أعلن وزير الطاقة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، اليوم الخميس، عن نجاح نسبي ضئيل في خطة الكهرباء، مع زيادة التغذية لحدٍّ أقصى 5 ساعات يومياً، وذلك في وقتٍ يتكبّد فيه المواطنون فواتير مليونية، دفعت العديد منهم إلى إلغاء عداداتهم.
ومنذ أشهر، تقوم مؤسسة كهرباء لبنان بجباية فواتير الطاقة وفق التعرفة الجديدة التي تعتمد على سعر منصة "صيرفة" التابعة لـمصرف لبنان المركزي، والذي يبلغ اليوم 86,700 ليرة، وهو يتبدّل تبعاً لسعر دولار السوق السوداء، وقد تخطى قبل فترة عتبة 90 ألف ليرة، على أن تضاف إليها نسبة 20% من القيمة التي يحددها البنك المركزي.
ورغم الوعود بزيادة التغذية الكهربائية لحدّ 10 ساعات، لم يتلقَّ المواطنون إلا 4 إلى 5 ساعات بالكثير، وليس في جميع المناطق اللبنانية، إذ إن هناك منازل بالكاد ترى النور مدة ساعتين.
في المقابل، زادت فواتير الكهرباء لتسجل أرقاماً غير مسبوقة تاريخياً تتخطى المليون ليرة، بينما كانت تصل إلى 200 أو 300 ألف ليرة كحدٍّ أقصى، وذلك من دون الحديث عن فواتير المولدات الخاصة التي باتت إما يشترط دفعها بالدولار النقدي، أو تجبى وفق سعر صرف السوق السوداء الذي كان تخطى قبل فترة عتبة 130 ألف ليرة.
وقال وزير الطاقة اللبناني، في مؤتمر صحافي اليوم الخميس، إنّ "نجاح خطة الكهرباء هو نسبي ضئيل، ونحاول زيادة التغذية الكهربائية قدر الإمكان، وكان ممكناً الوصول من 8 إلى 10 ساعات كهرباء يومياً، ولكن محدودية التمويل من مصرف لبنان ووزارة المال والقدرة على شراء الفيول أدت إلى تأمين تغذية بين 4 إلى 5 ساعات في المرحلة الأولى من تنفيذ الخطة".
وأشار فياض إلى أنّ هناك 3 عناصر أساسية لإنجاح خطة الكهرباء؛ الأول، ضرورة أن يكون هناك تعامل ديناميكي بين مصرف لبنان ووزارة المال في موضوع فتح الاعتمادات لشراء الفيول، حيث إنّ السرعة مطلوبة لعدم تأخير زيادة التغذية للمواطنين.
العنصر الثاني بحسب فياض، دفع القطاع العام والمؤسسات العامة المستحقات المتوجبة عليها لصالح كهرباء لبنان، أما الثالث، فمرتبط بمخيمات اللاجئين، بحيث جرى تركيب عدادات لتسديد المستحقات والفواتير على أساسها، و"على الجهات المعنية بشؤونهم، تحمّل المسؤولية في حال الفشل أو التقصير"، وفق قوله.
كذلك، تحدث وزير الطاقة اللبناني عن بعض التقدم على صعيد إزالة التعديات على الشبكة الكهربائية، لافتاً إلى أنه "صحيح هناك تأخير لكن البوادر التي رأيناها منذ بدء التنفيذ الفعلي لخطة الطوارئ في فبراير/ شباط الماضي، تشير إلى أنّ الأمور تسير بشكل جيد".
وحول استفادة مناطق من الكهرباء على حساب أخرى، قال فياض، إنه يجرى قياس النسبة المهدورة على كل مخرج للطاقة، وذلك عبر إحصائية على عدد محاضر المخالفات بالنسبة إلى عدد المشتركين.
وقال وزير الطاقة أيضاً إنّ زيادة التغذية تأتي بشكل مستدام بسبب وجود تعرفة تغطي كلفتها، والأرقام تبين أنّ كلفة الكيلوواط ساعة على البيت الواحد هي تقريباً توازي 40% من كلفة الكيلوواط ساعة التي تعطيها المولدات الخاصة.
في السياق، يقول مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون، لـ"العربي الجديد"، إنّ "خطة الكهرباء من الأساس مبنية على أوهام وشروط مستحيلة التنفيذ"، مشيراً إلى أنها أُسقِطت على مؤسسة كهرباء لبنان من وزارة الطاقة، وبإلحاح من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فكان أن وضعت شروطاً تعجيزية.
ويلفت بيضون إلى أنّ الخطة "اشترطت تعاون مصرف لبنان وتأمين الدولارات بسعر خاص، إلى جانب تعاون وزارات المالية والعدل والدفاع والبلديات، وتأمين مادة المحروقات للمؤسسة لمدة 6 أشهر، ولحظ الاعتمادات المالية اللازمة في الموازنة العامة، لتغطية استهلاك إداراتها، وكذلك بالنسبة إلى المؤسسات العامة ومصالح المياه بما يغطي التعرفة الجديدة، وذلك بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 200 مليون دولار تعادل 5 آلاف مليار ليرة لبنانية، وهو طبعاً ما لم يحصل، لأنّ الخطة جاءت بعد إقرار الموازنة التي لم تلحظ الاعتمادات المطلوبة".
ويضيف بيضون: "كذلك طالبت المؤسسة بتقديم الدعم المالي والتأمينات الصحية والاجتماعية لموظفيها، وتأمين المحروقات والبنزين وخلافه، والتمويل اللازم لدفع مستحقاتها، وأن تقوم الدولة بتسديد 460 مليون دولار كلفة شراء النفط العراقي، وفي حال عدم التقيّد بالشروط ولا سيما بالنسبة إلى توفير 5 آلاف مليار ليرة، وتسديد كلفة الفيول العراقي، فإنها سوف ترفع سعر مبيع الطاقة حوالي 10 سنتات إضافية لكل كيلوواط ساعة المحتسب على سعر منصة صيرفة من أجل تأمين التوازن المالي للمؤسسة".
ويردف بيضون: "إذا نظرنا إلى هذه الشروط كلها، وتحققنا مما تم تنفيذه على أرض الواقع، نصاب بخيبة أمل ولا نجد سوى مشتركين يهرعون إما لتجميد اشتراكاتهم أو تنزيل قدرتها تجنباً لبدل التأهيل التعسّفي وغير القانوني وغير المبرر وانتقاء قيمته المبالغ فيها، والتي سوف تتوجب شهرياً على كل مشترك حتى لو لم يستهلك أي كيلوواط لشغور مسكنه أو بيته".
كما أنّ خطة نزع التعديات لم تنجح، يقول بيضون، وقد أقرّ وزير الطاقة بنجاح نسبي ضئيل للخطة، وقد طلب من وزارة المال ومصرف لبنان تعاوناً ديناميكياً لتأمين فتح اعتمادات جديدة للفيول، فيما يعرف القاصي والداني والمواطنون أنّ الخزينة قد أفلست وانهارت المالية العامة، واستُنزف احتياطي مصرف لبنان من الدولارات، بسبب اعتمادات الفيول وغيره من المحروقات لزوم المؤسسة.
وهنا يسأل بيضون عن مصير سلفة الكهرباء الأخيرة التي ارتكزت خطة الكهرباء عليها لوعود بمنح تغذية كهربائية بين 8 إلى 10 ساعات، في حين لم يتحقق منها سوى 4 ساعات في أحسن الأحوال وبعد تأخر لأشهرٍ عدّة.
كذلك، ينتقد بيضون نسبة الـ20% الإضافية على سعر منصة "صيرفة"، والتي لم تكن واردة ضمن قرار مؤسسة كهرباء لبنان رفع التعرفة، وإنما جاءت ضمن كتاب لمصرف لبنان المركزي.
تبعاً لذلك، يرى بيضون أنّ المعيار المالي هو الذي يحكم أولاً وأخيراً مدى جدية الخطة ونجاحها وإمكانية الاستمرار بها ورفع التعرفة بالصيغة التي صدرت، و"هذا ليس من باب التشاؤم إنما الواقعية والحقيقة".