نفّذت جمعية "صرخة المودعين" في لبنان اعتصاماً، صباح اليوم الخميس، أمام مقرّ المصرف المركزي في بيروت "ضدّ التعاميم الظالمة للمودعين"، رُفِعَت خلاله لافتات تدعو إلى ردِّ ودائع الناس المحتجزة في المصارف منذ نحو أربع سنواتٍ.
ويأتي تحرّك المودعين بالتزامن مع جلستَيْن يعقدهما مجلس الوزراء اللبناني اليوم الخميس للبحث في بنودٍ يصفها بـ"الملحّة والأساسية"، حيث جرى إقرار اعتماد منصة شركة "بلومبيرغ" الأميركية للتداول والأسواق المالية بدلاً من منصة صيرفة التي أطلقها مصرف لبنان، إضافة إلى بحث بنود مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2024.
وعبّر المعتصمون خلال تحرّكهم عن رفضهم المطلق للتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان منذ نحو 4 سنوات وحتى اليوم، باعتبارها غير قانونية وغير دستورية، ولا يمكن الاعتراف بها.
وشدّدوا على أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، ورغم خطواته التي يحاول فيها تغيير سياسة حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، إلا أنه كان شريكاً ومسؤولاً عن معاناة المودعين ووضع اليدّ على ودائعهم طيلة هذه الأعوام بمجرّد وجوده في المجلس المركزي، من دون اعتراضه على تلك الممارسات وتقديم استقالته رفضاً لها، الأمر الذي ينطبق أيضاً على نواب الحاكم الثلاثة، ما يجعلهم جميعاً خارجين عن القانون والدستور.
خسارة قيمة الودائع
وقال أحد المشاركين في التحرّك إن منصوري ونواب الحاكم، ورغم أنهم تحدثوا عن عدم موافقتهم على أداء سلامة، لكنهم جلسوا معه على الطاولة نفسها، ولم يعترضوا أو يتحركوا ضد سياساته، بينما كان عليهم أن يعلنوا موقفهم صراحة للرأي العام، ويتقدموا باستقالتهم تعبيراً عن هذا الرفض، والوقوف بوجه الممارسات، لذلك تجب محاسبتهم جميعاً على كل تعميم صدر بوجودهم، وألحق أضراراً كبيرة بالمودعين الذين لا يزالون حتى اليوم بفضل هذه التعاميم يخسرون أكثر من 90 في المائة من قيمة ودائعهم.
وشدد بالقول: "إننا نريد خطة قصيرة المدى، ونريد ودائعنا كاملة، إذ لم يعد مقبولاً الاستمرار في نهج إعطاء المودع مبالغ من هنا وأجزاء من هناك، بينما يخسر قيمة أمواله يومياً، كما يجب التعويض الفوري على مودعي الليرة اللبنانية، المتضررين كثيراً من الأزمة، مؤكدين أنه مهما حاولوا اليوم اصدار مواقف، وإعلان رفضهم تمويل الحكومة لإظهار نيتهم الحسنة في طريقة تعاطيهم مع الأزمة، إلا أن الناس فقدت الثقة بالمسؤولين وكل المصارف ومصرف لبنان، وتريد ودائعها كاملة".
وحذّر من أن المودعين قد يتحوّلون إلى خلية إجرامية في حال لم تُرَدّ ودائعهم كاملة، إذ لا يمكن الاستمرار في إطلاق النار عليهم وهم يتفرّجون، بل حان وقت التحرك وإيقاف كل هذه المسرحيات السياسية والمصرفية.
وفي مستهلّ الجلسة الأولى التي يعقدها مجلس الوزراء صباح اليوم، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إنّ "هناك ملفات اقتصادية واجتماعية صعبة جداً، أهمّها تفلّت أسعار السلع والمواد والخدمات والأقساط الجامعية والمدرسية وفواتير الاستشفاء وأسعار التأمين والحاجات الأساسية".
دراسة بنود الموازنة
وأشار ميقاتي إلى أن الحكومة مسؤولة عن الأمن الاقتصادي والصحي والغذائي، داعياً الوزارات والجهات المعنية إلى مراقبة الأسعار وحماية المواطنين من أخطار الجشع وإنزال العقوبات بالمخالفين الذين يبتزّون الناس ويستنزفون قدراتهم.
وقال ميقاتي: "نحن اليوم على بعد أيام من العاشر من سبتمبر/أيلول، وهو تاريخ تشكيل حكومة معاً للإنقاذ، ومع اقتراب العام الثالث من عمر الحكومة، كلنا أمل أن يكتمل عقد المؤسسات الدستورية ويُنتخب رئيس للجمهورية، لأن لبنان الصيغة والكيان، لا تستوي العدالة السياسية فيه إلا بتكامل مكوناته الوطنية".
وقال رئيس الحكومة إنه مع بدء العام الدراسي، فإننا نتابع صرخة الأهالي من غلاء الأقساط في المدارس وإرغامهم على الدفع بالدولار بنسب متفاوتة لا معايير واضحة لها، وقد تواصلت مع وزير التربية للتشدد في هذا المجال وإلزام المدارس الخاصة بأخذ الواقع الاقتصادي الراهن بالاعتبار لدى زيادة الأقساط.
وأضاف: "هناك اقتراح بزيادة الرسوم في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية، ستُعرض الزيادة علينا خلال بحث مشروع الموازنة، وسيصار إلى درسها بشكل يخفف الأعباء عن الأهل ويمكّنهم من إرسال أولادهم إلى المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية".
وأعلن ميقاتي عن جلسة خاصة لمجلس الوزراء ستعقد الأسبوع المقبل بمشاركة قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية، لبحث ملف التدفق الجديد من موجات اللجوء السوري عبر ممرات غير شرعية.
ويبحث مجلس الوزراء اللبناني بعد ظهر اليوم مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2024، المحال إليه من وزير المال، والمثقل بالضرائب الجديدة والرسوم التي سيُستوفى عدد منها بالدولار الأميركي النقدي، وذلك على وقع اعتراضات كثيرة عليه خصوصاً من قبل خبراء اقتصاديين يحذرون من انعكاسات خطيرة لموازنة كهذه، في حال أُقرّت، على الوضع المعيشي لغالبية اللبنانيين، وفي زيادة معدلات الفقر والبطالة والجوع في البلاد.