مع تغلغل رؤوس الأموال الصينية في مفاصل الاقتصاد الإسرائيلي، ترتفع أصوات من داخل الكيان الصهيوني، تطالب بفحص ودراسة أنشطة العملاق الآسيوي في المرافق الاقتصادية داخل الأراضي المحتلة، خاصة في إدارة الموانئ والمرافئ.
وتسعى الصين إلى ضمان حضور قوي في الموانئ التي تسيطر فيها شركات الشحن والنقل البحري الصينية على جملة من المرافئ في الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
وقد نشر السفير الإسرائيلي السابق لدى عمّان، عوديد عيران، في هذا السياق، دراسة مسهبة حول الاستراتيجية الصينية في إرساء حضور فاعل في سلسلة موانئ في الشرق الأوسط، بعدما باتت تسيطر فيها الشركات الصينية الكبرى في هذا المجال على حركة الشحن والتفريغ، بما يضمن طريق التجارة البحرية لأوروبا.
وتمر نحو 80% من الصادرات الصينية لأوروبا بموانئ البحر المتوسط، بدءاً من مرفأ بورسعيد شمال مصر، وانتهاء بجزيرة بيروس اليونانية، التي باتت بعد سيطرة شركات النقل البحرية الصينية على 65% من أسهم إدارة مرافئها، بمثابة مدخل الصين أو بوابتها إلى أوروبا، بحسب إعلان رئيس الحكومة الصينية، لي كي كيانغ، في يونيو/حزيران 2014.
ويرسم عيران، صورة لنشاط الصين البحري في شرق آسيا وجنوب شرق آسيا، وسيطرتها على سلسلة من الموانئ في الدول المحيطة بها على امتداد طريق تجارتها البحرية، وصولاً إلى ميناء غوادر الباكستاني، وهو ما عزز، ولا يزال، مخاوف وقلق نيودلهي وواشنطن من تبعات عسكرية مستقبلية محتملة للصين تهدد أمن الهند، وحتى ميناء تشاباهر في إيران، خاصة في ظل العلاقات التجارية الصينية الإيرانية واعتماد الصين على النفط العربي، قبل رفع الحظر عن إيران.
ومن المتوقع أن تتطور العلاقات الاقتصادية بين الصين وإيران بعد رفع حظر التجارة عن طهران، ومن هناك، يمتد خط القلادة الصينية في نشاطها البحري ليطاول أيضا موانئ قطر والإمارات وعمان واليمن وجيبوتي والسودان وبورسعيد والإسكندرية، بما يشبه طريق تجارة التوابل من الشرق، التي سعت الدول الاستعمارية الأوروبية، في أوساط القرن التاسع عشر، للسيطرة عليها لضمان تجارتها ومصالحها في شرق آسيا.
ويشير عوديد عيران إلى أنه وسط الحماس، والضائقة، على حد سواء، التي ضربت الاقتصاد اليوناني ولهفة أوروبا على الوصول إلى حل لهذه الأزمة، لم تلتفت الدول الأوروبية إلى المخاطر والتداعيات الأمنية للوجود الصيني في جزيرة بيروس، مع ما يرافق ذلك في الوقت ذاته من وجود صيني في مرافئ تركية على شواطئ مرمرة.
كما تسعى الصين إلى ضمان محطات أخرى على الساحل الشرقي للمتوسط، تتمثل في فوز شركات صينية بعطاءات إدارة ميناءي أشدود وحيفا الإسرائيليين.
وتلفت الدراسة إلى أن مكامن القلق والخوف في هذا السيناريو لطريق الصين البحرية إلى أوروبا عبر المسار المذكور وصولا إلى بيروس في اليونان، هو في كون الشركات الصينية الكبرى العاملة في هذا المجال، وعلى رأسها شركة كوسكو China Ocean Shipping Company التي تأسست عام 1961، وشركة Ltd. Co Engineering Harbour China وشركة Construction Communications China هي شركات تسيطر عليها الحكومة الصينية، وبالتالي لن تكون اعتباراتها خالية من المصالح والتطلعات السياسية والأمنية الاستراتيجية لحكومة الصين.
وبحسب عيران، فإن المخاوف الإسرائيلية هي من وجود خطة استراتيجية صينية لتصميم قلادة لألئ صينية في المتوسط، على غرار تلك التي أوجدتها الصين في شرق آسيا وجنوب شرق آسيا.
وبحسب الدراسة الإسرائيلية، فإن عدم مناقشة ما حدث في حالة اليونان بشكل معمق، جماهيريا ومؤسساتيا، يفضل ألا يتكرر في الحالة الإسرائيلية، خاصة إذا تقدمت شركات صينية لمزيد من المناقصات في إسرائيل في مجال البنى التحتية مثل مشروع بناء السكة الحديدية بين ميناءي أشدود وإيلات، أو مشروع لتطوير ميناء إيلات.
اقــرأ أيضاً
ويرى أن نفس المعضلة التي ستواجهها الدول الأوروبية، خاصة في ظل العروض الصينية لشركات في اليونان وفي الدول الأوروبية خاصة الكتلة الشرقية، لمد سكك حديدية وبناء وتطوير مرافئ بحرية، في حال نشوء توتر بين الصين وبين الولايات المتحدة، في حسم مواقفها لجهة طرف من الاثنين، مع كون الدول الأوروبية جزءا من حلف الناتو، قد تتكرر في الحالة الإسرائيلية إذا أتيح للصين أن تمد من توغلها الاقتصادي في إسرائيل نفسها.
وفي هذا السياق، يشير الكاتب إلى أنه على الرغم من أن الوجود الصيني في حوض المتوسط اقتصر لغاية الآن على طابعه الاقتصادي، وعلى زيارات معدودة للسفن الحربية الصينية للمتوسط، للمساعدة مثلا في عمليات إنقاذ
وإخراج 30 ألف عامل صيني علقوا في ليبيا، عام 2011، وفي إخراج السلاح الكيماوي من سورية عام 2014 بمساعدة سفينة حربية صينية، فإنه لا توجد لغاية الآن دلائل بشأن مطامع استراتيجية صينية في المنطقة لجهة الإبقاء على تواجد عسكري للصين بشكل دائم في البحر المتوسط.
إلا أن ذلك لا ينفي أن يحدث تحول في الموقف الصيني العام، وهو ما قد يضع الدول الأوروبية عندها في حالة مواجهة وحرج كبيرين إذا قررت الصين الإبقاء على قوات لها كجزء من استراتيجيتها العالمية، ومن المنافسة بينها وبين الولايات المتحدة.
وبناء على هذه التجربة، وغياب الدراسة الأوروبية المعمقة لتداعيات الخطوات الصينية، فإن عوديد عيران، يرى ضرورة أن تدرس إسرائيل جيدا أي تطور في هذا الاتجاه لجهة منح مزيد من العطاءات للشركات الصينية، خاصة في ظل علاقات الصين التجارية مع العالم العربي، والتعاون العسكري بينها وبين إيران، ودعمها للمبادرة العربية من العام 2003.
ويشير إلى أن هناك من يعتقدون في إسرائيل أن الصين لا تعتبر إسرائيل سوى حبة لؤلؤ إضافية في قلادتها في المتوسط، وعلى حكومة إسرائيل أن تقرر ما إذا كانت تريد أن تتحول إلى حبة لؤلؤ إضافية في هذه القلادة.
ويدعو السفير السابق، إلى ترسيخ نمط خاص لاتخاذ القرارات في كل مكان يتعلق بالجوانب الأمنية والسياسية الخارجية لإسرائيل في تعاملها مع الشركات الدولية الكبرى، خاصة تلك التي تسيطر عليها حكومات دولها، عند تقدم هذه الشركات لمناقصات وعطاءات لبناء مشاريع، أو احتكار تفعيل منشآت استراتيجية تملكها الدولة وتلك التي تملكها شركات من القطاع الخاص.
ويخلص الكاتب في دراسته إلى وجوب الإبقاء في كل حال، على حرية تصرف حكومة إسرائيل بالقرارات التي تمس بالشأن الأمني وبعلاقاتها الخارجية.
اقــرأ أيضاً
وتسعى الصين إلى ضمان حضور قوي في الموانئ التي تسيطر فيها شركات الشحن والنقل البحري الصينية على جملة من المرافئ في الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
وقد نشر السفير الإسرائيلي السابق لدى عمّان، عوديد عيران، في هذا السياق، دراسة مسهبة حول الاستراتيجية الصينية في إرساء حضور فاعل في سلسلة موانئ في الشرق الأوسط، بعدما باتت تسيطر فيها الشركات الصينية الكبرى في هذا المجال على حركة الشحن والتفريغ، بما يضمن طريق التجارة البحرية لأوروبا.
وتمر نحو 80% من الصادرات الصينية لأوروبا بموانئ البحر المتوسط، بدءاً من مرفأ بورسعيد شمال مصر، وانتهاء بجزيرة بيروس اليونانية، التي باتت بعد سيطرة شركات النقل البحرية الصينية على 65% من أسهم إدارة مرافئها، بمثابة مدخل الصين أو بوابتها إلى أوروبا، بحسب إعلان رئيس الحكومة الصينية، لي كي كيانغ، في يونيو/حزيران 2014.
ويرسم عيران، صورة لنشاط الصين البحري في شرق آسيا وجنوب شرق آسيا، وسيطرتها على سلسلة من الموانئ في الدول المحيطة بها على امتداد طريق تجارتها البحرية، وصولاً إلى ميناء غوادر الباكستاني، وهو ما عزز، ولا يزال، مخاوف وقلق نيودلهي وواشنطن من تبعات عسكرية مستقبلية محتملة للصين تهدد أمن الهند، وحتى ميناء تشاباهر في إيران، خاصة في ظل العلاقات التجارية الصينية الإيرانية واعتماد الصين على النفط العربي، قبل رفع الحظر عن إيران.
ومن المتوقع أن تتطور العلاقات الاقتصادية بين الصين وإيران بعد رفع حظر التجارة عن طهران، ومن هناك، يمتد خط القلادة الصينية في نشاطها البحري ليطاول أيضا موانئ قطر والإمارات وعمان واليمن وجيبوتي والسودان وبورسعيد والإسكندرية، بما يشبه طريق تجارة التوابل من الشرق، التي سعت الدول الاستعمارية الأوروبية، في أوساط القرن التاسع عشر، للسيطرة عليها لضمان تجارتها ومصالحها في شرق آسيا.
ويشير عوديد عيران إلى أنه وسط الحماس، والضائقة، على حد سواء، التي ضربت الاقتصاد اليوناني ولهفة أوروبا على الوصول إلى حل لهذه الأزمة، لم تلتفت الدول الأوروبية إلى المخاطر والتداعيات الأمنية للوجود الصيني في جزيرة بيروس، مع ما يرافق ذلك في الوقت ذاته من وجود صيني في مرافئ تركية على شواطئ مرمرة.
كما تسعى الصين إلى ضمان محطات أخرى على الساحل الشرقي للمتوسط، تتمثل في فوز شركات صينية بعطاءات إدارة ميناءي أشدود وحيفا الإسرائيليين.
وتلفت الدراسة إلى أن مكامن القلق والخوف في هذا السيناريو لطريق الصين البحرية إلى أوروبا عبر المسار المذكور وصولا إلى بيروس في اليونان، هو في كون الشركات الصينية الكبرى العاملة في هذا المجال، وعلى رأسها شركة كوسكو China Ocean Shipping Company التي تأسست عام 1961، وشركة Ltd. Co Engineering Harbour China وشركة Construction Communications China هي شركات تسيطر عليها الحكومة الصينية، وبالتالي لن تكون اعتباراتها خالية من المصالح والتطلعات السياسية والأمنية الاستراتيجية لحكومة الصين.
وبحسب عيران، فإن المخاوف الإسرائيلية هي من وجود خطة استراتيجية صينية لتصميم قلادة لألئ صينية في المتوسط، على غرار تلك التي أوجدتها الصين في شرق آسيا وجنوب شرق آسيا.
وبحسب الدراسة الإسرائيلية، فإن عدم مناقشة ما حدث في حالة اليونان بشكل معمق، جماهيريا ومؤسساتيا، يفضل ألا يتكرر في الحالة الإسرائيلية، خاصة إذا تقدمت شركات صينية لمزيد من المناقصات في إسرائيل في مجال البنى التحتية مثل مشروع بناء السكة الحديدية بين ميناءي أشدود وإيلات، أو مشروع لتطوير ميناء إيلات.
ويرى أن نفس المعضلة التي ستواجهها الدول الأوروبية، خاصة في ظل العروض الصينية لشركات في اليونان وفي الدول الأوروبية خاصة الكتلة الشرقية، لمد سكك حديدية وبناء وتطوير مرافئ بحرية، في حال نشوء توتر بين الصين وبين الولايات المتحدة، في حسم مواقفها لجهة طرف من الاثنين، مع كون الدول الأوروبية جزءا من حلف الناتو، قد تتكرر في الحالة الإسرائيلية إذا أتيح للصين أن تمد من توغلها الاقتصادي في إسرائيل نفسها.
وفي هذا السياق، يشير الكاتب إلى أنه على الرغم من أن الوجود الصيني في حوض المتوسط اقتصر لغاية الآن على طابعه الاقتصادي، وعلى زيارات معدودة للسفن الحربية الصينية للمتوسط، للمساعدة مثلا في عمليات إنقاذ
إلا أن ذلك لا ينفي أن يحدث تحول في الموقف الصيني العام، وهو ما قد يضع الدول الأوروبية عندها في حالة مواجهة وحرج كبيرين إذا قررت الصين الإبقاء على قوات لها كجزء من استراتيجيتها العالمية، ومن المنافسة بينها وبين الولايات المتحدة.
وبناء على هذه التجربة، وغياب الدراسة الأوروبية المعمقة لتداعيات الخطوات الصينية، فإن عوديد عيران، يرى ضرورة أن تدرس إسرائيل جيدا أي تطور في هذا الاتجاه لجهة منح مزيد من العطاءات للشركات الصينية، خاصة في ظل علاقات الصين التجارية مع العالم العربي، والتعاون العسكري بينها وبين إيران، ودعمها للمبادرة العربية من العام 2003.
ويشير إلى أن هناك من يعتقدون في إسرائيل أن الصين لا تعتبر إسرائيل سوى حبة لؤلؤ إضافية في قلادتها في المتوسط، وعلى حكومة إسرائيل أن تقرر ما إذا كانت تريد أن تتحول إلى حبة لؤلؤ إضافية في هذه القلادة.
ويدعو السفير السابق، إلى ترسيخ نمط خاص لاتخاذ القرارات في كل مكان يتعلق بالجوانب الأمنية والسياسية الخارجية لإسرائيل في تعاملها مع الشركات الدولية الكبرى، خاصة تلك التي تسيطر عليها حكومات دولها، عند تقدم هذه الشركات لمناقصات وعطاءات لبناء مشاريع، أو احتكار تفعيل منشآت استراتيجية تملكها الدولة وتلك التي تملكها شركات من القطاع الخاص.
ويخلص الكاتب في دراسته إلى وجوب الإبقاء في كل حال، على حرية تصرف حكومة إسرائيل بالقرارات التي تمس بالشأن الأمني وبعلاقاتها الخارجية.