احتدم الجدل في الأردن مؤخراً، حول رفع الحد الأدنى للأجور البالغ حالياً 268 دولاراً، والذي تطالب به النقابات العمالية والبرلمان، بينما تعارضه بدرجات متفاوتة القطاعات الاقتصادية التي ترى فيه أعباء مالية إضافية تهدد استمرارها وتعزيز تنافسيتها محلياً وخارجياً.
ولم تفلح اللجنة الثلاثية المشكلة من ممثلين عن أصحاب العمل والحكومة والعمال، في التوصل إلى اتفاق حتى الآن حول الزيادة، لتتم إحالة الأمر إلى لجنة التنمية الاقتصادية الحكومية للبت فيه استناداً إلى نتائج دراسة أجريت بهذا الشأن.
وقال عدنان أبو الراغب، رئيس غرفة صناعة الأردن، ممثل أصحاب العمل في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه لم يتم الاتفاق بين أعضاء اللجنة الثلاثية على مقدار معيّن لزيادة الأجور.
وأضاف أبو الراغب، أن "أصحاب العمل لا يعارضون زيادة الحد الأدنى للأجور، لكن لا بد أن يتم ذلك بناء على أسس مدروسة تأخذ بعين الاعتبار معدل تضخم أسعار المستهلكين في آخر 5 سنوات، وكذلك واقع القطاعات الاقتصادية المختلفة والتحديات، والتي تواجهها، خاصة في هذه المرحلة بسبب الظروف المحيطة".
وتابع "البعض اقترح أن يرتفع الحد الأدنى للأجور إلى 338 دولاراً، وآخرون طالبوا بـ 420 دولاراً إلى جانب مقترحات أخرى، لكن دون اتفاق على هذه الزيادة".
وبحسب تقرير صادر عن المرصد العمالي الأردني نهاية أبريل/ نيسان الماضي، فإن سوق العمل الأردني يعاني من انخفاض ملموس وكبير في مستويات الأجور للغالبية الكبيرة من العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص، وهنالك فجوة كبيرة بين معدلات الأجور التي تحصل عليها الغالبية الساحقة، وبين قدرة هذه الأجور على توفير حياة كريمة لهم.
لكن رئيس غرفة صناعة عمّان قال إن أغلب العمال لدى القطاع الخاص يتقاضون أجوراً أعلى من المحدد من قبل الحكومة، لا سيما الذين يتمتعون بكفاءة وخبرة.
غير أن معتز أبو رمان، مقرر لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب (البرلمان) قال "آن الوقت لزيادة الحد الأدنى للأجور، بما يتناسب مع الأوضاع المعيشية الصعبة في الأردن، والتي تراجعت كثيراً في السنوات الأخيرة".
وأضاف أبو رمان في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن جهات من القطاع الخاص تضغط باتجاه عدم زيادة الحد الأدنى للأجور، أو على الأقل ألا تكون الزيادة مرتفعة، حفاظاً على مصالحهم، رغم أن مبلغ 268 دولاراً الحالي لم يعد يناسب ارتفاع الأسعار ومتطلبات المعيشة".
وأشار إلى أن زيادة الأجور تعزّز إنتاجية العامل، وتساهم في تحريك النشاط الاقتصادي بشكل عام وتوفير الأيدي العاملة المحلية، لافتا إلى أن ارتفاع البطالة التي تجاوزت 14.6% يعود في أحد أسبابه إلى تدني الأجور، حيث يعزف الأردنيون عن العمل لعدم كفاية الأجر، بينما يتم تشغيل الوافدين وفقاً لهذه المستويات.
وقد سجل معدل البطالة خلال الربع الأول من العام الجاري 2016، رقماً غير مسبوق منذ 15 عاماً، حيث بلغ 14.6%، وفق البيانات الرسمية.
ويرى خبراء، أن كل طرف سواء من أصحاب الأعمال أو النقابات العمالية يحاول الضغط بكل قوة لتحقيق أكبر مكاسب بشأن الاتفاق على زيادة الأجور.
وقال مازن المعايطة، رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، إن الاتحاد سيضغط باتجاه ألا يقل الحد الأدنى للأجور عن 420 دولاراً شهرياً.
وبحسب تصريحات صحافية مؤخراً لوزير العمل نضال القطامين، فإن الحكومة حريصة على إيجاد صيغة ومعادلة تضمن حق العمل بأجر مناسب في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
وكشف البنك الدولي مؤخراً أن 18.6% من مجموع الأردنيين مهددون بالانضمام إلى الفقراء الذين تبلغ نسبتهم حالياً 14.4%.
وقال سلامة الدرعاوي، المحلل الاقتصادي، إن 40% من دخل المواطنين ينفق على الغذاء، والباقي يذهب إلى سداد التزاماتهم الأساسية الأخرى من نقل وسكن وصحة ومدارس وغيرها، مما يعني أن جزءاً كبيراً من هذا الدخل سيتجه للخزينة من خلال دورة الاقتصاد.
وأضاف الدرعاوي لـ"العربي الجديد"، أن بقاء الحد الأدنى للأجور يجبر الشباب على العزوف عن العمل، معتبراً أن زيادة الأجور ستنعش مختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الأربع الماضية، وعدم وجود آليات وخطط سريعة لتحفيز الاقتصاد.
وكانت الحكومة قد ألغت الدعم الذي كانت تقدمه للمحروقات، وذلك اعتباراً من نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2012، كما اعتمدت خطة للرفع التدريجي لأسعار الكهرباء والمياه، مما أدى إلى زيادة الأعباء المعيشية للسكان.