الأجنبي، اللازم لتمويل المصانع التي توقفت أعمالها خلال الفترة الأخيرة، لم يظهر حتى الآن ما يؤكد التصريحات المصرية بالاقتراب من التوصل إلى اتفاق مع الصندوق بخصوص قرض الإنقاذ.
وخلال الفترة الماضية ارتفع معدل التضخم في مصر نتيجة لانخفاض قيمة العملة بأكثر من عشرين بالمائة خلال الأشهر الستة الأخيرة. ومع لجوء الحكومة المصرية إلى صندوق النقد، بعد تعثر الاقتراض من مصادر أخرى، ما زال الشارع المصري ينتظر مزيداً من الانخفاض في قيمة العملة. وقالت وكالة رويترز إن بعض التعاملات جرت في السوق الموازية على سعر 21 جنيهاً للدولار، بينما بقي السعر الرسمي في حدود 19.20.
وأشارت رويترز إلى مذكرة بحثية صادرة عن بنك أوف أميركا، توقع فيها خفضاً لقيمة العملة المصرية، متبوعاً بنظام صرف أجنبي مرن مرتبط ببرنامج صندوق النقد الدولي. واستشهد البنك بما حدث وقت التعويم في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2016، متوقعاً أن يحدث ذلك خلال الأشهر المقبلة، بعد التوصل إلى اتفاق على مستوى موظفي الصندوق، وكخطوة مسبقة لموافقة مجلسه التنفيذي.
(رويترز، العربي الجديد)