وافق مجلس النواب (البرلمان) المصري في جلسته العامة، الإثنين، على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام هيئة قناة السويس رقم 30 لسنة 1975، وإرجاء التصويت النهائي عليه إلى جلسة لاحقة لعدم توافر النصاب اللازم لتمريره.
وقضى مشروع القانون بإنشاء صندوق جديد لهيئة قناة السويس بغرض المساهمة بمفرده -أو مع الغير- في تأسيس الشركات، أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.
وسجل بعض أعضاء المجلس رفضهم المشروع المعد من الحكومة في مضبطة الجلسة، ومنهم النائب عن حزب "الوفد الجديد" محمد عبد العليم داود، الذي قال في كلمته: "إنشاء صندوق بهيئة قناة السويس هو بمثابة تفريغ مصر من أموالها، وتحويل المال العام إلى مال خاص. وهذا المشروع يمثل خطراً داهماً على الدولة المصرية".
وأضاف داود: "مشروع القانون المعروض على مجلس النواب يشبه مشروع طرح أهرامات الجيزة للبيع في سبعينيات القرن الماضي، والذي تصدت له النائبة نعمات أحمد فؤاد تحت قبة البرلمان".
وتابع: "هذه قناة السويس المملوكة للشعب المصري، والتي حفرها بدمه، وليست شركة من شركات القطاع العام التي تُباع بأبخس الأثمان!".
مغارة علي بابا
وقال النائب عن حزب "التجمع" عاطف مغاوري: "أربأ بهيئة قناة السويس أن تلحق بمغارة علي بابا المسماة بالصناديق الخاصة. ومشروع القانون المطروح هو تشوه تشريعي، لأن قناة السويس ليست مرفقاً عادياً للدولة، وإنما هي تجسيد لإرادة الشعب المصري".
بدوره، أعلن ممثل حزب "المصري الديمقراطي" إيهاب منصور رفض الحزب مشروع القانون، قائلاً: "عدم وحدة الموازنة أحد العيوب الأساسية للسياسة المالية العامة للدولة، ومصر تعاني من زيادة عدد الصناديق والحسابات الخاصة التي وصل عددها إلى 7 آلاف صندوق، وكان فائضها العام الماضي وحده نحو 36 مليار جنيه، لم يستقطع منها سوى 3 مليارات جنيه لدعم الموازنة".
وطالب منصور الحكومة بـ"إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، وبحث سبل زيادة معدل النمو الذي بلغ 5.5 في المائة، في حين أن معدل زيادة الديون وصل إلى 12 في المائة، أي ما يعادل ضعف معدل النمو"، مستطرداً: "الحكومة تقترض الآن لسداد الديون، وليس للإنتاج والتشغيل، وهذا أمر خطير على الاقتصاد المصري".
وقال النائب فريدي البياضي: "الحكومة تعد مشروعاً جديداً كل فترة بشأن أحد الصناديق الخاصة، وبذلك تأخذ من إيرادات الدولة بعيداً عن موازنتها، أو عن رقابة البرلمان. الحكومة عومت الجنيه، وغرقتنا في الديون، وغرقت معاها الطبقات المتوسطة والفقيرة".
وأضاف: "هذه الحكومة يجب أن تسمى حكومة الصناديق الخاصة، وأقول للجميع: كفاية إفراغ لموازنة الدولة، وكفاية صناديق جديدة، وكفاية سياسات خاطئة، وكفاية كل هذا الوقت على الحكومة. الحكومة الحالية يجب أن تقال، بل يجب أن تحاكم!"، على حد تعبيره.
أهداف الصندوق
وعقب وزير شؤون المجالس النيابية، علاء الدين فؤاد، بقوله: "الصندوق المزمع إنشاؤه بموجب القانون لن يبيع قناة السويس، وإنما يهدف إلى تحقيق التنمية، وتعظيم الاستفادة من إيرادات الهيئة عن طريق استثمارها بصورة أفضل".
وادعى أن "الصندوق يهدف إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق قناة السويس، وتطويره عن طريق الاستغلال الأمثل لأمواله، ومجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة أية ظروف استثنائية أو قوة قاهرة أو سوء في الأحوال الاقتصادية".
وللصندوق الجديد في سبيل تحقيق أهدافه أداء جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، ويقدر رأس ماله المرخص به بمائة مليار جنيه مصري (نحو 4 مليارات دولار)، ورأس مال مصدر ومدفوع يبلغ عشرة مليارات جنيه تسدد من هيئة قناة السويس. ويجوز زيادة رأس مال الصندوق نقداً أو عيناً بموافقة الجمعية العمومية له، ووفقا للضوابط والإجراءات الواردة بالنظام الأساسي للصندوق، بحسب مشروع القانون.
وتعد أموال الصندوق من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة، وتتكون من: رأس مال الصندوق، ونسبة من إيرادات هيئة قناة السويس، أو تخصيص جزء من فائض أموال الهيئة لصالح الصندوق بعد الاتفاق مع وزير المالية في بداية العام المالي.
وفي حالة عدم الاتفاق يتم العرض على مجلس الوزراء لإقرار ما يراه مناسباً؛ إضافة إلى عائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق، والموارد الأخرى التي تحقق أهدافه، ويقرها مجلس الإدارة، ويصدر بقبولها قرار من رئيس الوزراء.
ويكون للصندوق موازنة مستقلة، يتبع في وضعها وإعداد القوائم المالية لها معايير المحاسبة المصرية، وتبدأ السنة المالية للصندوق وتنتهي في الموعد المقرر بنظامه الأساسي، ويُرحل فائض الصندوق من عام إلى آخر.
كما يكون للصندوق حساب خاص ضمن حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزي، وتمنح الخزانة العامة للدولة أموال الصندوق المودعة بالحسـاب نفس العائد الذي تمنحه البنوك التجارية، ويجوز فتح حساب بأحد البنوك التجارية بعد موافقة وزير المالية.
ونص مشروع القانون على أن تخضع كافة حسابات الصندوق، والحسابات الختامية له، إلى رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات. ويتولى مراجعة حسابات الصندوق مراقب حسابات أو أكثر، ويقوم بمراجعة القوائم المالية السنوية تمهيداً لعرضها، وعرض تقرير مراقب الحسابات، على مجلس إدارة الصندوق.
كذلك نص على أن يكون للصندوق مجلس إدارة برئاسة رئيس هيئة قناة السويس، وعضوية أربعة من أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين بهيئة قناة السويس، يحددهم النظام الأساسي للصندوق، وثلاثة أعضاء من ذوي الخبرة في المجالات الاقتصادية والقانونية والاستثمارية أو غيرها من المجالات ذات الصلة بأغراض الصندوق، يختارهم رئيس مجلس الوزراء. وتكون مدة عضويتهم أربع سنوات قابلة للتجديد لمدة مماثلة.
ويصدر بتشكيل مجلس الإدارة، ونظام عمله، قرار من رئيس الوزراء، بناءً على عرض رئيس هيئة قناة السويس، ويحدد القرار من يحل محل الرئيس عند غيابه.
ويجتمع مجلس إدارة الصندوق بناءً على دعوة من رئيسه مرة كل شهر على الأقل، أو كلما دعت الحاجة إلى ذلك، ولا يكون انعقاد المجلس صحيحاً إلا بحضور أغلبية أعضائه، على أن يكون من بينهم رئيس مجلس إدارة الصندوق أو من ينوب عنه.
وتصدر قرارات مجلس إدارة الصندوق بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، وفي حالة التساوي يُرجح الجانب الذي منه رئيس مجلس إدارة الصندوق. ويكون للصندوق مدير تنفيذي من ذوي الخبرة العملية في مجال الاستثمار متفرغ لإدارته، ويكون تعيينه لمدة عامين قابلة للتجديد، ويمثل الصندوق في صلاته مع الغير وأمام القضاء، ويصدر بتعيينه، وتحديد اختصاصاته، ومعاملته المالية، قرار من مجلس إدارة الصندوق.
ويصدر النظام الأساسي للصندوق المنشأ وفق أحكام القانون بقرار من رئيس الجمهورية، بناءً على عرض رئيس هيئة قناة السويس، وموافقة مجلس الوزراء، وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ العمل بالقانون.
ارتفاع الإيرادات
وكان رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، قد قال في كلمته أمام مجلس النواب، إن "الهيئة حققت طفرات غير مسبوقة مؤخراً، منها عبور نحو 23 ألف سفينة في عام 2022، بزيادة واضحة عن العام الماضي"، مضيفاً أن "إجمالي الحمولة التي شهدتها القناة في العالم الحالي بلغت ملياراً و420 مليون طن، بدخل إجمالي يصل إلى 7 مليارات و932 مليون دولار".
وزاد: "من المتوقع أن تصل إيرادات قناة السويس إلى نحو 8 مليارات دولارات مع نهاية السنة المالية 2022-2023. والقناة استطاعت مواجهة 3 أزمات كادت تعصف بها، وهي جائحة كورونا في عام 2020، التي تسببت في توقف الملاحة بعدد كبير من الموانئ العالمية، وجنوح السفينة إيفر غفين العام الماضي، وأخيراً الحرب الروسية في أوكرانيا، وتداعياتها السلبية على حركة الملاحة في بعض الموانئ والممرات على مستوى العالم".
وتابع ربيع: "الهدف من إنشاء صندوق الهيئة هو تحقيق فائض إضافي لزيادة دخل قناة السويس، حتى نكون على استعداد في مواجهة أية طوارئ"، حسب تصريحاته.