بدأت أكثر من 100 ألف ممرضة اليوم الخميس إضراباً عن العمل في جميع أنحاء إنكلترا وويلز وأيرلندا الشمالية، احتجاجاً على عدم استجابة الحكومة لمطالبهنّ برفع الأجور بما يتناسب مع مستويات التضخّم غير المسبوقة.
ويستمرّ الإضراب حتى صباح يوم الغد الجمعة 16 ديسمبر/كانون الأول، على أن يتبعه إضراب ثان الأسبوع المقبل يوم 20 من نفس الشهر، وهو الإضراب الأكبر في تاريخ خدمة الصحة الوطنية NHS منذ تأسيسها قبل 106 أعوام.
وستتأثر قطاعات صحية كثيرة بالإضراب، الذي سيؤدي إلى مزيد من التأجيل في مواعيد الاستشارة الطبية والعلاج، بما فيها العلاج الكيميائي وغسيل الكلى ووحدات الطوارئ الخاصة بالأطفال.
يُذكر أن المملكة المتحدة تعاني اليوم من انتشار كبير في بكتيريا الحمّى القرمزية بين الأطفال بشكل خاص، ما تسبّب بوفاة 15 طفلاً خلال الشهرين الماضيين فقط، هذا بالإضافة إلى تأثر وحدات العناية المركزة للبالغين وللخدّج.
وقلّل رئيس اتحاد NHS، ماثيو تايلور، من خطورة هذا الإضراب على الصحة العامة، مؤكداً ثقته بأن "المرضى لن يشهدوا ضرراً كبيراً" وأن مستوى الخدمة لن يكون أقلّ مما هو عليه في العطلات الرسمية.
أما الكلية الملكية للتمريض فأعلنت أن الإضراب لن يشمل أقسام العمليات الجراحية العاجلة التي يجب على مرضى السرطان الخضوع لها في هذا اليوم، كما أنها لن تشمل كل أقسام الطوارئ الخاصة بالأطفال، بل بعضها فقط.
وكانت الكلية الملكية للتمريض قد طالبت بزيادة في الأجور بنسبة 19 بالمائة نظراً للمستوى القياسي الذي وصل إليه التضخّم حيث "بات من الصعب جذب المزيد من الممرضين ومن ثم الاحتفاظ بهم".
لكن الحكومة اعتبرت تلك المطالب "غير محتملة" وتفوق طاقتها على الإنفاق، إذ صرّح وزير الصحة ستيف باركلي بأن الحكومة "ممتنة للغاية" للممرضات لكنها "لن تستطيع تحمّل زيادة الأجور المطلوبة"، مشيراً في حديثه للصحافيين في مستشفى "تشيلسي أند ويستمينستر" إلى أن "الضغوط الاقتصادية التي نواجهها، تجعلنا غير قادرين على تحمّل هذه الزيادة". يُذكر أن الأجور السنوية للممرّضات تتراوح بحسب الخبرة بين 27,055 و54,619 جنيهاً إسترلينياً.
ويُظهر تحليل أجراه مركز أبحاث "نافيلد تراست" لصالح "بي بي سي" أن أكثر من 40 ألف عامل صحي استقالوا العام الماضي من NHS، أي ما يعادل واحداً من كل تسعة ومعظمهم من الممرضات اللواتي يتمتعن بدرجة عالية من المهارة والمعرفة ولا تزال أمامهن سنوات طويلة لممارسة العمل.
وذكر مركز الأبحاث أن الحكومة لم تقم بأي إجراء لوقف مغادرة الممرضات وموظّفي القطاع الصحي، على الرغم من أن الرقم أعلاه يمثل "جرس إنذار" في قطاع صحي تردّت خدماته كثيراً خلال الأعوام الماضية.
ويُظهر التحليل أن "الإجهاد وعدم القدرة على الموازنة بين العمل والحياة الشخصية"، إضافة إلى العامل الاقتصادي، كانت من ضمن أبرز الأسباب التي دفعت هذا العدد الكبير إلى مغادرة خدمة الصحة الوطنية.
وحين تعقّب مركز الأبحاث بعض الممرضات المستقيلات تبيّن أنهن لجأن إلى أعمال تجارية ربحية على الإنترنت، أو إلى قطاع المقاهي والمطاعم، أو حتى السوبرماركت، حيث الأجور الشهرية أفضل بكثير.
وأوصت خدمة الصحة الوطنية المواطنين اليوم بعدم التردّد بالحصول على الاستشارة الطبية خلال الإضراب، وبالتوجّه إلى أقرب مركز طوارئ في الخدمة، أو الاتصال بـ999 في حالات الطوارئ القصوى.