سجل الريال الإيراني مستوى قياسياً منخفضاً مقابل الدولار، أمس الإثنين، في علامة على المخاوف المتعلقة بقدرة البلاد على جذب أموال أجنبية بعد تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مقاليد السلطة.
وبلغ سعر صرف الريال الإيراني في السوق الحرة 41 ألفا و500 ريال مقابل الدولار، انخفاضا من نحو 41 ألفا و250 ريالا يوم الأحد، ومقارنة مع 35 ألفا و570 ريالا في منتصف سبتمبر/ أيلول.
وقال متعاملون إن أضعف مستوى للعملة الإيرانية قبل هذا الشهر بلغ حوالي 40 ألف ريال مقابل الدولار والذي سجلته في أواخر 2012.
وعزا خبراء اقتصاديون الانخفاض إلى بعض العوامل، من بينها صعود الدولار أمام كثير من العملات في الأسابيع القليلة الماضية، وحالة الضبابية التي تسبق الانتخابات الرئاسية في إيران العام المقبل.
وأضافوا أن انتخاب ترامب في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني يمثل أيضاً عاملاً رئيسياً. وكان ترامب قد صرح أنه سيلغي الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية، والذي فرض قيودا على مشاريع طهران النووية ورفع العقوبات عن الاقتصاد الإيراني في يناير/ كانون الثاني الماضي.
ومن شأن ذلك أن يعرقل جهود طهران الرامية لجذب أموال أجنبية بعشرات المليارات من الدولارات لمساعدتها على تطوير اقتصادها. وكانت التدفقات الواردة إلى البلاد منذ يناير/ كانون الثاني أقل مما توقعته الحكومة، وهو ما يرجع لأسباب من بينها خشية البنوك الدولية الكبرى من الوقوع في مشكلات قانونية مع الولايات المتحدة إذا تعاملت مع إيران.
ويعتقد محللون أن واشنطن ستحجم عن إلغاء الاتفاق لكنها قد تطبق العقوبات المتبقية على طهران بشكل أكثر صرامة. وعلى أقل تقدير، فإن الغموض الذي يكتنف نوايا واشنطن قد يجعل الشركات في أرجاء العالم أكثر حذرا بشأن التجارة مع إيران أو الاستثمار فيها.
وقال الخبير الاقتصادي الإيراني بيجان بيداباد، لوكالة "رويترز"، "لم يكن تدفق العملة الأجنبية على البلاد بالقدر الذي توقعته الحكومة بعد الاتفاق النووي".
في الوقت نفسه، فإن السياسات الداعمة للنمو في إيران عززت المعروض النقدي، وأدى هذا إلى تغيير النسبة بين العملة المحلية والأجنبية ورفع سعر الصرف، بحسب بيداباد.
ونفى مسؤولون إيرانيون وجود أي علاقة بين نتيجة الانتخابات الأميركية وهبوط الريال. وعزا صمد كريمي، مدير إدارة الصادرات بالبنك المركزي الإيراني، الهبوط إلى ارتفاع مؤقت في الطلب على الدولارات لأغراض السفر والتجارة في نهاية العام، بحسب ما أوردته وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء الرسمية.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت، أمس الإثنين، إن هبوط الريال يرجع إلى "أسباب نفسية" وإن الحكومة تأمل بتعافيه خلال أيام.
ورغم ذلك أبلغ متعاملون في بعض مكاتب الصرافة بطهران رويترز، أنهم لم يشهدوا زيادة مفاجئة في الطلب على الدولار خلال الأسابيع الماضية بما يشير إلى أن أسباب تراجع الريال ربما تكون مزمنة.
وإذا استمر ذلك، فإن ضعف الريال قد يصير مشكلة سياسية قبيل الانتخابات الإيرانية المقررة العام القادم، حيث من الممكن أن يشكل خطرا على بعض الإنجازات الاقتصادية للرئيس حسن روحاني الذي تولى الحكم في 2013.
وعملت حكومة روحاني على إعادة الاستقرار للعملة بعد سنوات من التقلب.
وإلى جانب سعر الصرف في السوق الحرة، تستخدم إيران سعراً رسمياً يبلغ حالياً 32317 ريالا للدولار في بعض التعاملات الرسمية.
وتسببت الفجوة الآخذة في الاتساع بين السعرين الرسمي والحر في تصريف العملة الصعبة خارج النظام المصرفي الرسمي. ولمواجهة ذلك سمحت الحكومة لبعض البنوك يوم السبت، بالتعامل بالأسعار الحرة.
يذكر أن سعر الريال الإيراني انخفض إلى مستوى قياسي جديد أمام الدولار الأميركي، يوم الأحد الماضي، ليواصل هبوطه المستمر منذ ستة أشهر، ويخسر نحو 19% من قيمته رغم رفع العقوبات عن إيران.
وكان للعقوبات العالمية التي فرضت على إيران عام 2012 تأثير كبير على الريال، الذي انخفض إلى 35000 ريال مقابل الدولار من نحو 10000 قبل عامين.
(رويترز، العربي الجديد)