أدى تجدد قصف طيران التحالف العربي على مواقع عسكرية في العاصمة اليمنية صنعاء إلى أزمة وقود خانقة وهلع في الأسواق ونزوح من الأحياء القريبة من ضواحي شمال المدينة حيث تدور أعنف المعارك بين قوات الشرعية الموالية للرئيس عبد ربه منصور والمتمردين الحوثيين.
وشن طيران التحالف العربي، مساء الإثنين، عشرات الغارات الجوية على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين بمنطقة أرحب القريبة من مطار صنعاء، فيما أعلنت قيادة الجيش الوطني عن عملية عسكرية لتحرير صنعاء من الحوثيين وقالت إن معركة الحسم بدأت.
وشهدت أسواق المدينة حالة من الهلع وأزمة خانقة في البنزين والديزل والغاز المنزلي، وطوابير المركبات أمام محطات الوقود مع ارتفاع الأسعار.
وقال سكان محليون إن الوقود اختفى من السوق الموازية في صنعاء بينما قامت محطات الوقود الرسمية برفع سعر الوقود إلى الضعف، في ظل تسابق المواطنين على تعبئة سياراتهم بالوقود تحسبا لحرب شوارع قد تشهدها المدينة.
وقال أحمد الخولاني لـ"العربي الجديد"، "بعد تجدد القصف الجوي ومع اقتراب المعارك وإغلاق مطار صنعاء، هرعت صباح الثلاثاء إلى محطة الوقود وتفاجأت بطابور طويل وبارتفاع أسعار البنزين من 3600 ريال إلى 6000 ريال للغالون سعة 20 لتراً، لكني دفعت المبلغ لتكون سيارتي جاهزة للنزوح إلى الريف في حال حدوث معارك".
وطمأنت شركة النفط اليمنية، الأربعاء، السكان بأن الوقود متوفر ولا داعي للهلع.
وقالت الشركة، في بيان، بخصوص الطوابير أمام محطات البترول والتي خلقت الهلع، "نستغرب من يقف وراءها ومن يفتعل الأزمة، ونؤكد للمواطنين أن المشتقات النفطية ما زالت تتدفق لخزانات الشركة وليس هناك ما يبرر هذا التخوف والهلع، والطوابير أمام المحطات".
وأكد الناطق باسم نقابة شركة النفط محمد الحمزي أن المشتقات النفطية متوفرة في محطات ومنشآت الشركة بكميات كافية للسوق المحلية.
وقال الحمزي لـ"العربي الجديد": "إن أزمة الوقود وارتفاع الأسعار سببها التلاعب من التجار منعدمي الضمير لاستغلال الهلع والخوف لدى المواطنين بسبب تجدد القصف الجوي".
وكانت جماعة الحوثيين قد أقرت، نهاية يوليو/تموز، رفع أسعار الوقود، ورفعت سعر ليتر البنزين الى 180 ريالاً من 140 ريالاً، وسيرتفع سعر غالون البنزين سعة 20 لتراً 3600 ريال من 2800 ريال".
واختفى غاز الطهو من أغلب معارض البيع الرسمية، فيما لجأت المعارض التي توفر المادة إلى رفع السعر إلى 4800 ريال من 3800 ريال.
وتسبب شبح الحرب في اختفاء المواد الغذائية وعلى رأسها القمح من الأسواق والمحال التجارية، مع اتهامات للتجار بإخفاء السلع بغرض بيعها لاحقا بسعر مرتفع، فيما سارع عدد كبير من السكان منذ يوم الثلاثاء إلى شراء المواد التموينية بكثرة، ما أدى إلى فراغ الأسواق من المنتجات.
وشهدت الأحياء الشمالية في العاصمة اليمنية والقريبة من مناطق القتال في الضواحي نزوحاً لعشرات السكان إلى أحياء في جنوب المدينة وإلى الأرياف.
ويعيش اليمن أوضاعاً اقتصادية صعبة ويواجه تحديات الفقر والبطالة، بالإضافة إلى تحديات أمنية، ويؤكد الخبراء أن اليمن لا يحتمل انفجار مواجهات مسلحة داخل العاصمة، فالاقتصاد اليمني في وضع مأساوي ويعاني من الركود الشامل والحرب ستؤدي إلى كارثة اقتصادية، وإلى تدمير البنية التحتية وإلى الانهيار الاقتصادي الشامل والإفلاس الكامل.
وتؤكد السلطة الشرعية لليمن أن الخيار العسكري أصبح هو الحاسم بعد فشل مشاورات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق.
وأحرزت قوات الجيش الوطني الموالية للشرعية تقدماً لافتاً خلال اليومين الماضيين في جبهة نهم وهي البوابة الشرقية في ضواحي العاصمة اليمنية.
وقررت قيادة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، فجر الثلاثاء، تعليق الرحلات في مطار صنعاء الدولي لمدة ثلاثة أيام، بسبب اقتراب المعارك بين الشرعية والمتمردين الحوثيين من محيط المطار، بالتزامن مع تجدد القصف الجوي لمواقع الحوثيين.
وقال مازن غانم، مدير النقل الجوي اليمني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن تعليق الرحلات لثلاثة أيام يكبد شركة طيران اليمنية خسائر كبيرة، كما يتسبب في خسائر لرجال الاعمال الذين علقوا اعمالهم ورحلاتهم بسبب إغلاق مطار صنعاء من قبل التحالف العربي.
وأبلغت وزارة الدفاع في المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفاً عربياً لدعم الشرعية في اليمن، الثلاثاء، الأمم المتحدة بتوقيف رحلات الطيران من وإلى مطار صنعاء لمدة 72 ساعة.
ووجهت خلية الإجلاء والعمليات الإنسانية بالوزارة مذكرة إلى مكتبي الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الرياض وفي عمان، أبلغتهما بقرار توقيف الرحلات في مطار صنعاء.
وأكد المتحدث باسم التحالف، اللواء أحمد عسيري، الأربعاء، استئناف التحالف غاراته على مواقع تابعة للمتمردين قرب العاصمة.
وقال عسيري في تصريحات لوكالة "فرانس برس" إن التحالف قرر تعليق الرحلات في مطار صنعاء حفاظاً على سلامة الطائرات، وإن التحالف يقدّم إسناداً جويا للجيش اليمني الشرعي، عبر استهداف تجمعات للمليشيات في محيط صنعاء.
في السياق توقع خبراء مصرفيون أن اقتراب المعارك من العاصمة صنعاء سيزيد من تخوف المودعين لدى البنوك من حدوث فوضى وتعرض المصارف للسطو المسلح، وبالتالي سيتجهون لسحب ودائعهم.
وقال أستاذ العلوم المصرفية رياض الغيلي لـ"العربي الجديد": "كما هو المعتاد في مثل هذه الظروف فإن رؤوس الأموال تتجه إلى تقليل المخاطر إلى الحد الأدنى، وهو الحد الذي يسمح بمزاولة النشاط الاقتصادي في حدوده الآمنة".
وأضاف: "أعتقد أنه لم يبق أكثر من 20% من أموال المودعين في البنوك على أكبر تقدير، وشحة السيولة النقدية في سوق صنعاء دليل على ذلك".
وأوضح أن المودعين العاديين سحبوا أموالهم بالكامل بشكل تدريجي منذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014.
ويعاني القطاع المصرفي اليمني من نقص في السيولة النقدية بالعملة المحلية، مما تسبب في حرمان جزء كبير من موظفي القطاع الحكومي المدني من استلام رواتبهم شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين.
وأدت أزمة السيولة إلى وضع البنوك التجارية قيوداً على عمليات سحب الودائع وحددت نهاية يونيو/حزيران المبلغ المسموح بسحبه، بمبلغ 300 ألف ريال، لكنها خفضت المبلغ منتصف يوليو/تموز إلى 60 ألف ريال فقط.