افتتحت "وول ستريت" تعاملاتها بعد فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بموجة من المكاسب، مسجلة مستويات قياسية جديدة تعكس تفاؤل المستثمرين بمستقبل السياسة الاقتصادية التي يتوقع أن تنتهجها الإدارة الجديدة، حيث يرفع الرئيس المنتخب شعار "لنجعل أميركا عظيمة من جديد".
وفي الدقائق الأولى من تعاملات يوم الأربعاء، قفز مؤشر داو جونز الصناعي بما يقارب 1400 نقطة، ليصل إلى مستوى قياسي، بزيادة تجاوزت 3.25% عن مستويات إغلاق يوم الثلاثاء. وكانت آخر مرة ارتفع فيها مؤشر داو جونز بأكثر من 1000 نقطة في يوم واحد في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. وسجل مؤشر إس أند بي 500 أيضًا مستوى قياسيًّا جديدًا، بعد ارتفاعه بأكثر من 2%، كما ارتفع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 2.5% تقريبًا، ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.
وتوقعت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأميركية فوز المرشح الجمهوري على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، بعد فوزه بـ 276 صوتًا في المجمع الانتخابي، بما في ذلك الولايات الحاسمة مثل بنسلفانيا، ونورث كارولينا، وجورجيا، وذلك على الرغم من عدم انتهاء عملية فرز الأصوات في بعض الولايات. وخلال فترة رئاسته الأولى، أكد ترامب متابعته لسوق الأسهم الأميركية في وول ستريت والبورصات الأخرى، معتبرًا ارتفاعها دليلًا على كفاءة سياساته الاقتصادية، ومن ثم نجاح إدارته للبلاد.
واحتفلت وول ستريت بعودة ترامب إلى البيت الأبيض، مدفوعة بآمال المستثمرين في استمرار خفض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية، التي من شأنها أن تعزز أداء الشركات وتدعم بيئة الأعمال. وأرجع محللون هذه المكاسب أيضًا إلى توقعات السوق بأن إدارة ترامب ستتخذ خطوات لتشجيع النمو الاقتصادي الداخلي، مما يزيد من جاذبية الأسهم الأميركية.
وكان من بين القطاعات التي حققت أداءً مميزًا في أعقاب فوز ترامب قطاع الطاقة، حيث يتوقع أن تشهد شركات النفط والغاز طفرة مع وعود ترامب بتخفيف القيود البيئية وإزالة العقبات أمام الحفر والاستخراج. ويتوقع أن يشهد قطاع التصنيع هو الآخر استفادة من الخطط الرامية إلى إعادة الوظائف الصناعية إلى الولايات المتحدة، مما يعزز الاستثمار الداخلي في هذا القطاع الحيوي. وارتفع صندوق التداول المتخصص في أسهم شركات الطاقة XLE بنسبة اقتربت من 4% في الساعة الأولى من تعاملات الأربعاء.
وشهدت أسهم شركة تسلا، التي يدعم رئيسها التنفيذي إيلون ماسك الرئيس المنتخب بشكل بارز، ارتفاعًا بنسبة 14%. كما حصلت أسهم البنوك على دفعة، حيث ارتفعت أسهم بنوك جي بي مورغان تشيس وبنك أوف أميركا وويلز فارغو بنسب تجاوزت 6%. أيضًا قفز مؤشر راسل 2000 للشركات الصغيرة بنسبة 4%. وتعتبر الشركات الصغيرة، التي تعتمد بشكل أكبر على السوق المحلية ودورات الاقتصاد، من المستفيدين الرئيسيين في وول ستريت من سياسات ترامب المتعلقة بخفض الضرائب والتوجهات الحمائية.
وفي سوق العملات المشفرة، ارتفعت عملة بيتكوين، التي قد تستفيد من تخفيف القيود التنظيمية، إلى مستوى قياسي جديد بلغ 75,000 دولار للوحدة الواحدة. وارتفع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى له منذ يوليو/تموز، مع توقع تعزيز الرسوم الجمركية التي يقترحها ترامب ضد شركاء التجارة الرئيسيين لقيمة الدولار، كما قفز العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى حوالي 4.47% بسبب التوقعات بأن خطط ترامب لخفض الضرائب وزيادة الإنفاق ستشجع النمو الاقتصادي، ولكن قد توسع أيضًا عجز الميزانية وتعيد إشعال التضخم.
وارتفعت أسهم "ترامب ميديا آند تكنولوجي غروب"، وهي شركة تواصل اجتماعي ترتبط بشكل وثيق بترامب، بنسبة 14% في تداولات متقلبة. وقال ديفيد بانسن، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة بانسن، لشبكة سي أن بي سي الاقتصادية: "حتى الآن، تعكس معنويات المستثمرين توجهًا داعمًا للنمو وتخفيف القيود وتنشيط الأسواق، كما يتضح من تحركات الأسواق الليلة الماضية. هناك أيضًا توقع بأن نشاط الاندماج والاستحواذ سيرتفع وأن مزيدًا من التخفيضات الضريبية قد يكون في الطريق أو سيجري تمديد القائمة الحالية، مما يوفر بيئة داعمة للأسهم".
وفي سباق الكونغرس، توقعت شبكة NBC News أن يحقق الجمهوريون السيطرة على مجلس الشيوخ. وقبل الانتخابات، كان من المتوقع أن يسيطر الديمقراطيون على مجلس النواب، لكن النتائج ما زالت غير مؤكدة، مما يترك الباب مفتوحًا لإمكانية سيطرة جمهورية كاملة على المجلسين، وهو ما يعرف بمصطلح "الاجتياح الأحمر". وقد يؤدي فوز الجمهوريين إلى تغييرات كبيرة في الإنفاق أو إعادة هيكلة جذرية للسياسة الضريبية.
وقال مارك موبيوس، رئيس صندوق موبيوس للفرص الناشئة، في تصريح لشبكة "سي أن بي سي" صباح الأربعاء: "يبدو أنه فوز رئاسي لترامب وأيضًا انتصار للجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ. إذا حدث ذلك، فسوف نشهد انطلاقة قوية للاقتصاد الأميركي".