تشهد أسواق قطاع غزة هذه الأيام حركة متصاعدة النشاط مع اقتراب عودة الطلبة إلى المدارس لافتتاح العام الدراسي الجديد 2023/ 2024، تزامنًا مع نشاط مماثل تشهده مصانع الخياطة (الحياكة) لإنجاز الزي المدرسي واللوازم الخاصة بالطلبة.
ويستعد قرابة 600 ألف طالب وطالبة للانتظام في مدارسهم في الأسبوع الأخير من شهر أغسطس/آب الجاري بعد انتهاء إجازتهم الصيفية، في الوقت الذي يعتبر هذا الأمر موسماً مهمًا للتجار وأصحاب المصانع على حدٍ سواء نظرًا للحركة التجارية الكبيرة التي تشهدها الأسواق.
ورغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالقطاع وارتفاع معدل الفقر والبطالة والاعتماد على المساعدات الإغاثية التي تقدمها الجهات المانحة، إلا أن الأسر الفلسطينية توفر أبسط المستلزمات الخاصة بأبنائها للمدارس من خلال الإقبال على الشراء.
وتعتبر رواتب الموظفين التي تصرف في القطاع الخاصة بموظفي السلطة الفلسطينية أو الحكومة في غزة التي تديرها حركة "حماس" إلى جانب المنحة القطرية ومخصصات الشؤون الاجتماعية أبرز العوامل التي توفر السيولة النقدية في ظل ارتفاع معدلات البطالة.
وتكثف المصانع العاملة في غزة هذه الأيام من عملها حيث تبدأ عادةً عملها في إنتاج الزي المدرسي قبل انتظام العام الدراسي بثلاثة أشهر، وتكثف من طاقتها الإنتاجية ليصل إلى أقصى درجة ممكن في الأسابيع الثلاثة الأخيرة من أجل أن يتم تسويق ذلك في الأسواق.
وتعتبر "بناطيل" الجينز وما يعرف بـ "المريول" المدرسي أبرز الملابس التي يرتديها الطلبة في المدارس في غزة سواء التابعة للحكومة أو تلك التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والتي تتفاوت أسعارها بناءً على إنتاجها سواء كان مستوردا أو مصنعا محليًا.
وشهد العام الماضي إصدار السلطات في غزة قرارًا من وزارة الاقتصاد ينص على فرض رسوم جمركية بقيمة "10 شيكل" (2.7 دولار) على كل "بنطال" جينز مستورد من الخارج، مبررة القرار بأنه محاولة لدعم المنتج المحلي والمصانع العاملة في القطاع وزيادة الإنتاج الداخلي.
في الوقت ذاته، يعتبر مستوردو الملابس من الخارج أن القرار يضر بهم وبمصالحهم التجارية لكونه يحرمهم من البيع ويضع قيودًا على عملية الاستيراد من الخارج، في حين يرى أصحاب المصانع القرار بأنه مشجع لهم من أجل زيادة الأيدي العاملة في القطاع في مجال الغزل والنسيج.
ووفق وزارة الاقتصاد في غزة فإن مصانع الملابس المحلية لديها القدرة الكافية على تلبية احتياجات السوق الفلسطيني من حيث الجودة والسعر، علاوة على تصدير الزي المدرسي للمحافظات الشمالية، وحماية صناعة الجلباب الشرعي وبنطلون الجينز والملابس الرياضية وبعض منتجات ملابس الأطفال.
وحسب الوزارة فإنها قدمت العديد من التسهيلات لمصانع الخياطة في غزة، من خلال الإعفاء من رسوم التراخيص الصناعية المتراكمة، والإعفاء بنسبة 50% من الرسوم المطلوبة للحصول على رخصة صناعية لأول مرة، بالإضافة لتقديم دعم حكومي في مجال الكهرباء، ومنح حسومات على الرسوم الجمركية للمواد الخام، ومنح تسهيلات إضافية لمصانع الخياطة في المنطقة الصناعية.
في الأثناء، يؤكد رئيس اتحاد صناعة النسيج فؤاد عودة أن موسم المدارس يعتبر هاما بالنسبة للمصانع حيث تبدأ بالاستعداد له قبل 3 إلى 4 أشهر، حيث تعمل المصانع بكامل قدراتها الإنتاجية مع بقاء أقل من شهر من بداية العام الدراسي لتغطية كامل احتياجات السوق المحلي.
ويقول عودة لـ "العربي الجديد" إن المصانع في غزة تعمل في الوقت الطبيعي لمتطلبات أخرى من أجل تغطية السوق المحلي وسوق الضفة الغربية المحتلة والسوق الإسرائيلي، إلا أن الفترة الحالية تشهد تركيزًا كبيرًا على تغطية جميع متطلبات السوق بنسبة 100%.
ويشير إلى أن هناك بعض اللوازم التي يتم السماح باستيرادها من الخارج مثل "بنطال الجينز" أو القماش الخاص بـ "المريول" المدرسي، غير أن معظم احتياجات السوق المحلي يتم إنتاجها في القطاع خلال الفترة الأخيرة مع تزايد أعداد المصانع العاملة بشكلٍ لافت.
وعن قرار "الكوتة" الخاص باستيراد "بنطال الجينز"، ينوه رئيس اتحاد صناعة النسيج إلى أن القرار في السابق كان ينص على تخصيص حصة قيمتها 600 ألف بنطال، إلا أن العام الحالي شهد توافقًا مع وزارة الاقتصاد على استيراد أكثر من 200 ألف من العمر صفر إلى 14 عاما.
ويوضح أن الإنتاج المحلي يبلغ ما يزيد عن مليون بنطال أما القيمة الإجمالية للمستورد فتصل إلى 800 ألف، من أجل تلبية احتياجات السوق المحلي، حيث كان هذا التوجه في الاستيراد لضمان عدم وجود أزمة نقص مع ضبط الأسواق من الملابس المستوردة.
ويبلغ عدد المصانع المسجلة في اتحاد الملابس والنسيج 290 تشغل ما يزيد عن 9 آلاف عامل بالتزامن مع زيادة ملموسة في أعداد المصانع والأيدي العاملة خلال الفترة الأخيرة، حيث تقدر نسبة الزيادة الحاصلة في أعداد العاملين في هذا القطاع بـ 15%، وكانت أعداد العاملين العام الماضي أقل من 8 آلاف فيما اليوم تتجاوز 9 آلاف.
إلى ذلك، يقول رئيس نقابة تجار الألبسة محمد المحتسب، إن هناك زيادة في الحصة المخصصة أمام المستوردين لتصل إلى 240 ألف بنطال مدرسي بخلاف الحصة السوقية السابقة التي كانت مقتصرة على 600 ألف وفقًا لقرار وزارة الاقتصاد.
ويضيف المحتسب لـ "العربي الجديد" أن حصة الـ 600 ألف السابقة كانت على مستوى العام، ومع الخشية من حدوث نقص أو عجز في الأسواق تم اتخاذ قرار باستيراد 240 ألف بنطال من أجل تغطية موسم المدارس بشكلٍ منفصل عن الحصة السوقية السنوية.
ويشير رئيس نقابة تجار الألبسة إلى أنّ هناك إقبالا أكثر بالنسبة للمستهلكين على المستورد مقارنة بالمصنع محليًا لاعتبارات خاصة بالمستهلكين، ونظرًا لكون الصناعة المحلية في مرحلة الصعود في ظل وجود نقص في بعض المواد الخام التي تستخدم في الصناعة نتيجة منع بعضها.
ويلفت إلى أن موسم المدارس يكتسب أهمية قصوى بالنسبة للتجار والمستوردين نظرًا لوجود مئات الآلاف من الطلبة الذين يحتاجون لشراء الملابس واللوازم الخاصة بالعام الدراسي سواء على صعيد المدارس، أو حتى طلبة الجامعات والكليات في القطاع.