وزير التجارة السوري: عاجزون عن استيراد بضائع رئيسية بسبب العقوبات

06 يناير 2025
مصرف سورية المركزي/ دمشق/ 9 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التحديات الاقتصادية والعقوبات: تواجه سوريا صعوبات كبيرة في استيراد الوقود والقمح بسبب العقوبات الأمريكية، مما يهدد بحدوث "كارثة" إذا لم تُرفع العقوبات. انكمش الاقتصاد السوري بنسبة 84% بين 2010 و2023، وصُنفت سوريا كدولة منخفضة الدخل منذ 2018.

- الوضع المالي والاحتياطيات: يعاني الاقتصاد من ديون خارجية بين 20 و23 مليار دولار واحتياطيات نقد أجنبي منخفضة. سمحت بعض الحكومات باستخدام الأموال المجمدة لأغراض إنسانية، وتأمل الحكومة في استعادة 400 مليون دولار لدعم الإصلاحات.

- التجارة والقطاع الزراعي: تراجعت صادرات سوريا من 18.4 مليار دولار في 2010 إلى 1.8 مليار دولار في 2021. يعاني القطاع الزراعي من انخفاض الإنتاج، وتبحث سوريا عن بدائل لواردات الحبوب بعد توقفها من روسيا.

قال وزير التجارة السوري، ماهر خليل الحسن، إن بلاده غير قادرة على إبرام صفقات لاستيراد الوقود أو القمح أو البضائع الرئيسية الأخرى، بسبب العقوبات الأميركية الصارمة على البلاد، رغم رغبة دول كثيرة، ومنها دول الخليج، في توفير هذه البضائع لسورية. وأفاد، في مقابلة مع "رويترز" في مكتبه في دمشق، بأن الإدارة الجديدة التي تحكم البلاد تمكّنت من جمع ما يكفي من القمح والوقود لبضعة أشهر، لكن البلاد تواجه "كارثة" إذا لم يجر تجميد العقوبات أو رفعها قريبا. 

والحسن عضو في الإدارة الحاكمة الجديدة في سورية التي شكلتها هيئة تحرير الشام المعارضة، بعد أن قادت هجوما أطاح الرئيس السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت العقوبات على سورية خلال حكم الأسد، مستهدفة حكومته ومؤسسات الدولة أيضا.

وعلى نحو متصل، نقلت قناة الجزيرة مباشر التلفزيونية عن وزير المالية السوري، محمد أبازيد، اليوم الاثنين، قوله إن الدين الأجنبي للبلاد يتراوح بين 20 إلى 23 مليار دولار. وذكرت وكالة رويترز إن الاقتصاد السوري أصيب بالدمار في ظل حرب أهلية استمرت أكثر من عشر سنوات، وعقوبات جعلته في معزل عن النظام المالي العالمي. ونشرت الوكالة اليوم الاثنين تقريراً مطولاً، ألقت فيه نظرة فاحصة على الوضع الراهن للاقتصاد السوري، مبينة كيف أدّى الصراع إلى إعادة تشكيل العلاقات التجارية والمالية العامة للدولة.

وضع الاقتصاد السوري

ونقل البنك الدولي عن بيانات سورية رسمية في ربيع عام 2024 أن الاقتصاد انكمش بأكثر من النصف بين عامي 2010 و2021. ومع ذلك، قال البنك إن هذا ربما يكون أقل من التقديرات الحقيقية. وأشارت حسابات البنك التي تستند إلى مؤشر الإضاءة الليلية، والذي يقيس إجمالي النشاط الاقتصادي، إلى انكماش حاد بواقع 84% بين عامي 2010 و2023. وأعاد البنك الدولي تصنيف سورية ضمن الدول منخفضة الدخل في عام 2018. وتقول وكالات تابعة للأمم المتحدة إن أكثر من 90% من السوريين البالغ عددهم 23 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر.

وتفيد بيانات البنك الدولي بأن حجم الاقتصاد السوري بلغ 23.63 مليار دولار في عام 2022، وهو ما يعادل تقريبا حجم الاقتصاد في ألبانيا وأرمينيا اللتين يقل عدد سكان كل منهما عن ثلاثة ملايين نسمة. وتفاقمت الأزمة الاقتصادية في سورية في عام 2019 مع انزلاق لبنان في الأزمة المالية، حيث ترتبط الدولتان المتجاورتان بعلاقات اقتصادية ومالية قوية. وقدمت سورية مجموعة متنوعة من أسعار الصرف لمختلف المعاملات بهدف حماية الوصول إلى العملات الأجنبية المحدودة.

وفي أعقاب تولي الحكام الجدد السلطة في ديسمبر/كانون الأول، تعهد مصرف سورية المركزي باعتماد سعر صرف موحد رسمي. وأظهرت بيانات نشرها مصرف سورية المركزي اليوم الاثنين وصول السعر الرسمي إلى 13,065 ليرة للدولار، مقارنة مع 47 ليرة للدولار في مارس/آذار 2011 عندما اندلعت الحرب الأهلية في البلاد، وفقا لبيانات مجموعة بورصات لندن.

وأظهر موقع شركة "كرم شعار" للاستشارات المالية ارتفاع أسعار الصرف في السوق السوداء إلى 22 ألفا في وقت سقوط الرئيس السابق بشار الأسد، لكنها انخفضت اليوم الاثنين إلى 12,800. وأعلنت الحكومة المؤقتة الأسبوع الماضي عن تعيين ميساء صابرين حاكما لمصرف سورية المركزي، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب منذ تأسيسه قبل أكثر من 70 عاما.

احتياطيات مصرف سورية المركزي؟

يعمل الحكام الجدد على تحديد ما تبقى في خزائن الدولة. وقال رئيس الوزراء المؤقت محمد البشير إن احتياطيات النقد الأجنبي قليلة للغاية. وقالت مصادر لرويترز إن خزائن المصرف المركزي تحتوي على نحو مائتي مليون دولار، بالإضافة إلى 26 طنا من الذهب بقيمة 2.2 مليار دولار بأسعار السوق الحالية، وهذا أقل بكثير من الاحتياطيات البالغة 18.5 مليار دولار التي قدرها صندوق النقد الدولي في عام 2010، وأقل من الحد الأدنى الآمن الذي يغطي واردات البلاد لمدة ثلاثة أشهر.

وجمدت حكومات غربية أصولا سورية تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات منذ بدء الحرب، ولكن من غير الواضح قيمة هذه الأصول ومكانها. وقالت الحكومة السويسرية قبل أسبوعين إن قيمة الأصول السورية المجمدة في البلاد تبلغ نحو 99 مليون فرنك سويسري (112 مليون دولار). وفي إبريل/نيسان، قدّرت منصة "سيريا ريبورت" في نشرة لها قيمة الأصول المجمدة في المملكة المتحدة بنحو 163.2 مليون جنيه إسترليني (205.76 ملايين دولار).

ورغم العقوبات المفروضة على مصرف سورية المركزي، سمحت حكومات غربية لسورية بالاستفادة من الأموال المجمدة لأغراض إنسانية، مثل الأدوية والأغذية. وتوقعت الحكومة السورية الجديدة استعادة أصول مجمدة في الخارج بقيمة 400 مليون دولار للمساعدة في تمويل بعض الإجراءات الإصلاحية، مثل زيادات الرواتب 400% لبعض موظفي القطاع العام بداية من الشهر المقبل.

كيف أثّرت الحرب والعقوبات في التجارة والاقتصاد؟

وقال البنك الدولي إن تراجع عوائد النفط والسياحة أدى إلى انخفاض صادرات سورية من 18.4 مليار دولار في عام 2010 إلى 1.8 مليار دولار في عام 2021. كما انخفضت الواردات، ولكن بهامش أصغر، من 22.7 مليار دولار إلى 6.5 مليارات دولار، بسبب الاعتماد على استيراد القمح والوقود والمواد الغذائية. وقال خبراء إن اتساع هذه الفجوة فرض ضغوطا على المالية العامة للدولة، مما دفع الحكومة إلى سداد ثمن بعض الواردات بأموال غير مشروعة جنتها من مبيعات منشط الكبتاغون المسبب للإدمان، أو من تهريب الوقود.

ويقول البنك الدولي إن صناعة الكبتاغون أصبحت أعلى قطاع اقتصادي من حيث القيمة في سورية، مقدرا القيمة السوقية الإجمالية لما يجري إنتاجه في السنة بنحو 5.6 مليارات دولار. وفي السياق، قالت "رويترز" إن سورية كانت تُصدّر 380 ألف برميل يوميا من النفط في عام 2010، وأن هذا المصدر من مصادر العملة الصعبة تبدد بعد بدء الصراع في عام 2011. واستولت فصائل مختلفة، منها تنظيم الدولة الإسلامية ومقاتلون أكراد، على حقول النفط، وأبرم الأكراد صفقات مع شركات أميركية. وواجهت سورية صعوبات في تصدير منتجاتها للخارج بشكل قانوني بسبب العقوبات المفروضة عليها. 

وأدى هذا التراجع إلى اعتماد سورية على واردات الطاقة، ومعظمها من حليفتيها روسيا وإيران. وقالت راشيل زيمبا، كبيرة المستشارين لشؤون العقوبات لدى شركة هورايزون إنغيدچ، إن طهران توقفت في أواخر ديسمبر/كانون الأول عن إرسال شحنات من الوقود تتراوح بين مليون إلى ثلاثة ملايين برميل كانت سورية تحصل عليها شهريا. وأضافت زيمبا أن سورية لم يعد بمقدورها الوصول إلى الخدمات المصرفية العالمية، بسبب العقوبات المفروضة عليها، وتصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية، وهو ما يؤدي إلى تعقيد عمليات شراء الوقود.

معاناة القطاع الزراعي وتأثر إنتاج القمح

أدى الصراع والجفاف إلى انخفاض عدد المزارعين وتضرر أنظمة الري وصعوبة الحصول على البذور والأسمدة. وانخفض الإنتاج الزراعي إلى مستويات قياسية في عامي 2021 و2022، إذ تراجع إنتاج القمح وحده إلى ربع ما كان عليه قبل الحرب والذي كان يبلغ نحو أربعة ملايين طن سنويا. وكانت سورية أيضا تستورد نحو مليون طن من الحبوب سنويا من روسيا، لكن التدفقات توقّفت بعد تولي الحكام الجدد السلطة. وقالت أوكرانيا إنها مستعدة لتوريد الحبوب لسورية، لكن لم يتضح حتى الآن كيف ستتمكن الإدارة الجديدة من سداد ثمن هذه الشحنات.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون