وقع الجانبان المصري والسعودي 14 اتفاقية استثمارية في القاهرة، الثلاثاء، بقيمة إجمالية تبلغ 7.7 مليارات دولار، غداة وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مصر، مساء الاثنين، حيث كان الرئيس عبد الفتاح السيسي في مقدمة مستقبليه، ضمن جولة إقليمية تشمل الأردن وتركيا، قبيل القمة المرتقبة لقادة منطقة الشرق الأوسط في المملكة، بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن.
والسعودية حليف وثيق للسيسي في المنطقة، وقدمت حكومتها دعماً مالياً سخياً منذ وصول الرئيس المصري إلى السلطة عام 2014. ومع سحب مستثمري المحافظ الأموال من مصر، ومواجهة الأخيرة ارتفاعاً في أسعار السلع الأساسية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وتراجعاً في قيمة العملة المحلية أمام الدولار بنحو 20%، أودعت السعودية خمسة مليارات دولار في البنك المركزي المصري.
واليوم، استضافت "الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة" في مصر مراسم توقيع الاتفاقيات الاستثمارية ومذكرات التفاهم بين الجانبين المصري والسعودي، بين مجموعات استثمارية سعودية وجهات مصرية حكومية وخاصة، وشملت قطاعات عديدة، أهمها "البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، وإدارة الموانئ، والصناعات الغذائية، وصناعة الأدوية، والطاقة المتجددة، ومنظومة الدفع الإلكتروني، والحلول التقنية المالية والمعلوماتية".
وشهد التوقيع وزيرا التجارة والاستثمار السعوديان، ورئيس مجلس إدارة اتحاد الغرف السعودية، ورئيس مجلس الأعمال المصري السعودي، فضلاً عن ممثلي أكثر من 60 مؤسسة وشركة سعودية. ومن الجانب المصري: وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، ووزير الكهرباء محمد شاكر، والرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة محمد عبد الوهاب.
وشملت الاتفاقيات توقيع شركة "أكواباور" اتفاقية لتوليد ونقل الكهرباء من طاقة الرياح مع "الشركة القابضة لكهرباء مصر"، لإنتاج وتوليد طاقة نظيفة من تكنولوجيا طاقة الرياح بقدرة مركبة 1100 ميغاوات. ووقعت شركة "الفنار العالمية للتطوير" اتفاقيتين، الأولى مع "الهيئة العربية للتصنيع" لإنتاج طاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، والثانية مع مجموعة "بنية" في مجال تقنية المعلومات والحلول الرقمية.
كما وقعت مجموعة "عجلان وإخوانه القابضة" اتفاقيات استثمارية عدة مع الجانب المصري، في مجالات المنتجات البترولية، والبنية التحتية، والطاقة المتجددة، واللوجستيات، والصناعات الغذائية، والأمن الغذائي، وصناعات الأدوية، والسيارات، والترفيه.
ووقعت على الاتفاقيات من الجانب المصري شركات "تريانغل غروب"، و"مجموعة سامي سعد"، و"مغربي الزراعية"، و"فاركو للأدوية"، و"مجموعة حسن علام"، و"المجموعة العربية لسلاسل الإمداد"، فضلاً عن شركة "أرايز للموانئ والخدمات اللوجستية"، بهدف تطوير وتمويل وتشغيل محطة متعددة الأغراض داخل ميناء دمياط.
كما وقعت شركة أبحاث وتطوير الأعمال التجارية (T2) اتفاقاً استثمارياً مع شركة "فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية"، لتطوير الحلول التقنية المالية لخدمة حركة التبادل التجاري والحوالات المالية بين السعودية ومصر. وفي المجال نفسه، وقعت شركة "خوارزمي فنتشرز" وشركة "خزنة" اتفاقية استثمارية بغرض التوسع في المملكة، وتقديم الخدمات المالية المتنقلة للقوى العاملة في السعودية.
أما في مجال الصناعات الغذائية، فوقعت شركة "أقوات للصناعات الغذائية" وشركة "حلواني مصر" مذكرة تفاهم من أجل منح الشركة المصرية حقوق تصنيع منتجات أقوات/البيك في مصر. وفي القطاع الطبي والدوائي، وقعت شركة "جمجوم فارما" السعودية اتفاقية لتدشين مصنع لها في مصر.
كذلك وقعت اتفاقية بشأن "البرنامج التنفيذي للتعاون في المجال الإعلامي" بين وزير الإعلام السعودي ورئيس "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" في مصر، بدعوى تعزيز التعاون الثنائي بين الجهتين في مجالات الصحافة، والإذاعة، والتلفزيون، والإنتاج الدرامي، والإعلام الرقمي.
وصرح رئيس هيئة الاستثمار المصري قائلاً: "الهيئة ستؤدي دورها بشأن دعم المشروعات الاستثمارية السعودية، وإزالة كافة التحديات أمام تنفيذها، من خلال منح الرخصة الذهبية للشركات التي تؤسس لإقامة مشروعات استراتيجية، أو قومية، إلى جانب تقديم مختلف التيسيرات في ما يتعلق بإجراءات حصول المستثمرين السعوديين على الأراضي اللازمة لإقامة مشروعاتهم".
وأضاف رئيس الهيئة: "سيتم مد المستثمرين السعوديين بالمعلومات اللازمة عن الفرص الاستثمارية الجديدة المتاحة على خريطة مصر الاستثمارية، والبالغة نحو 2700 فرصة استثمارية في مختلف القطاعات الاقتصادية".
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أن "السعودية والإمارات قدمتا إلى مصر، خلال شهر مايو/أيار الماضي، ما مجموعه أربعة مليارات دولار في صورة مساعدات عاجلة"، بعد ما وصفته المصادر بـ"استغاثات مصرية نتيجة الوضع الاقتصادي المتأزم". وأوضحت المصادر أن القاهرة "كانت في حاجة ماسة إلى تغطية عمليات شراء عاجلة لاحتياجات غذائية شهرية خاصة بعدد من السلع الاستراتيجية، في مقدمتها القمح وأنواع أخرى من الحبوب".
وأفادت المصادر بأن الفترة الماضية "شهدت مفاوضات مكثفة مع عدد من البلدان الخليجية، في مقدمها قطر والسعودية والإمارات، من أجل سرعة إنجاز عمليات استحواذ من جانب الدول الثلاث، على استثمارات ومشروعات في مصر، بهدف ضخ سيولة دولارية عاجلة في الاقتصاد المصري، حتى يتم السماح بدفع الالتزامات الشهرية الخاصة بالسلع الاستراتيجية".
ودفعت الأزمة المالية الخانقة التي تواجه مصر الحكومة إلى الاقتراض الشره داخلياً وخارجياً، في حين كلف السيسي الحكومة ببيع أصول مملوكة للدولة في العديد من المجالات، من أجل توفير ما مجموعه 40 مليار دولار على مدى 4 سنوات، وسط توقعات بإقبال مستثمرين من دول الخليج على شرائها.