قالت مؤسسة "ستاندرد أند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني، يوم الاثنين، إن شركة البترول الفنزويلية المملوكة للحكومة تخلفت عن سداد 200 مليون دولار من الفوائد المستحقة على السندات التي أصدرتها.
وأشارت مؤسسة التصنيف الائتماني الأولى في العالم إلى أن ذلك يعد التخلف الأول للحكومة الفنزويلية في سلسلة من الإخفاقات في خدمة ديونها البالغة 60 مليار دولار، وذلك من بين إجمالي ديون بلغت 140 مليار دولار.
وجاء إعلان الوكالة بعد انتهاء اجتماع المستثمرين في تلك السندات مع ممثلي الحكومة الفنزويلية، والذي لم يستغرق أكثر من ثلاثين دقيقة، ولم يتحدث فيه سوى نائب الرئيس الفنزويلي طارق العيسمي، الذي كلفه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بقيادة فريق التفاوض مع الدائنين قبل أيام، والذي اتهمته الحكومة الأميركية بالضلوع في تجارة المخدرات قبل عدة شهور.
ووجد مستثمرو السندات الفنزويلية حرس الشرف في استقبالهم، كما فُرشت لهم السجادات الحمراء، ووزعت عليهم أكياس الشوكولاتة والقهوة الفنزويلية، إلا أنهم لم يسمعوا من أي من مستقبليهم أي كلمة تثلج صدورهم فيما يتعلق باستثماراتهم التي بدأ الأمل يخبو في استردادها.
وحمل العيسمي الرئيس الأميركي دونالد ترامب والممولين العالميين المسؤولية في تخلف حكومته عن الوفاء بالتزاماتها، وقال إنهم "تآمروا لمنع بلاده من دفع (فوائد) الديون في الوقت المحدد".
وتعهد بأن "تستمر فنزويلا في الوفاء بالتزاماتها، والعمل مع حاملي السندات لإيجاد سبل جديدة للحصول على أموالهم"، لكنه لم يقدم أي مقترحات ملموسة في هذا الخصوص.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات يوم الخميس الماضي على 10 من المسؤولين الحكوميين الفنزويليين الحاليين والسابقين، بدعوى تخريبهم للانتخابات، وتورطهم في الفساد.
وصعد ترامب مؤخراً حملة العقوبات على الدولة التي تعد الأكثر انتقاداً له في أميركا اللاتينية، مما حرمها من الوصول إلى أسواق الدين، وضاعف من صعوبة حصولها على التمويل الخارجي.
وفي تعاملات سوق نيويورك للأوراق المالية، انخفضت قيمة السندات الحكومية الفنزويلية لتصل إلى 30 دولارا لكل سند قيمته الأصلية 100 دولار، مما يعني أن السندات فقدت حوالي 70% من قيمتها.
وبعد إعلان إفلاس الحكومة الفنزويلية ارتفع العائد على سنداتها لأجل عشر سنوات ليصل إلى 36.8%، وهو ما يعني انخفاض قيمة السند، حيث توجد علاقة عكسية بين العائد المدفوع على أي سند وقيمته في السوق.
ويحق للمستثمرين في سندات حكومة فنزويلا، والبالغة 5 مليارات دولار، والتي تستحق في عامي 2019 و2024 أن يطلبوا استرداد استثماراتهم فوراً، كما أن أي استثمارات أخرى مرتبطة بها، إلا أن التوقعات تشير إلى أنهم لن يقدموا على هذه الخطوة العدوانية، لأنهم يأملون في التفاوض من أجل الحصول على أموالهم، حتى لو أتى ذلك متأخراً عن موعده.
لكن وكالة ستاندرد أند بورز الفنزويلية، تقول إن هناك فرصة 50% أن تتخلف فنزويلا مرة أخرى عن سداد التزاماتها في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة.
وتعاني فنزويلا من نقص حاد في السلع الأساسية، بما في ذلك الأدوية والمواد الغذائية، وتوقف البنك المركزي الفنزويلي عن نشر أرقام التضخم منذ عام 2015، لكن وكالة رويترز للأنباء قالت إنها اطلعت على بيانات تؤكد وصوله إلى 800% في 2016، وكان وقتها أعلى مستوى للتضخم شهدته أي دولة في العالم، في أي وقت مضى.
وارتفع التضخم مرة أخرى في 2017 ليتجاوز 1000%، كما أشار تقرير حديث لصندوق النقد الدولي إلى إحتمالية تجاوزه مستوى 2300% خلال عام 2018، وهو العام الذي يتعين على الحكومة الفنزويلية سداد 9 مليارات دولار من الديون المستحقة، بالإضافة إلى فوائدها، خلاله.
وتجاوزت ديون فنزويلا مبلغ 140 مليار دولار، أغلبها من روسيا والصين، بعد أن وصلت قيمة صادراتها من النفط إلى ربع ما كانت عليه في 2012 قبل انخفاض أسعاره، وحيث شكلت صادرات النفط 95% من إيرادات فنزويلا الخارجية.
وتسببت الأزمة السياسية المكثفة التي تفاقمت منذ عام 2014، ثم الانخفاض الكبير في أسعار البترول، في إحداث تأثير كبير على النشاط الاقتصادي في الدولة، ويتوقع صندوق النقد الدولي انخفاض إجمالى الناتج المحلي بنسبة 6% في العام القادم بعد انكماشه بنسبة 12% في عام 2017.