أجبرت حملات مقاطعة إسرائيل الكثير من العلامات التجارية الأميركية والغربية على تخفيض إنتاجها وتقليص ساعات العمل، وسط أجواء بتوجه بعض فروعها للإغلاق.
وبدت الأضرار واضحة على مختلف العلامات التجارية المشمولة بالمقاطعة في الأردن، حيث اضطرت العديد منها إلى تخفيض طاقاتها الإنتاجية وتقليص ساعات العمل، ما يراه فاعلون في القطاع التجاري خطوة أولى نحو الإغلاق الذي يطاول بعض الفروع في الفترة المقبلة.
وقال عضو غرفة تجارة عمّان علاء ديرانية لـ"العربي الجديد" إن المنشآت المشمولة بالمقاطعة تواجه صعوبات بالغة نتيجة لتراجع الإقبال عليها، والتي تتراوح بين 80% و90%، خاصة مقاهي "ستاربكس" ومطاعم "ماكدونالدز".
وأضاف ديرانية أنه من خلال المشاهدة الميدانية لعمل تلك المنشآت فقد انخفض الطلب عليها إلى مستويات كبيرة جداً وغير مسبوقة وهي في تصاعد، ويتوقع أن تتوقف بعض الفروع عن العمل خلال الفترة المقبلة مع استمرار حملات المقاطعة، مشيراً إلى أنه لا تقديرات حتى الآن بحجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت التي توجه حملة مقاطعة غير مسبوقة، لكنّ الواقع يؤشر إلى خسائر كبيرة جداً.
ولفت إلى أن الإغلاقات محتملة إذا استمرت حملة المقاطعة خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن منشآت محلية تشهد في المقابل ارتفاعا في الطلب على منتجاتها بسبب مقاطعة المنتجات الأجنبية التي تدعم بلادها الاحتلال الإسرائيلي.
وما تزال المنشآت المتضررة تحاول الحد من المقاطعة لمنتجاتها وإقناع الرأي العام بطرق مختلفة بأنها شركات محلية وطنية برأس مال أردني وهي لا تدعم الاحتلال وتشغل آلاف العاملين. وأعلنت بعض تلك المنشآت عن تقديم تبرعات مالية وعينية لصالح قطاع غزة ضمن حملات الإغاثة التي يقوم بها الأردن على أكثر من صعيد.
وأعلنت شركة عرموش للاستثمارات السياحية التي تشغل علامة "ماكدونالدز" في الأردن تقديم 100 ألف دينار (141 ألف دولار) كتبرع نقدي فوري لحملة الإغاثة التي أطلقتها الهيئة الخيرية الهاشمية، مشيرة إلى أن ذلك يأتي في إطار "دورها الوطني والتزامها تجاه القضايا الوطنية وتماشياً مع التوجه الرسمي للمملكة الذي دائماً ما يقف في صف قضايا الأمة وحقوقها العادلة".
وقالت الشركة في منشور لها أخيراً إنها "ستواصل الالتزام بالتوجه الأردني الرسمي، وإنها جزء من المنظومة الاقتصادية والاجتماعية الأردنية، وإنها مستقلة تماماً عن أي توجه لوكالات وعلامات تجارية في أي بلد آخر".
وتلعب العديد من العلامات التجارية التي طاولتها المقاطعة على وتر تسريح العمالة لديها، إذ تشير "ماكدونالدز الأردن" إلى أن فريق عملها يتجاوز 3000 شاب وشابة هم من الأردنيين ورأس مالها أردني 100%.
ورغم إشارة رئيس المرصد العمالي الأردني أحمد عوض إلى أن أكثر من 15 ألف عامل في قطاعات مختلفة في الأردن باتوا معرضين للتسريح من العمل أو تخفيض رواتبهم بسبب حملات المقاطعة، إلا أنه شدد على أهمية المقاطعة وتأييده لها.
وأعلنت شركات محلية عن استعدادها لتشغيل العمال المسرّحين من العمل من قبل المنشآت المقاطعة، لكن المرصد العمالي ذكر أن العديد من هذه المنشآت لا تلتزم بما يصدر عنها بهذا الشأن، كما أن الأجور لديها متدنية مقارنة بالمنشآت المشمولة بالمقاطعة.
وشملت المقاطعة أيضاً منشآت تعمل في قطاعات المحروقات والمواد الغذائية والكهربائيات وغيرها، إضافة إلى السلع المستوردة من الخارج والماركات العالمية. وهو ما اعتبره ممثلون لقطاعات إنتاجية أردنية فرصة لتشجيع المنتجات الوطنية.
وتقدر حصة الإنتاج الأردني من الاستهلاك المحلي الكلي بنحو 42% بواقع 11.9 مليار دينار (16.66 مليار دولار) من إجمالي استهلاك السوق المحلي البالغ سنوياً نحو 28.2 مليار دينار (39.48 مليار دولار)، وفق البيانات الرسمية.
ويستهدف برنامج "صنع في الأردن" زيادة حصة المنتجات الوطنية في الأسواق المحلية وزيادة الصادرات الوطنية بنسبة 15% سنويا في بعض القطاعات ذات الميزة التنافسية. ويقدر عدد المنشآت الصناعية في المملكة بحوالي 17 ألف منشأة صناعية، بحجم استثمار يقدر بـ 15 مليار دينار (22 مليار دولار) توفر قرابة 254 ألف فرصة عمل. وتبلغ مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي 25%، وينتج القطاع الصناعي 1500 سلعة، بينما تصل حصة الصناعة إلى 46% في السوق المحلية و17 مليار دينار إجمالي الإنتاج القائم.
في المقابل، يقول مسؤولون في القطاع التجاري إن المنشآت التجارية والخدمية التي تتعرض للمقاطعة هي شركات محلية برأس مال يعود لأردنيين وتساهم في توفير عدد كبير من فرص العمل ودعم الاقتصاد الوطني، مشيرين في تصريحات متوالية إلى أن هذه المنشآت تشغل عشرات آلاف الأردنيين في العديد من القطاعات وترفد خزينة الدولة بالايرادات، وأن تضررها سيعود بنتائج سلبية على الوضع الاقتصادي.
ولا تخفي الحكومة الأردنية قلقها من الانعكاسات السلبية للحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة والتداعيات اللاحقة على اقتصاد بلادها، ولا سيما مع تباطؤ وتراجع أداء العديد من القطاعات الرافدة للنمو وإيرادات الخزينة، مثل السياحة والتجارة والعقارات وغيرها.