وزير الاقتصاد اللبناني لـ"العربي الجديد": البضائع في السوق كافية وإجراءات استثنائية في حال الطوارئ
تعقد وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان مجموعة اجتماعات مع قطاعات معنية بالدرجة الأولى بالأمن الغذائي في سياق التدابير الحكومية والوزارية ضمن خطة الطوارئ الاستباقية في حال تطوّرت رقعة الاشتباكات بين حزب الله والاحتلال أو تصاعد العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية.
وأطلع وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام المواطنين على مخزون المواد المتوافر في البلد وذلك تفادياً لحالات الهلع والتهافت من أجل الشراء والتخزين، معلناً أن البضائع الاستهلاكية تكفي بين شهرين وثلاثة في حال تطوّر الأوضاع إلى الأسوأ أمنياً، لكن "شرط" ألا يحصل تخزين فائض أو زائد لها ما من شأنه أن يخّفض هذه الكميات إلى النصف وتالياً يقلّص وجودها مع الوقت.
وقال وزير الاقتصاد اللبناني لـ"العربي الجديد"، إن هناك تداعيات اقتصادية سلبية دائماً ما تسجّل عند الأزمات وتخلق بالتوازي تحديات أكبر خصوصاً أنها تترافق مع حالة هلع عند الناس تترجم في الأسواق والتهافت على الشراء تخوّفاً من انقطاع السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية.
ولفت سلام إلى أن التهافت على الشراء ظهر بزيادة بين 35 إلى 50 في المائة منذ بدء الأحداث على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة أي خلال الأسبوعين الأخيرين، الأمر الذي يخلق في المقابل مناخاً يسارع التجار إلى استغلاله عبر رفع الأسعار أو تخزين المواد، وهذا كلّه من شأنه أن يحدث حالة ارتباك تنعكس سلباً على الاقتصاد.
وقال سلام لـ"العربي الجديد"، إن الأسعار ارتفعت بشكل بسيط لا يتخطى نسبة 3 في المائة وذلك نتيجة ارتفاع بوالص التأمين بيد أنه لم يحصل حتى الساعة انعكاس اقتصادي مباشر ربطاً بالأوضاع الأمنية على الحدود، لكنّ هذا المشهد طبعاً سيتغير في ما لو حصل تصعيد أمني أو عدوان على لبنان.
وأيضاً لفت وزير الاقتصاد اللبناني إلى أنّ وزارته نتابع أوضاع أصحاب المحال والمتاجر في القرى الحدودية والتي هي بمحاذاة المناطق التي تشهد قصفاً معادياً والتي أقفلت أبوابها منذ بدء الاشتباكات و"نعلم أنهم يتكبّدون خسائر إزاء ذلك ونحن على تواصل معهم ونعرض المساعدة في حال كان هناك بضائع تتطلب التصريف أو التواجد بالسوق المحلية وتالياً نقلها من موقعها إلى مكان آخر في بيروت أو غيرها".
وأكد سلام أنه لا شك أنّ هناك تجاراً يستغلّون الظروف والجو العام في البلد لتحقيق الأرباح "لكننا بالمرصاد لهم، وقد أعلنا في الأسبوع الماضي عن تسطير 251 محضر ضبط في شتى القطاعات استناداً لمخالفات واضحة، ولن نتوانى عن تسطير محاضر إضافية والقيام بمداهمات وأيضاً توقيف من تسوّل له نفسه مضاعفة أرباحه على حساب وجع الناس ومعاناتهم".
وحول سؤال عن أنّ المحاضر التي تسطّرها وزارة الاقتصاد بحق المخالفين وتجار الأزمات ليست رادعة بشكل يوقف عمليات الأرباح غير الأخلاقية وغير المشروعة ويحدّ منها، يجيب سلام أنّ "القوانين التي نعمل وفقها قديمة، والغرامات التي تفرضها غير رادعة، وهناك مشروع مقدّم في مجلس النواب ينتظر عقد جلسة واحدة لإقراره وبالتالي تعديل قانون حماية المستهلك، برفع الغرامات واعتماد سياسة نفّذ ثم اعترض، بدل الانتظار حتى إحالة الملف إلى القضاء". وشدد سلام على "أننا لا نريد أن نتعاطى بهذه الطريقة خصوصاً أننا نعمل ونطمح لاقتصاد مزدهر مع القطاع الخاص لكن إذا حصلت مخالفات سنلجأ إلى جميع الوسائل لمواجهتها" لافتاً إلى أنه "في حال دخل لبنان حالة الطوارئ أو الحرب، سأقوم باتخاذ إجراءات استثنائية قد تصل إلى سجن أو توقيف المخالف وكل تاجر ومسؤول عن هذه الممارسات المخالفة لأن وضع البلد لا يحتمل هذا الاستغلال".
وفي مؤتمر صحافي عقده وزير الاقتصاد أمس الثلاثاء تناول فيه موضوع الأمن الغذائي، أعلن سلام أن لا مواد مقطوعة في السوق اللبناني، كما أن الطحين والقمح متوفران، مشيراً إلى أنه تأكد مع البنك الدولي من إجراءات ستقام خلال الأيام المقبلة من أجل تسهيل عمليات الاستيراد حتى يبقى المخزون الاستراتيجي كبيراً في البلد وذلك بالتنسيق مع المطاحن والأفران.
وطمأن سلام إلى أن المخازن لا تزال ممتلئة بالبضائع وهناك طلبيات وبواخر قيد السير لكن المخاطر الكبيرة تكمن سواء على صعيد المواد الغذائية أو المحروقات أو مختلف المواد الاستهلاكية في حال حصل مثلاً حصار بحري "من هنا تركيزنا على الملاحة الجوية والبحرية بحيث يجب التعاطي معها بدقة أكبر واستناداً إلى واقع الحال اليوميّ".
ولفت سلام في هذا الإطار إلى "أننا نقوم بخطوات استباقية ونتابع تفاصيل تخزين المواد في المناطق اللبنانية علماً أنه تبيّن للأسف أن عمليات التخزين تحصل أكثر في بيروت وجبل لبنان ومناطق ليست معرّضة لخطر العدوان، علماً أنّ المخاوف تشمل البلد ككلّ باعتبار أنه بمجرد قصف أو ضرب البنى التحتية أو الطرقات أو الجسور فإنّ سلسلة الامدادات والنقليات كلها ستكون بدائرة الخطر".
وأشار سلام أيضاً إلى "أننا تمنينا على التجار استيراد كميات إضافية إذا أمكن طالما أن بحرنا وأجواءنا ما زالت مفتوحة، لكن هناك تحديات تواجههم منذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان أواخر عام 2019 وذلك ربطاً بالوضع المصرفي الراهن ومشاكل التحويلات إلى الخارج، فهذا من المعوقات التي تصعّب العمل في حال الطوارئ، باعتبار أن التاجر ينتظر ليسحب أمواله من السوق ليشتري من ثم بضائع جديدة".
وأكد وزير الاقتصاد اللبناني أن جميع القطاعات على أهبة الاستعداد لمواكبة أي ظرف طارئ "وذهبنا أيضاً أبعد من ذلك بحيث اجتمعنا مع منظمات دولية ممكن أن تساعدنا في حال وصلنا إلى مرحلة الحصار البحري، لإدخال المواد الأساسية إلى البلد" مكرراً أنّ حديثه ليس من باب التهويل، بل الاحتياط لمواكبة ومواجهة كلّ السيناريوهات.