فوجئ أصحاب العربات وسيارات النقل بزيادة جديدة في رسوم التأمين لتُضاف إلى قائمة الزيادات الخفية التي لم تفصح عنها الحكومة صراحة في قانون المالية لسنة 2016.
وانتقد أصحاب العربات رفع تعريفة التأمين رغم رداءة الخدمات التي تقدمها الشركات المختصة وطول آجال استرجاع التعويضات في حال التعرض لحوادث، معتبرين أن الدولة باتت تبحث عن كل المنافذ المؤدية لتعبئة الموارد المالية لسداد عجز الموازنة حتى لو أدى ذلك لعجز المواطن.
ويهدد أصحاب سيارات النقل الخاص (سيارات الأجرة) بالدخول في إضراب بسبب مواصلة الدولة إثقال كاهلهم بالزيادات غير المبررة، وفق تأكيدهم.
ويقول رئيس غرفة أصحاب سيارات الأجرة معز السلامي، إن الحكومة تتعامل مع أصحاب السيارات على أنهم يمتلكون مؤسسات، معتبرا أن تواصل الزيادة في الضرائب المفروضة عليهم وفي رسوم التأمين سيؤدي إلى إفلاس العديد منهم.
ولفت السلامي في تصريحات لـ "العربي الجديد" إلى أن أصحاب السيارات "صُدموا" بزيادة جديدة في رسوم التأمين فاقت 10% عن تعريفة العام الماضي، مشيرا إلى أن الزيادات بلغت أقصاها في التأمينات والضرائب المفروضة على أصحاب العربات.
وعبرت منظمات مهنية على غرار منظمة الفلاحين وأصحاب الشركات الصناعية الصغرى ومؤسسات النقل الخاصة عن عدم رضاها على هذه الزيادات، معتبرة أن الوضع الاقتصادي الصعب يفترض تخفيف الأعباء على المؤسسات الصغرى لا مزيد من إغراقهم بمصاريف جديدة.
وتبرر الجامعة التونسية لشركات التأمين مراجعة التعريفات بالإصلاحات المقررة في القطاع، بهدف دعم مكانة شركات التأمين في القطاع المالي للدولة تطبيقا لتوصيات البنك الدولي.
وقال رئيس الهيئة العامة للتأمين حافظ الغربي، إن نتائج الدراسة التي أوصى بها البنك الدولي لتطوير القطاع في الفترة المتراوحة بين 2015 إلى 2019، أفضت إلى ضرورة زيادة رسوم بعض أصناف التأمين تدريجيا وخاصة التأمين على العربات، معتبرا أن أوضاع هذا النوع من التأمينات صعبة في الوقت الحالي بسبب حجم التعويضات المالية التي تصرف لأصحاب السيارات وارتفاع نسبة حوادث المرور.
وبلغت تعويضات تأمين السيارات سنة 2014 وفق رئيس الهيئة العامة للتأمين، أكثر من 600 مليون دينار (300 مليون دولار).
وتقوم العلاقة بين مؤسسات التأمين والعملاء في تونس على عدم الثقة، ففي الوقت الذي تتهم فيه شركات التأمين العملاء بالغش وافتعال الحوادث للحصول على تعويضات، يؤكد العملاء أن أغلب الشركات تماطل في دفع تعويضاتهم، معتبرين أن التعريفات المعتمدة لا تتماشى والخدمات المقدمة.
اقرأ أيضاً: تونس تتوقع طفرة في الاستثمارات الأجنبية
وتقدر خسائر قطاع التأمين في تونس جراء عمليات الغش والحوادث المفتعلة، وفق بيانات الهيئة العامة للتأمين، بنحو 150 مليون دينار سنويا (75 مليون دولار).
وتشير البيانات ذاتها إلى أن هذه الظاهرة تفاقمت بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، حيث زادت عمليات الغش في القطاع بنسبة 10% من رقم معاملات القطاع المقدر بحوالي 1400 مليون دينار.
وتعتبر هيئة التأمين أن عمليات الغش تؤثر على القطاع بسبب صرف تعويضات هي في الأصل وهمية، مؤكدة أن نسبة اكتشاف الغش حاليا لا تتعدى 25%.
وفي المقابل أثبتت دراسة أجراها المعهد الوطني للاستهلاك حول التأمين شملت إقليم تونس الكبرى أن 55% من ساكني إقليم تونس الكبرى غير راضين عن خدمات شركات التأمين، وأكثر من 46% يتوجهون إلى القضاء لفض مشاكلهم مع هذه الشركات.
كما أبرز ت الدراسة ذاتها أن 51.3% من العينة المستجوبة غير راضية عن نوعية الخدمات، وذلك فيما يتعلق أساسا بسرعة الاستجابة لمطالبهم في الآجال المحددة.
وأبدى 84% من المستجوَبين عدم رضاهم عن سرعة صرف التعويضات وقال 58% منهم إنه ليس لديهم الثقة في شركات التأمين.
ويوصف قطاع التأمين في تونس بحسب الخبراء في الميدان بالضعيف بسبب تواضع مساهمته في الاقتصاد الوطني حيث لم تتجاوز نسبة هذه المساهمة 0.02% العام الماضي، كما لا يتعدى معدل إنفاق المواطن التونسي على التأمين 142 دينارا سنويا أي زهاء 71 دولارا.
وتعمل الهيئة العامة للتأمين على الرفع في مساهمة القطاع في الاقتصاد التونسي إلى 3% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2020 .
ويوصى البنك الدولي بضرورة تعزيز وهيكلة القطاع والارتقاء بخدماته لمواجهة المنافسة الخارجية، مشيرا إلى أن التأمين في تونس لا يزال دون المأمول.
وشدد البنك الدولي على ضرورة تنويع منتجات التأمين وتحسين جودة الخدمات وفق التعاليم المفروضة لضمان الصلابة المالية لمؤسساته.
وتخشى شركات التأمين من عدم قدرتها على المنافسة الخارجية في حال إنهاء المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول تحرير قطاع الخدمات، وهو ما جعل المشرفين على القطاع يستعجلون بالدخول في إصلاحات ستتواصل للسنوات الخمس القادمة.
وتتكون سوق التأمين في تونس من 22 مؤسسة تونسية و3 مؤسسات أجنبية، وتختص 5 مؤسسات منها في التأمين على الحياة وأخرى للصادرات وثالثة لإعادة التأمين ومؤسسات في التأمين التكافلي.
اقرأ أيضاً:
إضراب سائقي النقل يعطّل تونس
تونس تمدّد ساعات فتح الأسواق تفادياً لغضب التجار